كم هي غريبة تلك العلاقة التي تربط بين رجال ونساء عالم الفن بكل أطيافه وبين رجال السلطة والسياسة والمخابرات، فعلاقتهم تتجدد تلقائيا مع تغير الأجيال من الجانبين، فأهل الفن يحتاجون دوما لمن يبعد عنهم مضايقات ثقيلة الوزن وأهل السياسة يحتاجون للترويج لهم ولنجاحاتهم تمثيلا وغناء تماما، كما يحتاج رجال المخابرات لأسماء رنانة لا يساور أحد ما الشك حولها تدخل كل الأماكن وتقابل كل الشخصيات وتتعرف على ما يصعب على المتخصصين منهم معرفته بطرقهم التقليدية، والمعروف أن هذه العلاقات المشبوهة في كثير من الأحيان تتم في معظم الأحيان في شكل سري وبعيداً عن الأضواء، وفي أحيان قليلة في شكل شبه علني. بديعة مصابني وضعت الكازينو الخاص بها تحت تصرف القوات البريطانية بديعة مصابني أول ممثلة وراقصة رحلت من لبنان إلى مصر في مطلع القرن العشرين لتضع "الكازينو" الخاص بها وجميع العاملين به تحت تصرف القوات البريطانية طوال مدة الحرب العالمية الثانية ومن الطريف أيضا، أنها قدمت ثلاث راقصات أصبح لهن ارتباطات سياسية بشكل أو بآخر وهن على التوالي: حكمت فهمي رقصت أمام هتلر وموسوليني وتناولها فيلم "السادات" رقصت "حكمت فهمي" أمام هتلر وموسوليني، تعرفت على شاب ألماني أمه مصرية الذي كان جاسوسا لألمانيا، فتعرف بدوره على أنور السادات والفريق عزيز المصري وعرفت بأنها كانت تنسق اجتماعات هؤلاء الذين كانوا يرغبون في الاتصال بالألمان من أجل طرد الإنجليز من مصر، إلا أنهم وقعوا في يد المخابرات البريطانية، فصدر حكم ضد الراقصة بالسجن لمدة 30 شهرا وطرد السادات من الخدمة العسكرية، وقد تناولتها قصة فيلم أيام السادات الذي قدمه أحمد زكي قبل سنوات. سامية جمال بسبب حبها لفاروق أنهت علاقتها بفريد الأطرش الثانية "سامية جمال" وضعها خادم الملك فاروق الإيطالي أنطوان بوللي في طريقه فبدأت ترقص له وبسبب حبها لفاروق أنهت علاقتها بفريد الأطرش وهي الأخرى اتهمت بزيارة إسرائيل، فمثلت فيلمها عن فلسطين لدرء هذه التهمة. تحية كاريوكا عرفت بتماسكها وشجاعتها "تحية كاريوكا" هي الثالثة التي تخرجت من "كازينو بديعة"، وكانت شخصية معتزة بنفسها متفردة بتصرفاتها ولها باع طويل في المعترك السياسي، دخلت السجن في مطلع الثورة بتهمة التآمر على قلب نظام الحكم عام 1954، خرجت "كاريوكا" من السجن بعد ثلاثة أشهر، وعرف عنها تماسكها وشجاعتها في مواجهة فترة السجن فقامت في سجن النساء بنشاط لمحو الأمية، وقال عنها المفكر الفلسطيني "ادوارد سعيد" إن تحية "كاريوكا" مثل أم كلثوم تحتل موقع الرمز المرموق في الثقافة الوطنية، اشتهرت بكثرة الأزواج ومن بينهم الثري المصري محمد سلطان باشا، رشدي أباظة وأحمد ذو الفقار، وانتهى بها الأمر إلى الزواج من المخرج أحمد عبد السلام. أشيع عن راقية أنها يهودية وجاسوسة للموساد الفنانة "راقية إبراهيم" التي قدمت رصاصة في القلب أمام عبد الوهاب عام 1944 وأغنية حكيم عيون ولها 19 فيلما أشهرها "بنت ذوات" و"ماكنش على البال" و"ناهد وزينب"، أشيع أنها كانت على علاقة بالموساد فهي يهودية واسمها الحقيقي راشيل إبراهيم، ورغم أنها أعلنت إسلامها وتزوجت المهندس المصري المسلم مصطفى والي إلا أنها انفصلت عنه وهاجرت إلى الولاياتالمتحدة بعد قيام الثورة، بدون أسباب واضحة ثم عادت وتزوجت هناك من يهودي، وعملت في سكرتارية الأممالمتحدة إلى أن تقاعدت وافتتحت محلا للحلوى الشرقية، واختفى ذكرها ولا يعلم أحد عنها شيئا. برلنتي عبد الحميد ملكة الإغراء والتمثيل الفنانة "برلنتي عبد الحميد" ملكة الإغراء والتمثيل التي قدمت أفلام من بينها "سلطان 1958"، "سر طاقية الإخفاء 1959"، وآخرها "العش الهادئ" بمشاركة مع محمود ياسين وسمير غانم، تزوجت من المشير عامر عرفيّا لدواعي الأمن، والتي تتطلب عدم معرفة مكان المشير وتحركاته وكذلك لرغبة عبد الناصر الذي لم يحضر العرس، ولكنه كان دائم الزيارة لهما يشاركهما في المناسبات العائلية، وقام جهاز مخابرات صلاح نصر بجمع تحريات عن "برلنتي" خوفا من أن تكون جاسوسة مدسوسة، تستغل علاقتها بالمشير لتسريب أسرار البلاد وأثبتت التحريات براءتها، وكانت هذه أول سابقة لزواج السياسة بالفن في العالم العربي، "برلنتي" تركت الأضواء والفن عندما بلغ أجرها عن الفيلم الواحد وقتها "1500 جنيه" أي ما يعادل أعلى أجر تتقاضاه فنانات اليوم لتعيش بعد ذلك كزوجة وأم، ولتصبح شاهدة وأحيانا شريكة في أدق وأحرج لحظات هذا العصر مع المشير عامر. العندليب عبد الحليم حافظ ..وعلاقته بجمال عبد الناصر أما عن علاقة العندليب عبد الحليم حافظ بالرئيس عبد الناصر و"بثورة يوليو" فهي أكبر من أن نتناولها في جزء بسيط من موضوع فهو مطرب الثورة وكذلك علاقة أم كلثوم بهم وهي صاحبة المواقف الوطنية، والقريبة من السلطة، قامت بجولات فنية في العديد من الدول العربية والغربية لجمع تبرعات لبناء وتسليح الجيش المصري عقب هزيمة 1967 إلا أننا نكتفي هنا بما لا يعرفه الكثيرون، وهو أن كوكب الشرق كادت تصبح أول وزيرة في حكومة جمال عبد الناصر، حيث رشحها ضمن 10 شخصيات نسائية أخرى لاعتلاء وزارة الشؤون الاجتماعية، لكن المشير عامر اعترض على فكرة أن تكون هناك امرأة ضمن التشكيل الوزاري، فأرجأ عبد الناصر الفكرة حتى عرضها على الكاتب مصطفى أمين والذي اقترح بدوره أن تكون أم كلثوم وزيرة للثقافة، لكن عبد الناصر أراد أن تكون بمصر وزيرة واحدة، فاختار حكمت أبو زيد.