في الذكرى الثامنة والخمسين للفاتح نوفمبر عادت ظاهرة العلم الوطني إما ممزقا كليا أو جزئيا أو ملطخا بدرجة فقدانه بهاء ألوانه ونصاعته، يرفرف على شرفات ومباني بعض المؤسسات والمباني الحكومية دون أن يحرك المسؤولون عنها وحتى بعض الجهات الوصية ساكنا، فأصبحت الظاهرة شبه عادية في جولة استطلاعية قادت "الأمة العربية" بولاية وهران ونحن نحتفل بالذكرى الثامنة والخمسين لاندلاع ثورة الفاتح نوفمبر. لقد آثرت الجريدة فتح هذا الملف مجددا لأن الظاهرة لا زالت متواصلة رغم أنّ العلم الوطني بعد التعديل الدستوري الأخير أصبح رمزا من رموز الدولة يعاقب القانون كل من أساء إليه، حيث أن المادة الخامسة من الدستور الجزائري. وحسب ما ورد في الجريدة الرسمية رقم 76 المؤرخة في 8 ديسمبر 1996 المعدل بالقانون رقم 02-03 المؤرخ في 10 أبريل 2002 الجريدة الرسمية رقم 25 المؤرخة في 14 أبريل 2002،.. والقانون رقم 08-19 المؤرخ في 15 نوفمبر 2008 الجريدة الرسمية رقم 63 المؤرخة في 16 نوفمبر 2008 ينص صراحة : العلم الوطني والنشيد الوطني من مكاسب ثورة أول نوفمبر 1954. وهما غير قابلين للتغيير، هذان الرمزان من رموز الثورة، هما رمزان للجمهورية بالصفات التالية: 1- علم الجزائر أخضر وأبيض تتوسطه نجمة وهلال أحمر اللون. 2- النشيد الوطني هو " قسما " بجميع مقاطعه. يحدد القانون خاتم الدولة. ولكن يبدو أن هذا القانون ظل مجرد حبر على ورق في غياب الإجراءات الردعية الحقيقية ضد المخالفين له باعتبار أن القانون فوق الجميع ولا يُعلى عليه، ولكن لماذا وصل هذا الاستهتار برمز من رموز الدولة إلى هذه الدرجة؟،، ولماذا لم يتحرك المسؤولون لوضع حد لهذه التجاوزات بصفة نهائية؟،، وما هي الإجراءات التي اتخذت في ذلك؟،، وما موقف الأسرة الثورية والمجتمع المدني من هذه الظاهرة؟،، وغيرها من الأسئلة حاولت الجريدة البحث عن أجوبة لها من أفواه بعض المعنيين والمسؤولين وحتى المواطنين. دليل قاطع عن انعدام الروح الوطنية لدى المسؤولين المسيرين لهذه الإدارات والمؤسسات حاولنا الاتصال بالسيد سومر عبد القادر الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين بولاية وهران، لكن الهاتف ظل يرن دون جدوى ولكن السيد محمد فريحة إطار ومسؤول في نفس المنظمة بمجرد أن طرحنا عليه جوهر المسألة انتفض منددا بها ومعبرا عن سخطه ضد استفحال هذه الظاهرة قائلا بلهجة غاضبة:" إنّ هذا دليل قاطع عن انعدام الروح الوطنية لدى المسؤولين المسيرين لهذه الإدارات والمؤسسات سواء كانت حكومية أو خاصة، ولو أنّ القضية يتحمّل عواقبها الجميع بداخلها بما في ذلك الحراس عليها لأنه من أبسط الأمور والبديهيات أن يراقب هؤلاء المبنى وبالتالي ملاحظة وضعية العلم بمجرد رفع رؤوسهم للأعلى".. وفي ما يخص الأسباب التي قد يتذرع بها هؤلاء المسؤولين كافتقادهم لميزانية خاصة من أجل شراء الراية الوطنية، تعجب السيد فريحة واستطرد قائلا:" كيف يمكن التصديق بذلك، لا يمكن أن يكون سعر الراية الوطنية ليس في متناول هذه الإدارة أو المؤسسة، ولنفترض أنّ هذا السبب مقبولا أليس هناك نخوة وغيرة وطنية ليساهم الكل في شرائه؟،، نحن كمنظمة صادفنا مثل هذه القضية غير المعقولة ومع ذلك ساهم بعض المجاهدين من مالهم الخاص واشتروا بعض الأعلام وأعطوها للعديد من المؤسسات بدون مناسبة وفي حالات وجدوا فيها بعض المؤسسات مثل هذه الوضعية." مؤسسات وإدارات لا تعرف متى ينكّس العلم في سياق متصل كشف لنا نفس المتحدث قضية أثارت الكثير من التساؤلات:" تصوّروا أنه بعد وفاة الرئيس الأسبق أحمد بن بلة وإعلان الحداد الوطني لمدة ثمانية أيام، هناك بعض المؤسسات والإدارات لم تنكّس العلم الوطني، وهذا في حد ذاته مخالف للقانون ولو كل إدارة ومؤسسة قامت بذلك لتفطنت لتمزق وتلطخ الراية الوطنية وبالتالي أكيد ستغيرها حالا، لكن هذا قمة التهاون والاستهتار برمز من رموز الدولة". وأشار أيضا في سياق متصل:" عندما يتوفى أحد المجاهدين ونذهب لنقدم لعائلته واجب العزاء فإننا تعطي لها العلم الوطني ليوضع على – المحمل- وبعد أن يٌوارى التراب تحتفظ به العائلة ليس كهدية وإنما كرمز ومن باب غرس الروح الوطنية". دعوة إلى اتخاذ إجراءات ردعية وعقابية صارمة للعبرة من جهته أكد الأمين العام للمنظمة الوطنية لأبناء الشهداء بولاية وهران السيد جيلالي عماري:" أنّ هذه الظاهرة يعاقب عليه القانون الجزائري ولا يجب التسامح مع هذا النوع من التهاون مع رموز الدولة، وقد سبق للمنظمة في مناسبات عديدة من التدخل إما مباشرة لدى هذه المؤسسات والإدارات وإما إشعار الجهات الوصية، وهناك من قام بتغيير العلم وقدم اعتذاره لأنّ العملية لم تكن مقصودة، لكن بعض المؤسسات تعاملت مع المسألة ظرفيا"،، وأضاف نفس المتحدث قائلا:" يجب على الجهات المسؤولة أن تتخذ إجراءات ردعية وعقابية صارمة ليكون هؤلاء عبرة لغيرهم، والرسالة التي توجهها المنظمة أنه يجب على المسؤول التحلي بالضمير الوطني، كما أننا كمواطنين معنيون بذلك ويجب التنديد وعدم البقاء مكتوفي الأيدي وكأن المر لا يعنينا، لأن تصرفنا الإيجابي يؤكد السلوك الحضاري ومن مكونات الشخصية والهوية الوطنية." تأكيد على الحزم في فرض القانون أمّا السيد بليل شعليل الأمين العام للمنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين لولاية وهران، الذي قال في السياق ذاته أنّ اللجنة الولائية اجتمعت أكثر من مرة لدراسة هذه الظاهرة والتحقيق في ملابساتها وتدخلت لإصلاح الوضع وأيضا قامت بإشعار المسؤولين لاتخاذ التدابير اللازمة والعاجلة سواء الولاية أو البلديات أو الدوائر، ولكن الظاهر أن عدم اتخاذ العقوبات الصارمة جعلت البعض لا يبالي بالمسألة بتاتا، وعليه يجب التعامل مع الظاهرة بحزم وبقوّة القانون ولا تسامح لأنّ العلم رمز من رموز الدولة، ونحن كمنظمة صلاحياتنا محدودة تتمثل في التنبيه والإشعار وأيضا التنديد وطلب الجهات الوصية بالتدخل لإصلاح الوضعية". وأكد لنا السيد بلمهدي الحاج عضو المجلس الوطني في نفس المنظمة أن الظاهرة لا يٌمكنٌ السكوت عليها أو التسامح معها لأنها كما أضاف قائلا:" هذا استهتار كبير بالضمير الوطني وبرمز الشهداء وشرف الشهداء خاصة ونحن قاب قوسين من الاحتفال بالذكرى الخمسين للاستقلال، وهذا يعني أيضا أنّ لو كانت لدى هؤلاء المسؤولين الروح الوطنية لما تركوا الفرصة لغيرهم كي ينبهونهم لما آل إليه العلم الوطني من تمزيق أو تلطيخ أو تدنيس." وبخصوص تسجيل حالات مماثلة في ولايات أخرى قال نفس المتحدث:" لقد تم تدنيس الراية الوطنية من قبل في بعض الولايات مثل المسيلة حيث تم العثور العلم في المزابل ولكن تم معالجة المسألة بصرامة شديدة، وكل من يقوم بذلك إنما يحاول ضرب الدولة في الصميم باعتبار انّ العلم من بين رموزها." هناك قانون صارم يعاقب كل من خالف رمزا من رموز الدولة عبر مصطفى عبيد محافظ محافظة حزب جبهة التحرير الوطني لوهران ورئيس الولاية الرابعة التاريخية عن استيائه الشديد عن الظاهرة، وصرح قائلا:" هذا إجرام في حق الأمة الجزائرية وفي حق كل الشهداء بل إهانة للتاريخ، ويبدو وكأنّ هناك أطرافا لا يسرها أن ترى الراية الوطنية خفاقة تمثل رمز للسيادة الوطنية، فالكل يتحمّل نصيبا من هذه المسؤولية، وعليه ضرورة إتخاذ الإجراءات الردعية الصارمة لكل من تسوّل له نفسه المساس برمز من رموز الدولة لأنّ القانون يُطبّقُ على الجميع دون استثناء." مواطنون يجمعون .. الظاهرة تسيء لسمعة الجزائر حاولنا جس نبض بعض المواطنين في الموضوع فلاحظنا إتفاقا صريحا في كل الأجوبة بعدم التسامح مع من أساء للعلم كرمز للسيادة الوطنية، حيث تساءل أحد الأساتذة طلب منا عدم الإفصاح هن اسمه:" كيف نعاقب التلميذ الذي لا يحترم الاستماع للنشيد الوطني ولا نعاقب المؤسسة التعليمية التي ترفرف على شرفتها الراية الوطنية إما ممزقة أو مدنسة بالأوساخ لدرجة فقدان ألوانها الطبيعية؟".. فيما صرح لنا السيد محمد متقاعد قائلا:" والله عيب وعار أن نرى العلم الوطني في هذه الوضعية بعد خمسين سنة من الإستقلال"... أما الطالبة نورة عبرت عن أسفها الشديد لمثل هذه الظاهرة مؤكدة:" إذا كان المسؤول لا تهمه وضعية العلم التي يرفرف فوق مبنى الإدارة ممزقا أو ملطخا، فكيف تنتظر منه أن يكون في خدمة المواطنين؟"... لكن السيدة حليمة في عقدها الستين أذرفت الدموع وهي تقول:" هذا العلم ضحى عليه الشهداء وهؤلاء المسؤولين قد دنسوا شرف الشهداء وكل الجزائريين بتعمدهم ترك العلم ممزقا أو ملطخا أو مدنسا ولا بد من عقابهم،" الكل إتفق على أن هذه الظاهرة تسيء لسمعة الجزائر، خاصة كما روى لنا أحد المواطنين موقفا يدمي القلوب، حيث توقفت مجموعة من الأقدام السوداء خلال زيارتها مؤخرا إلى وهران أمام مبنى إحدى الإدارات الحكومية وهي تتأمل العلم الوطني ممزقا وظل كل واحد يهمس في أذن الأخر فمنهم من تأسف ومنهم من ضحك وقديما قيل شر البلية ما يضحك. لقد كان بإمكاننا استعراض المثير من الآراء وردود الفعل لدى المواطنين الذين سألناهم في الموضوع لكن المجال لا يسع لكل هذا وليبقى السؤال الكبير مطروحا:" بأي حال عدت أيها العلم الوطني في ذكرى الفاتح نوفمبر؟". العلم الجزائري رمز السيادة الوطنية يعد العلم الوطني من أبرز رموز الدولة الجزائرية، وأي مساس به يعتبر مساسا بهيبة الدولة. وتمتد أصالة العلم الوطني عبر تاريخ الوطن بحد ذاته، كما ترتبط محبته في قلوب الجزائريين بمحبة تراب هذه الأرض الطيبة التي استشهد في سبيل تحريرها أكثر من مليون ونصف المليون شهيد. تشكل علم الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية من مستطيل أخضر وأبيض يتوسطه نجمة وهلال أحمري اللون. يجب أن يتشكل اللون الأخضر من الكمية نفسها من الأصفر والأزرق، بحيث يكون طول ذبذبته مساويا، وفقا لمخطط التباين الذي وضعه رود، ل5411 و يحتل الموقع 600 على الطيف العادي. أما الأحمر، فيجب أن يكون خالصا، لونه أولي غير قابل للتحليل وخال من الأزرق والأصفر، طول ذبذبته، ويساوي 6562 ويحتل الموقع 285 على الطيف العادي. أما طول المستطيل يساوي مرة ونصف عرضه ارتفاع العلم. يتم تقسيم هذا المستطيل تبعا لحط عمودي أوسط إلى قسمين، ويوضع القسم ذو اللون الأخضر بالداخل، محاذيا للقناة، أما القسم ذو اللون الأبيض فموضعه إلى الخارج. فيما تتكون النجمة من خمس شعب، ويتم إدراجها ضمن دائرة يكون شعاعها مساويا لثمن ارتفاع العلم، وهي تقع بكاملها على الخلفية البيضاء للعلم، ويقع رأسا شعبتين منها على الخط العمودي الأوسط للمستطيل، ورأس شعبية واحدة على الخط الأفقي الأوسط منه. كما يكون شعاع الدائرة الخارجية للهلال مساويا لربع ارتفاع العلم. ويكون شعاع الدائرة الداخلية للهلال مساويا لخمس ارتفاع العلم. يحدد رأس الهلال قوسا كبيرا مساويا لخمس أسداس محيط دائرة الهلال الخارجية. ويتطابق مركز الدائرة الخارجية للهلال مع مركز المستطيل..........