أعيد إحياء الاحتفالات الأولى لوقف إطلاق النار في الجزائر والتي شهدتها بلدية أمدوكال في الأوراس الأشم. الاحتفالات وإن بدت أقل رعاية ولم ينشغل بها الإعلام إلا أن بعدها التاريخي أكبر من كونه يوما عابرا، لقد تأتّى لأمدوكال أن تجمع قيادات مهمة في الثورة بعد أن كانت مركزا لمعارك ومحيطا لخطط ثورية، ولعل الالتفات إلى الذكرى ليس ردّة فكرية أو تراجعا في الوعي ولا هو بكاء على الأطلال، بل إنه يفوق الوعي بلحظة تاريخية مفصلية. إن أمدوكال 2009 هي لحظة حاسمة بعد أزيد من خمس وأربعين سنة عن الفرحة الأولى، فالفترة التي تم فيها الاحتفال وإن كانت منقطعة عن الكثير من باقي المناطق في الوطن، إلا أنها حلقة مهمة للبحث والتنقيب والتأريخ لثورة ما تزال تسع الكثير من التفاصيل والجزئيات التي تعيد للجزائري فرحه السليب وثقته المعلقة. نعتد بأمدوكال كما لو أننا في 1962 ونرى فيها كل قرى الجزائر التي احتفلت لاحقا باستقلالها ولكننا نجلّ لها أسبقيتها في تدشين الفرح وكشف الوجه الحر علنا وتعرية الاستعمار. في أيامنا هذه نحتاج إلى جلد وعزيمة الأرض التي تشكّل الوطن ولكننا نحتاج إلى جانب ذلك إلى قدرات الرجال الذين ينسجمون مع الأرض المقدسة، ونحتاج إلى إخلاص الرجال مع أنفسهم وتمكّنهم من اصطياد الحقيقة والنضال من أجلها دون التنازل من أجل مصالح دنيئة قد لا تتحقق، فلا يملكون ماضيهم ولا حاضرهم ولا يملكون أنفسهم.. البعض ذهب إلى أمدوكال والكثيرون لم يفعلوا ولكن هل يحفظ الكثيرون من الذين ذهبوا أو تخلفوا في دواخلهم ما يفي بالبقية؟ ذلك هو السؤال ذلك هو الرهان.