شهدت فرنسا، يوم أمس، مزيدا من الاحتجاجات الرامية إلى حمل الحكومة على التراجع عن رفع سن التقاعد، إلا أن الحكومة التي احتوت حتى الآن احتجاجات واسعة بما فيها مظاهرات أول أمس "غير المسبوقة"، حسب وصف النقابات، لا تزال مستمرة في تصلبها، ليتواصل ليّ الذراع بينها وبين المحتجين، حيث يتجه الوضع نحو التصعيد وفقا لمصادر اعلامية. وكانت النقابات قالت إن ما لا يقل عن ثلاثة ملايين شخص شاركوا في المظاهرات التي عمت فرنسا في إطار سلسلة من الإضرابات العامة، إلا أن وزارة الداخلية قدرت عدد المحتجين بنحو 825 ألفا فقط. وأوقفت أحدث الاحتجاجات إمدادات الوقود إلى مطار مدينة نانت غرب فرنسا, وكادت تشل الإمدادات إلى مطاري شارل ديغول وأورلي في باريس بسبب إضراب عمال المصافي, كما اضطربت حركة القطارات ومرافق أخرى عامة. وقالت وسائل اعلامية في باريس، إن المظاهرات التي نظمت أول أمس وصفتها النقابات المدعومة من أحزاب اليسار بأنها غير المسبوقة، أظهرت أن موجة الاحتجاجات لا تتراجع بخلاف ما يراهن عليه الرئيس نيكولا ساركوزي وحكومته. وأوضحت أن النقابات تطالب الآن بوضوح بالتخلي عن مشروع القانون الذي يفترض عرضه للتصويت الشهر المقبل, وبحوار مسؤول بشأن هذه القضية التي تهم ملايين الفرنسيين، مشيرة إلى أن النقابات مستمرة في تصعيد ضغوطها على الحكومة، موضحة أنها دعت إلى مظاهرات أخرى كبيرة بعد غد الثلاثاء. وتابعت أن الوضع يتجه إلى التصعيد في الأيام المقبلة مع إبداء النقابات تشددا أكبر واستمرار الحكومة في تصلبها. فيما أعلن قادة نقابيون، أن الاحتجاجات لن تفتر وأنها ستستمر إلى أن تتراجع الحكومة عن إصلاح نظام المعاشات. وفي وقت لاحق من يوم أول أمس، أعلن رئيس إدارة الطيران المدني باتريك غنديل استئناف إمدادات الوقود إلى مطاري العاصمة. وكان وزير الداخلية الفرنسي قد دعا قوات الأمن في وقت سابق إلى التعامل بهدوء مع الاحتجاجات، تحسبا لإثارة المحتجين، إلا أن ذلك لم يمنع من اندلاع صدامات خلفت بعض الجرحى والمعتقلين في مظاهرات، أول أمس، بما في ذلك في قلب العاصمة باريس. وأبدت أوساط سياسية ونقابية مؤخرا خشيتها من أن يشعل تصلب مواقف الحكومة والنقابات أعمال عنف في الشارع. وأعلنت الداخلية أنها اعتقلت 150 ممن وصفتهم بالمخربين على هامش المظاهرات الطلابية التي نظمت أول أمس في إطار يوم تعبئة جديد ضد إصلاح نظام المعاشات الذي يشمل رفع سن التقاعد من 60 إلى 62 عاما.