أجمع المشاركون في اليوم الدراسي الذي نظمته إذاعة القرآن الكريم احتفالا بمرور عشرين سنة على تأسيسها في يوم 12 جويلية 1991 م تحت شعار "عشرون سنة في خدمة الوطن والدين" بالنادي الثقافي للإذاعة الوطنية عيسى مسعودي على أن "اذاعة القرآن ساهمت بشكل فعال في نبذ العنف واستتباب الأمن والمصالحة الوطنية". وفي كلمته الافتتاحية للحدث الذي جرى، أول أمس الثلاثاء، أعلن المدير العام للإذاعة الوطنية توفيق خلادي أنه ضمن إعادة هيكلة الإذاعة الجزائرية ينصب اهتمامنا على توسيع دائرة الإذاعات الموضوعاتية ومن بينها إذاعة القرآن الكريم، مشيدا بدور هذه الأخيرة التي تعد أول إذاعة موضوعاتية أنشأتها الإذاعة الجزائرية في أحرج الفترات في التسعينات، حيث ولدت في فترة حاولت فيه عدة أطراف المتاجرة بالدين الإسلامي الحنيف لجر شبابنا باسم الدين إلى ما لا يحمد عقباه. وأكد خلادي في هذا الجانب على مساهمة إذاعة القرآن الكريم الفعالة في ترسيخ معاني الاعتدال والوسطية وكذا نبذ كل أشكال العنف والتطرف. وقال المدير العام للإذاعة الوطنية في ذات السياق "إن إذاعة القرآن الكريم على اعتبارها قناة متخصصة تمثل الفضاء الأمثل للإعلام الديني لما تقوم به من أجل ترسيخ مبادئ الإسلام الحنيف القائمة على الاعتدال والوسطية وترقية المواطنة وكذا المحافظة على المرجعية الدينية الجزائرية وتشجيع كل الطاقات الجزائرية المتخصصة في الموضوع الديني . واعتبر محمد زبدة أن إذاعة "القرآن" استطاعت على مدار 20 سنة المساهمة في استتباب الأمن و إقرار المصالحة الوطنية والسماح بعودة التائبين إلى المجتمع، مبرزا أن الموضوع الديني يعد من بين ثوابت الأمة ولذلك رسالتنا في التربية والتوجيه وإرساء ثقافة الحوار بين أفراد المجتمع تبقى متواصلة. وأكد محمد زبدة على أن الهدف من هذه الندوة الوقوف على تقييم عشرين سنة من العطاء الإعلامي لإذاعة عن طريق فسح المجال لإثارة العديد من الأسئلة والنقاش بين مختلف مديري وسائل الإعلام المسموعة وكذا المكتوبة والهدف هو الخروج بمجموعة من التوصيات تمثل تلخيصا لوجود إعلام ديني في الجزائر ووجوب تقيده بأخلاقيات المهنة وبمهمة إرشاد المجتمع وتوجيهه. وبدوره، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الشيخ بوعمران، فقد تمنى من جهته تحسين التواصل مع هذه الاذاعة الفتية التي ظل المجلس يتعامل معها منذ انشائها في سنة1991 مشجعا الطاقم الساهر عليها على النتائج المميزة المحققة. من جهته، شدد عدة فلاحي في تدخله على ضرورة التدقيق في هوية الأشخاص والعلماء الذين تتم استضافتهم، خاصة من قبل إذاعة القرآن الكريم، مشيرا إلى أنه حسب تصريحات وزير الشؤون الدينية تعتبر الجزائر الدولة الوحيدة في العالم العربي والإسلامي التي فتحت أبوابها للعلماء ولكن مع الأسف الكثير منهم أساءوا إلى الجزائر سواء بطريقة أو بأخرى من خلال فتاويهم، ولذلك التحقيق في هوية الأشخاص أمر ضروري ولا يمكن السماح لأي كان بالإساءة للجزائر على منبر جزائري. كما أكد عدة فلاحي دعم وزارة الشؤون الدينية لإذاعة القرآن من أجل العمل على تجسيد إعلام ديني هادف. من جانبه، أشاد رئيس المجلس الاعلى للغة العربية الدكتور محمد العربي ولد خليفة بالدور الذي لعبته اذاعة القرآن الكريم خلال 20 سنة من وجودها داعيا إلى تطوير مضمون برامجها بالدراسات التي تجري في العالم الإسلامي. وذكر نفس المتدخل بالمناسبة، بأن الدين الاسلامي بالجزائر كان بمثابة "الوقود" الذي حرك الحركة الوطنية ابتداء من الثورات الشعبية ومقاومة الأمير بعد القادرالى ثورة التحرير، متأسفا لبعض الفتاوى التي تسند حسبه إلى غير أهلها وتكره الناسفي الدين الذي وصفه بدين التسامح واليسر. هذا، وتخلل هذه الندوة عدة محاضرات ومداخلات نشطها مجموعة من الأساتذة والأكاديميين من جامعة الجزائر ووهران، من بينهم الدكتور أحمد عظيمي أستاذ في جامعة الجزائر الذي ركز في مداخلته حول " الإعلام الديني المحتوى والتأثير" على شروط رسالة الإعلام الديني التي يجب أن تكون حسبه مفهومة ومنطوقة بلغة بسيطة، داعيا إلى ضرورة تجديد الخطاب الديني وانشاء مراكز بحث تهتم بدراسة محتوى هذا الخطاب ومدى تأثيره على المتلقي. وأوضح عظيمي، من جهة أخرى، أنه مع بروز الفضائيات الدينية التي تروج لخطاب ديني مذهبي أن الجزائر تحتاج في هذا الوضع إلى وسائل إعلامية متعددة تهتم بالخطاب الديني حتى نصل إلى بث خطاب بنادي إلى التسامح والعمل ويخلق مواطنا صالحا يساهم في بناء الوطن. وفي تقييمه لمسار إذاعة القرآن الكريم، أبرز عظيمي الدور المعتبر الذي قامت به هذه الإذاعة في تقديم خطاب يتقبله المستمع، حيث تمكنت بفضل ما تبثه من برامح ينشطها أئمة أساتذة من تنوير بعض الشباب الذين غرر بهم وإعادتهم إلى جادة الصواب.