"وباء الإعتداء على الأصول بداية لنهاية مطاف الشعوب والجزائر اليوم تعتلي صدارة الظاهرة بقضايا يندى لها الجبين لتتحمل غاليا مسؤولية نقل آخر التكنولوجيات على حساب توعية الشعب وتعليمه القيم والأخلاق " هي شهادة سجلتها الأمة العربية عن الأستاذ "عمر مزيان" كاتب ومحامي وقاضي بالمحكمة العليا "سابقا" في لقاء جمعها معه بوهران ليكون منطلق موضوعنا وما ركز عليه في كلامه هو ضرورة إعطاء الأولوية لمعالجة مثل هاته القضايا "التي لا تبشر بالخير". الانحطاط الأخلاقي وغياب الوازع الديني ينذر بالكارثة وهي واحدة من الأسباب الاجتماعية التي دفعت الأبناء إلى التعدي على أصولهم والتخلي عن أوليائهم والإلقاء بهم إلى دور العجزة وعقوق الأبناء "يضيف محدثنا" قضية ليست بجديدة على مجتمعنا ولا هي وليدة اليوم فعصاة الوالدين يعيشون بيننا منذ الأزل لكن العقوق في زمن مضى لم يكن يتعدى مخالفة الوالدين في الرأي أو الفعل والخروج عن طوعهم في بعض الإختيارات الحياتية الناجمة عن اختلاف الأجيال والعقليات إلا أن الخلاف في زمننا تعدى الأحمر إلى السب والشتم والحرمان واللطم والضرب والتعذيب والإعتداء الجنسي فهذا هو الجديد الذي صار بمجتمعنا من المألوف وتبقى الأرقام المتراكمة بمختلف المصالح والهيئات المعنية عينة من الواقع لا الواقع بعينه بسبب تستر العائلة على أفعال فلذات كبدها ليتجرع الأولياء في صمت رهيب علقم الألم والأوجاع إلى أن تتوفاهم المنية حسرة وقهرا وحينها لا ينفع الندم على من لا يمكن تجديده.
توقيف 252 مُتهما أغلبهم مدمنون من مناطق فقيرة
حيث عالجت وحدات القيادة الجهوية الثانية للدرك الوطني بوهران عبر 11 ولاية من الغرب الجزائري التابعة لإقليمها في الفترة الممتدة من جانفي 2010 إلى 7 ديسمبر 2011 زهاء 271 قضية تخص الاعتداء على الأصول وتم توقيف من مجموع القضايا المعالجة 252 متهما أودع منهم 117 شخصا الحبس واستفاد 134 من المعتدين من الإفراج بسبب تنازل أقاربهم عن الشكاوى المودعة لدى المصالح وأغلبهم شباب تتراوح أعمارهم ما بين 18 إلى 30 سنة كانوا تحت تأثير المخدرات والأقراص المهلوسة أثناء قيامهم بأفعالهم الشنيعة في حق أقرب الناس إليهم دون شفقة أو رحمة وفي كل مرة يتحجج الأبناء ومعظمهم من الجنس الخشن بظروفهم الإجتماعية وهناك من يطلب العفو من والده وأمه ولرابطة الدم يُكفر عن الذنب.
وهران تتصدر القائمة خلال 2011 ب 35 قضية جديدة مقابل تلمسان ب 24 وحسب الترتيب والمقارنة بين سنتي 2010 و2011 يتبيّن أن ولاية وهرانوتلمسان يتنافسان على المرتبة الأولى حيث تحتل حاليا وهران المرتبة الأولي ب35 قضية خلال 2010 تم على إثرها إيقاف 34 متهما منهم تم إيداع 18 شخصا الحبس والإفراج عن 16 معتديا تليها تلمسان ب24 قضية وتوقيف 24 متهما ووضع 12 عاقا الحبس ثم الإفراج عن 12 منهم هذا الفترة الممتدة من جانفي إلى 7 ديسمبر 2011 وهي حصيلة ثقيلة مقارنة بسنة 2010 حيث كانت تلمسان في المرتبة الأولى ب42 قضية تليها معسكر ب23 ثم وهران ب20 قضية، خلال 2010 و16 قضية خلال 2011 ثم تيارت ب18 قضية خلال 2010 و20 قضية خلال 2011 فولاية غليزان ب7 قضايا خلال 2010 و14 قضية خلال 2011 فيما سجلت مستغانم 19 قضية، هذا وأرجعت الجهة الأمنية ذالك حسب التحقيقات في القضايا المسجلة إلى أسباب ودوافع اجتماعية يأتي في مقدمتها الفقر المدقع الذي تعاني منه الكثير من العائلات لاسيما المتكونة من عدة أفراد ناهيك عن عامل التفكك الأسري وما يعكسه ذلك من سلبيات في تصرفات الأبناء، بالإضافة إلى تغلغل أشكال الإدمان من تعاطي الحبوب المهلوسة والمخدرات داخل الوسط العائلي.
وكلما تغلغلنا نحو الجنوب تبدأ الأرقام في التناقص إلى قضية 1 بالنعامة لتبدأ الأرقام بالتناقص كلما اتجهنا نحو المناطق الداخلية والجنوبية الغربية بفعل خضوع جميع فئات المجتمع إلى أحكام وقرارات الأولياء وكبار العرش، خاصة بالمناطق الريفية، حيث سجل أصحاب البذلة الخضراء بسعيدة منذ جانفي 2010 إلى 9 ديسمبر من السنة الجارية 14 قضية فيما سجلت سيدي بلعباس 13 قضية فيما لم يتعدى عدد القضايا المطروحة خلال نفس المدة بولاية تسيمسيلت ال3 قضايا تليها البيض بقضيتين اثنين والنعامة بقضية واحدة. وهل ينفع القانون في ردع من لا يخشى ولا يحترم التشريعات السماوية فلا تخلو جلسة من محاكمنا إلا وتطرقت إلى قضية التعدي على الأصول، سواء جناية، جنحة أو مخالفة وحسب مصادرنا القضائية فإن عدد القضايا المتعلقة بالجرائم المرتكبة ضد الأصول المطروحة في المحاكم لا تمثل سوي واحد بالمائة فقط من العدد الحقيقي للقضايا التي تحدث يوميا بسبب تكتم أصحابها و عدم تبليغهم عنها لرابطة الدم وحرمة الأسر.وحسب القانون الجزائري فإن المشرع سلط أقصي العقوبات في حق من يعتدي على والديه سواء باللفظ أو بالضرب؛ حيث تصل العقوبة إلى السجن المؤبد والإعدام، وتنص المادة 267 من قانون العقوبات الجزائري على أن أي اعتداء على الأصول يؤدي إلى جرح أحد الوالدين بعقوبة تتراوح بين 5 و10 سنوات سجنا في حالة ما إذا لم يؤد ذلك لعاهة مستديمة والأمر يختلف في حالة ما إذا تسبب الاعتداء في إعاقة دائمة لأحد أو كلا الوالدين، فإن العقوبة يمكن أن تصل إلى 20 سنة، وتتضاعف إلى المؤبد في حالة ما إذا تسبب الاعتداء في الوفاة. وفي حالة ما إذا كانت الجريمة المرتكبة ضد الوالدين مع سبق الإصرار والترصّد، فإن العقوبة قد تصل إلى الإعدام أما إذا أقدم الأولاد علي وضع أبائهم في دور العجزة أو القوا بهم إلي الشارع أو قصرّوا في خدمتهم، فان العقوبة قد تصل إلي السجن لخمس سنوات وإذا كانت الظروف المالية للابن ميسورة، فقد تصل العقوبة إلي السجن مع مضاعفة الغرامات المالية. ويستثني مشروع القانون، الذي يجري إعداده إلزامية التكفل بأحد أو كلا الوالدين من طرف البنت المتزوجة إلا في حالة إذا كانت ميسورة الحال وغير متزوجة أو أرملة ولا يتم تجريم من يمتنع ظرفيا أو يتخلي نهائيا عن التكفل بوالديه كل من الإبن المريض أو الفقير لكن في حالة امتلاكه مأوى حسب مضمون القانون الذي شاركت في إعداده وزارة التضامن الوطني والعائلة تضمن منحه شهرية لتغطية النفقات. مديرية النشاط الإجتماعي بوهران تُأشر على ظاهرة التسول بالأولياء بالخانة السوداء ولعل خروج الوالدين إلى التسول وبسط اليد قر الشتاء وحر الصيف لتلبية حاجيات أبنائهم من المدمنين أحد أوجه التعدي في صورة أكثر بشاعة...بشهادة السيد "رحيم جمال" المسؤول الأول بمديرية النشاط الإجتماعي والتضامن بوهران حيث أفاد بأن شريحة النساء تمثل النسبة الأكبر من التسول حسب خرجات مصلحة المساعدة الاستعجالية المتنقلة مشيرا في سياق تدخله إلى أن الظاهرة مسؤولية الجميع ولا بد من تسليط أقصى العقوبات على مرتكبيها دون شفقة.
جمع 252 متسولة بوهران و191 امرأة بدون مأوى وبلغة الأرقام تم جمع 441 متسولا في الفترة الممتدة من جانفي إلى نوفمبر منهم 259 امرأة و83 رجلا هذا وسجلت ذات الجهة خلال نفس المدة 834 شخصا ضمن قائمة الأشخاص بدون مأوى منهم 191 إمرأة و606 رجلا. فيما حرم 67 مسنا بدار العجزة من دفء العائلة حرم 67 مسنا بدار العجزة من حضن العائلة لسبب أو لآخر ليفوق العدد بوهران طاقة الإستعاب ولعل قصة الأم التي رمى بها إبنها إلى إبن أخيها للاستيلاء على رزقها واحدة من قصص عقوق الأبناء وجحودهم وتخليهم عن أصولهم و تبدأ القصة باستدراج الأم المسنة من ولاية تيارت إلى ابن أخيها بوهران لتفقد الضحية ذاكرتها عبر الطرقات والأزقة لينتهي بها المطاف إلى دار العجزة.
··· علماء الدين يُحرمون الظاهرة ويعتبرونها من الكبائر
ويقف علماء الدين والشريعة الإسلامية خلال خطبهم في المساجد وكذلك الملتقيات الدينية عند الظاهرة حيث يحرّمونها تحريما قطعيا من منطلق الآيات القرآنية التي نزلت في حق أقرب الناس وهما الوالدين، حيث وصف داعية إسلامية صاحب زاوية لتعليم القرآن ببلدية الكرمة التابعة لدائرة السانيا بوهران الإمام "رومان" الظاهرة بالخطيرة جدا في ظل الانحطاط الأخلاقي وغياب الوازع الديني لدى شريحة كبيرة من الشباب الذين أهملوا حسبه دينهم واتجهوا إلى الملذات الدنيوية التي أضاعتهم وأخرجتهم عن طاعة الوالدين وخاصة الأمهات. وعلماء الإجتماع يدقون ناقوس الخطر ومن خلال الملتقيات التي ينظمها علماء الاجتماع وتناولوا من خلالها موضوع الاعتداء على الأصول، أرجع معظم المتدخلين الظاهرة إلى المشاكل الاجتماعية حيث أن معظم الشباب الذين اعتدوا على أقاربهم ينحدرون من مناطق فقيرة على غرار الأحياء الشعبية التي تشهد تناميا غير مسبوق للظاهرة، هذا إلى جانب مشاكل انعدام فرص العمل وانتشار البطالة في أوساط المجتمع حيث بيّنت التحقيقات الأمنية أن معظم الأشخاص الذين تورطوا في كل أشكال الجريمة ينحدرون من مناطق فقيرة ويعيشون تحت طائلة الفقر المدقع بعد أن غادروا المدارس في وقت مبكر وحسب بعض التحقيقات التي قامت بها فرق من علماء النفس والاجتماع، فإن الأطفال الذين غادروا المؤسسات التربوية في أوقات مبكرة اندمجوا مباشرة في عالم الانحراف والانحطاط الأخلاقي خاصة أمام غياب مؤسسات الدولة ودورها في انتشالهم من هذه الأوضاع ومهما كانت الأسباب من غياب للوازع الديني إلى المشاكل النفسية والإجتماعية والظروف الأسرية تبقى الظاهرة حسب المختصين في الإجتماع دخيلة تستدعي دق ناقوس الخطر وتدخل هيئات وجمعيات مدنية لتفعيل الحوار ولمّ الصدع بين الآباء وأبنائهم بعد أن وصل الحد بالأبناء إلى الإعتداء على الآباء والأمهات بالضرب والإهانة و التهديد وقال الله تعالى '' وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا. وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا'' ومن لا يخشى ولا يحترم التشريعات السماوية لا يمكنه أن يحترم قوانين الدولة هكذا أردنا أن نختم موضوعنا. أكبر مجرمي العصر خرجوا من رحم "ظاهرة التفكك الأسري" 5 آلاف حالة طلاق خلال كل شهر والمختصون يدقون ناقوس الخطر لأن قانون الأسرة الجديد منح للزوجة أسباب للمطالبة بحل عقد الزواج عن طريق التطليق أو الخلع ولأن الشرع والقانون كرس له حق العصمة...أصبح الطرفان يستعملان هذه الحقوق لأتفه الأسباب في المطالبة بفك الرابطة الزوجية لتدفع الذرية والمجتمع في الأخير الثمن غاليا حيث غزت حسب رجال القانون ظاهرة الطلاق بالجزائر المحاكم لتحتل النسبة الأكبر من القضايا بقسم شؤون الأسرة بمعدل 5 آلاف حالة طلاق شهريا فيما تصدرت القضايا التي يطالب فيها الزوج بفك الرابطة الزوجية عن طريق الطلاق القضايا المطروحة. هذا وتشير إحصائيات حديثة بأنه تم تسجيل 125183 حالة طلاق ما بين سنتي 2008-2011 إلى جانب 10128 حالة خلع وبالمقابل هناك تراجع كبير في الإقبال عن الزواج حسب ما كشف عن مركز الأنتربولوجيا الإجتماعية والثقافية بوهران ومن خلال القراءة والمتابعة أفاد الداعية الإسلامية الشيخ " مصطفى غلام " إمام بمسجد الحمري بوهران أن أكبر مجرمي العصر خرجوا من رحم البيوت التي يقع بها الطلاق وفي سياق حديثه قال الداعية إلى أن أبغض الحلال عند الله قد يكون هدم لبناء إن تأزمت العلاقة لسبب أو لآخر وخاصة ما تعلق بانحراف الزوج أو الزوجة وبهذا الكم من الأرقام طالب عدد من الباحثين الإجتماعيين التابعين للكراسك والمختصين النفسانيين والإجتماعيين بإشهار الضوء الأحمر ودق ناقوس الخطر مقارنة بعواقبها الوخيمة وأثارها النفسية خاصة وأن الزواج بصيغته الجديدة "حسب محدثينا " تحول إلى وسيلة لإشباع النزوات وتلبية للرغبات في ظل الغياب شبه التام للوازع الديني والثقافة الزوجية وخاصة بين الشباب حديثي الزواج، الشريحة التي تمثل النسبة الأكبر من الطلاق وكثيرا ما لا تتعدى الرابطة الزوجية الأسبوع دون استثناء الأسباب النفسية الداخلية والعوامل الإقتصادية والتباين الثقافي والإجتماعي والمادي بين المرأة والرجل وأسباب أخرى نجملها في الهجر والإمتناع الفعليين، استحالة المعاشرة الجنسية أو الأمراض المعدية وغيرها من الأسباب الناجمة عن التحولات الإجتماعية الأخيرة وخاصة ما تعلق باستقلالية المرأة وعدم التنازل ومهما كانت الأسباب يبقى المشكل واحد .