شهدت عمليات 20 أوت أول ملتقى في تاريخ الثورة بمنطقة الشمال القسنطيني، وفي الملتقى تقرر حذف مقطع " تحيا الجزائر بمصالي" من نشيد كان يردده المجاهدون منذ بداية الثورة، كما بدأت في الملتقى تظهر بعض الأنانيات عند بعض القادة وبدأ حب الزعامة يتمكن من أنفسهم، يضيف المجاهد شيدخ العيدوني في مذكرته بعنوان "مملكة الفلاقة" صدرت طبعته الأولى عن دار الهدى للنشر والتوزيع لسنة 2011 وأصبح كل واحد يرى نفسه هو الزعيم الممسك بزمام الأمور وعلى البقية طاعته، ومن هنا بدأت التصفيات الجسدية كما يقول هو. يكشف المجاهد عمر شيدخ العيدوني أن تنظيم 20 أوت 55 قام لإعداده كل من زيغود يوسف الفرقاني وعبد الله بن طوبال مع قائد أولاد عيدون السي مسعود بوعلي، وكانت الهجومات تكملة للعملية التي نفذوها يوم 09 ماي 55 على الساعة العاشرة ليلا، ودارت معركة بين الجيش الفرنسي و300 مسبل موزعين على عدة جهات سميت معركة "بوالقفش" بين أولاد قاسم والسطارة بالميلية، ودوار أولاد دباب، كما التقى الجيشان بالشمال القسنطيني بقيادة الشهيد علي فارح وقاموا بقطع الطريق بين القل والميلية وبين سكيكدة والميلية وتخريب الجسور وأسلاك الهواتف والكهرباء وحرق أملاك المعمرين من منطقة زاهر حتى جسر احزوزاين. وردا على جاك سوستال فكر في القيام بهجومات شرسة، فكانت هجومات 20 أوت 55، بالشمال القسنطيني، كما أشار المجاهد عمر شيدخ العيدوني إلى المجزرة التي وقعت في عين عبيد والتي قتل فيها أكثر من 500 أبرياء من جرائم الحرب، أما في أولاد عيدون فقد وقعت 11 معركة في مختلف مناطق أولاد عيدون ( بوسباية، مشاط كاتينة وغيرها) قتل فيها 45 من الجيش الفرنسي، وفي معركة كاتينة قتل الكولون المعمرون ومنهم ( ماصلو، كانتولي..)، كما استشهد فيها المجاهد علي بوزردام، الذي سميت على اسمه مدينة برج علي المعروفة باسم آراغو، وهي المنطقة التي وقعت في معركة شرسة بقيادة بن طوبال، لتكون آراغو أول مدينة استرجعها جيش التحرير من الاحتلال الفرنسي. ويذكر المجاهد شيدخ العيدوني في مذكراته أن المعركة التي استشهد فيها أحد أفراد المقاومة التونسية سي عبد الله الشلفي بحمام بني هارون قبل أن يلتحق بالثورة، قادها بن طوبال، ومن خلال شهادة المتحدث فإن المعارك كان مآلها إلى الفشل بسبب الخيانة، مثلما أشار في شهادته إلى المعركة التي وقعت في قسنطينة والتي قتل فيها المدعو علاوة عباس بشارع كليمونصو( طريق جديدة حاليا) من طرف المجاهدين لأنه كان يمثل فرنسا في النظام السياسي. مؤتمر الصومام هونوفمبر الثاني ويعرج الشاهد إلى أحداث مؤتمر 20 أوت الصومام 56 الذي كان بقيادة ( سعد دحلب، يوسف بن خدة، كريم بلقاسم، العربي بن مهيدي، وعبان رمضان)، ليؤكد أن فيه عرفت الشرعية والديمقراطية وفيه أعيد الاعتبار للعلماء والمثقفين، فكان نوفمبر الثاني، وفيه تم تقسيم النظام إلى أجهزة ( اقتصادي، مالي، أمني، سياسي) ومن خلال هذا التقسيم قضى مؤتمر الصومام على الفساد من عنابة إلى وهران والفوضى التي كان فيها المسؤول يقتل دون الرجوع إلى القانون والأحكام العرفية السائدة، حيث كون لجان العدالة، فكان كل من الشيخ الزاهي بمنطقة الميلية ولخضر بن عتيق، والسعيد بوزعبوش يقومون بمهام القضاة ولهم مساعدين، ماعدا الشمال القسنطيني والعاصمة ومنطقة القبائل لم تقع فيها الفوضى. غير أن البعض من جماعة أول نوفمبر حسب شهادة المجاهد عمر شيدخ العيدوني لم تكن راضية على المؤتمر وقامت بالطعن فيه وهم ( أحمد بن بلة، علي محساس وعلي كافي) لأنهم كانوا يريدون أن يكونوا ضمن أعضاء لجنة التنفيذ والتنسيق التي شكلها عبان رمضان، وراحوا بالقول أن جبهة التحرير الوطني هي جبهة الشعب الجزائري، بعدما اتهموهم بأنهم من المركزيين، وهي الأسباب التي أدت إلى اغتيال عبان رمضان، بشهادة علي منجلي عندما كان مسؤولا عن الجيش في الحدود التونسية، وكان علي منجلي الذي وصفه الشاهد بديغول الجزائر، وهو بصدد تنظيم الجيش بالحدود التونسية قد حقق في اغتيال عبان رمضان، وتبين أن عبان رمضان قتل ظلما وعدوانا وأن اغتياله جريمة لا تغتفر. علي منجلي يعرض على لجنة التأديب وبن طوبال يقوم بإعدام 08 مجاهدين شهدت عمليات 20 أوت أول ملتقى في تاريخ الثورة بمنطقة الشمال القسنطيني لتقييم ما أنجز وتحضير المراحل القادمة من المواجهة مع قوات الاستعمار، وكان الاجتماع في دوار بني صبيح في بيت مسؤول الدوار محمد بن الساسي، حضرت الملتقى قيادات الشمال القسنطيني وعلى رأسهم زيغود يوسف ونائبه الأول لخضر بن طوبال ومسعود بوعلي وصالح بوبنيدر، عمار بن عودة، علي منجلي عبد المجيد كحل الراس، صالح غربي المدعو بن عتيق، إسماعيل زيغد، عبد السلام بخوش المدعو عبد الوهاب، ومسعود بن الصم الشهير بالطاهيري، وفي الملتقى تقرر حذف مقطع " تحيا الجزائر بمصالي" من نشيد كان يردده المجاهدون منذ بدنية الثورة، كما بدأت في الملتقى تظهر بعض الأنانيات عند بعض القادة وبدأ حب الزعامة يتمكن من أنفسهم، يضيف المجاهد شيدخ العيدوني وأصبح كل واحد يرى نفسه هو الزعيم الممسك بزمام الأمور وعلى البقية طاعته. من هذا المنطلق حدثت ملاسنة بين بن طوبال وعلي منجلي بسبب رصاصة طائشة خرجت من مسدس علي منجلي واستقرت بالأرض، فعندما سمع بن طوبال صوت طلقة نارية سأل عن مصدرها وسبب إطلاقها، فقال له علي منجلي بأنها خرجت من مسدسه بشكل لا إرادي، فطلب منه بن طوبال أن يبحث عنها ويحضرها له، فلم يأخذ علي منجلي طلب بن طوبال مأخذ الجد ولم يكترث له، ولما علم بن طوبال أن علي منجلي لم يأخذ بأوامره خاطبه بلهجة حادة : " أنت إنسان رخيص" فرد عليه علي منجلي بالقول: " من يقول هذا الكلام هو الرخيص" فأمر بن طوبال رجاله باعتقاله وتقييده في انتظار عرضه على اللجنة التأديبية، ولكن علي منجلي رفض الامتثال إلا بحضور زيغود يوسف، وكان هذا الأخير ( زيغود يوسف) قد استصغر الأمر وأطلق سراح علي منجلي، قائلا له: " دع العاصفة تمر" وأمره بالعودة إلى عزابة ومتابعة عمله الثوري هناك، ولكنه أمر بتشكيل مجلس قضائي ينظر في مثل هذه النزاعات حتى لا يغضب بن طوبال. يقول العيدوني أن هذا الملتقى عرف منعرجا خطيرا، إذ كان بداية التصفيات الجسدية بأوامر مباشرة ودون محاكمة لمجرد الاشتباه في الانتماء أو التعاطف مع مصالي الحاج، أو أي تهمة توجه إلى أي فرد يراد التخلص منه، فقد أمر بن طوبال وأعوانه بن عودة وآخرين على هامش هذا الملتقى وفي غياب زيغود يوسف بقتل ثلاثة مجاهدين بتهمة المصالية وهي تهمة باطلة، والهدف منها كما جاء على لسانه إبعاد الثلاثي القسنطيني غيرة منه لعلمهم وثقافتهم الواسعة، كما اعدم 05 مجاهدين منهم بتهمة المصالية، وعلى إثر هذه القرارات دخل لمشلط والعربي الميلي مسؤول المنطقة الثانية، في نزاع عنيف حيث قال الأول: أنت تستهدف المثقفين بتهمة مزورة، فبكى العربي الميلي الذي كان مغلوبا على أمره وقال له أنت تتهمنا بالخيانة، يقول العيدوني أن الكل كان من تدبير الزوايا وألأحزاب السياسية الذين انضموا إلى الثورة. تصفية مجاهدي آراس فرجيوة لتمردهم على قادتهم يقول المجاهد عمر شيدخ العيدوني أن النجاحات التي حققتها أولاد عيدون وما غنمته من أسلحة جعلت بن طوبال يأمر بإنشاء ورشة صغيرة متنقلة لإصلاح السلاح وصيانته، كما فكرت في توسع نظامها نحو الجهات الأخرى، حيث سار ألمر في المنطقة الجنوبية حتى فرجيوة، غير أن مجاهدي آراس بفرجيوة حسب شهادة العيدوني رفضوا الانصياع إلى أوامر قادتهم المنحدرين من منطقة ميلة وتمردوا عليهم ولم يقبلوا العمل تحت لوائهم، واشتد الأمر بينهم حتى كاد ألمر يصل إلى الانتقال، لولا تدخل بن طوبال لفك النزاع، حيث قام بتجريدهم من السلاح وإبعادهم عن المنطقة وتحويلهم إلى أولاد عيدون والطاهير بغية تصفيتهم بتهمة التمرد.