عرس من أرض فلسطين في أرض الجزائر لبس مبنى بشطارزي، أول أمس، حلة الأقصى الشريف، ليعلن عن احتضانه الرسمي لدورة القدس 2009 للمهرجان الوطني للمسرح المحترف في طبعته الرابعة، التي جاءت احتفاء ب "القدس عاصمة أبدية للثقافة العربية". لم تكن فلسطين حاضرة على جدران المسرح الوطني فقط، بل كست كل فعاليات حفل افتتاح هذه الدورة المتميزة بهذا الحدث الثقافي العربي، فتجسد حضورها بمشاركة فرقة "أكاليل ومودة" القادمة من مدينة نابلس، والتي قدمت عروضا في الرقص الفلكلوري الفلسطيني من خلال عرض لتقاليد العرس الفلسطيني، وكذلك محاولة الإعلامي أحمد بن صبان في تقديم توليفة فنية بين كلماته ومواقف تاريخية فلسطينية حدثت من أرض الجزائر ، استشهادا بشعر محمود درويش في زيارته للجزائر، وإعلان أبو عمار قيام دولة فلسطين من الجزائر، وأداء لفرقة فلسطينية غنت لفلسطين من الجزائر، كلها شواهد أكدت على مدى تلاحم تلك الأرض بهذه الأرض التي "كانت تسمى فلسطين وصارت تسمى فلسطين".في ديكور بسيط بخلفية الوشاح البيض، ومن على منبر صغير في الركن خلفه "لوغو" المهرجان، وأمامه صورة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، تعتلي وزيرة الثقافة خليدة تومي المنصة وتعلن عن افتتاح "دورة القدس"، التي أعدّت لها محافظة المهرجان برئاسة محمد بن ڤطاف برنامجا يعبر عن الشعار الذي يرفعه "الوطن المسلوب فلسطين"، حيث يحمل الملتقى العلمي لهذه الطبعة هو الآخر شعار "المسرح العربي والقضية الفلسطينية"، وستكون المواضيع التي سيتناولها الملتقى حول القضية الفلسطينية، كما سيستقبل المسرح ثلاث فرق مسرحية قادمة من غزة. حدث فلسطين ميز الطبعة، ولكنه لم يوار ما سبقها من تغييرات ستؤثر بعد ذلك في مصداقية نتائج المسرح المحترف، بعد أن تم استبدال مسرحية "لو كنت فلسطينيا" لمحمد إسلام، بمسرحية "مسرى" لفاضل عباس، على أساس أن العمل الأول لم يكن ناضجا، حيث تم اختياره قبل أن يشاهد على الركح، ثم بعد عرضه اتضح أنه دون المستوى، وهي مفارقة لا تحدث إلا في الجزائر وفي مهرجان جزائري، ثم تلتها مفاجأة الحفل عندما تم الإعلان عن رئيس جديد لجنة التحكيم هو الفنان طه العامري، بدلا من لحبيب رضا، الذي تعرض لوعكة صحية في آخر لحظة، حسب ما يتناقل في مبنى بشطارزي، وبالتالي سيتولى الرئيس الجديد رفقة أعضاء لجنته عشرة أعمال مسرحية لفرق وطنية هي "غضب العاشقين" للمسرح الجهوي لقسنطينة، و"قاضي الظل" لمسرح باتنة، و"اللولب" لمسرح تيزي وزو، و"الصدمة" لمسرح وهران، و"الحراس" لبجاية، و"نون" لسيدي بلعباس و"مزغنة 1995′′ لعنابة، و"مسرى" للمسرح الوطني الجزائري، بالإضافة "موعد مع" لتعاونية العفسة لتلمسان، و"علة الغلة" لتعاونية إقبال لعنابة، فيما يشارك 16 عرضا أخرى خارج المنافسة.تنظيم الحفل لم يكن بمستوى الحدث، سواء من ناحية التنشيط الذي غلب عليه طابع الارتجال لكل من المنشطة نجية خثير، وفتحي بن ابراهم، أو من ناحية التقنيات التي أثرت على تنشيط أحمد بن صبان بسبب الانقطاع المتواصل للصورة والصوت. وكرم المسرح المحترف مجموعة من الفنانين العرب، يتقدمهم من سوريا الفنان جهاد سعد، والفنانة جيانا عيد، ومن مصر كل من مرسي خليل وسميرة عبد العزيز، ومن أرض فلسطين قدم جورج إبراهيم حبش، وفاطمة الربيعي من العراق، والأردني حاتم السيد، ومن تونس عز الدين مدني، ريمون جبارة من لبنان، ونزهة رقراقي وعبد اللطيف هلال من المغرب، إضافة إلى قائمة من ضيوف الشرف العرب على رأسهم زياد سعد وعبد الرحمان أبو القاسم من سوريا، وسميحة أيوب من مصر. الجانب الجزائري حظي هو الآخر بتكريم طبعة المسرح المحترف، ونفض الغبار عن وجوه جزائرية كدنا ننساها بسبب التغييب المستمر لها، وكشف مرة أخرى عن الإجحاف الممارس في حق الفنان الجزائري، الذي يحتاج إلى مثل هذه المبادرات ليقول "أنا هنا لازلت قادرا على العطاء"، قبل أن يعصف به عامل الكبر مبكرا، كما فعل بالفنان الجميل "جمال بن حمودة"، والفنان " بناني بوعلام". كما شهد الحفل تغيب بعض الفنانين ضيوف الشرف، منهم الفنان عزت العلايلي بسبب تصوير مسلسله الجديد "أيام الحب والملح"، كما تغيبت الفنانة عايدة عبد العزيز، والفنان السوري أسعد عيد، والفلسطيني محمود عوض