واقع مظلم للطفولة المعاقة ببومرداس وذلك يرجع حسب ذات المتحدثة إلى إهمال الوالدين بالدرجة الأولى والذين في معظمهم يملكون مستوى تعليمي متدني، حيث 77٪ من الآباء أميون و79٪ بالنسبة للأمهات، مما يجعلهم لا يتفهمون طفلهم ولا يتكيفون مع إعاقته، بل لا يثقون بقدراته، حيث يتصورون أنه لا فائدة من تمدرسه ويحكمون عليه بالفشل مسبقا، رغم وجود معالم وشخصيات تاريخية أدبية وعالمية من ذوي الاحتياجات الخاصة استطاعت أن تحطم كل قيود الإعاقة، وصولا إلى إنجازات لازالت باقية إلى يومنا هذا، بل وصولا إلى أعلى مراتب الشرف والسلطة على غرار عميد الأدب العربي "طه حسين"، رغم كففه استطاع أن يرتقي إلى أعلى المراتب. إلا أنه وإن استطاع الأولياء تحدي كل هذه الصعوبات وألحقوا ابنهم المعاق بالمدرسة، فإنهم يعجزون بعد ذلك عن مواصلة التحدي لوحدهم، لأنه خارج عن نطاقهم بمجرد انتهاء المرحلة الإبتدائية، حيث بينت الدراسة أن نفس أسباب عدم التمدرس تعود للظهور أثناء تمدرس الطفل وتبقى متواجدة حتى تؤدي به إلى الانقطاع النهائي عن الدراسة، كما ساهم العوز وتدني القدرة المعيشية للكثير من العائلات في عدم تمدرس المعاق والتي بلغت نسبتها 73٪، مما حال دون تمكنها من تحمل نفقات ومصاريف التمدرس لكل أبنائها، وبالتالي تتم التضحية بعدم تعليم الطفل المعاق الذي لا يعتبر من الأولويات بحسب الوالدين، ويتضح ذلك من خلال تسجيل نسبة 20٪ من عدم التحاق المعاقين بالمدارس بسبب كثرة المصاريف على الوالدين. إضافة إلى ذلك، فإن مشكل غياب التهيئة العمرانية في المدارس للأطفال المعاقين، وخاصة المعاقين حركياً، فأغلبهم منعوا من حقهم في التمدرس بسبب عدم تمكنهم من التكيف مع المدرسة، حتى وإن كان لهم الحظ والتحقوا بها في الطور الإبتدائي، فإنهم ينقطعون عنها مباشرة عند المرور إلى المرحلة الإكمالية والثانوي، خاصة وأن المساعدة من طرف الزملاء والمربيين يولّد إحراجا نفسيا للطفل المعاق ويعزز إحساسه بالنقص بين زملائه. إلى جانب كل هذا، فإن نقص المؤسسات التربوية المتخصصة على مستوى الولاية التي لا تتوفر سوى على مؤسستين، وهما المركز الطبي البيداغوجي ببلدية تيجلابين ومدرسة صغار المكفوفين ببرج منايل، مما لا يفي بالغرض ولا يلبي إلا نسبة ضئيلة جدا من الحاجة الملحة، فيما يبقى الأطفال المعاقون الذين يعانون من الإعاقة الذهنية الثقيلة (الاحترازية وتناذر والكر) لا يجدون أي مكان يلبي احتياجاتهم، سواء على المستوى الولائي أو الوطني. أما عن نفس الطفل المعاق، فقد كشفت هذه الدراسة عن تسجيل 56٪ من الذكور و44٪ من الإناث، وهذه الأخيرة تعتبر غير مطابقة للواقع بسبب رفض العديد من الأولياء التصريح بوجود فتاة معاقة ببيتهم، حيث يرون في ذلك وصمة عار يجب إخفاؤها وعدم إطلاع الغير عليها. ولم تقتصر هذه الظاهرة على الأولياء غير المتعلمين، بل حتى الذين يملكون مستويات علمية عالية ويشغلون مناصب عليا في السلطة، إلا أنهم رفضوا التصريح ببناتهم، مما يزيد من معاناتهن... وشمية، فريدة وزهرة، خير دليل على ذلك. * خديجة أمها رفضت التصريح بها وفريدة أبوها ينتظر لحظة موتها للتخلص من العار هذا ما تعيشه الطفلة المعاقة بولاية بومرداس، حيث يخجل حتى أبواها من التصريح بها، مما يجعلها تقبع في زاوية مظلمة تزيد من معاناتها وتحرمها من أدني حقوقها. خديجة ذات الثماني سنوات، تعاني من إعاقة ذهنية ثقيلة (إحترازية) وملامح جسمية مشوّهة، جعلت أمها ترفض التصريح بها خجلا من إظهارها للعيان، رغم يقين من أجرى التحقيق معها بوجودها، إلا أنها أنكرت ذلك جملة وتفصيلا وتحدثت عن وجود طفلة وحيدة معاقة بمنزلهاو وهي البنت الكبرى التي تعاني من إعاقة خفيفة، دون أن تتحدث وتصرح بالفتاة الصغرى التي تعاني من إعاقة ثقيلة، وهو نفس الشيء لأحد الآباء ببلدية أعفير والذي رفض التصريح بوجود ابنة معاقة ببيته. وإن كان موقف هذين الوالدين يمكن أن نبرره بعدم وعيهما الكافي كونهما غير متعلمين، فما قولنا في أب "فريدة" المتعلم الذي ينتظر بفارغ الصبر موتها للتخلص من عارها على حد تعبيره رغم المنصب المرموق الذي يشغله. ففريدة التي تعاني من إعاقة ذهنية ثقيلة، جعلت أباها لا يتقبل وجودها ضمن أفراد العائلة ورفض جملة وتفصيلا التصريح بوجودها، رغم المجهودات الحثيثة التي بذلت معه، إلا أنها لم تجد نفعا، ويبقى أمله في وفاتها والتخلص منها نهائيا. ومن أجل الحد من الإقصاء والتهميش الذي تعاني منه فئة الأطفال المعاقين على مستوى ولاية بومرداس، رفعت الآنسة "صبرينة داوي" مجموعة من التوصيات والاقتراحات إلى الجهات المعنية، والتي جاء على رأسها ضرورة تطبيق المرسوم التنفيذي رقم 03/333 الخاص بضرورة إنشاء لجنة للتربية المتخصصة والتوجيه المهني للمعاقين، تنظيم حملات توعية وتحسيس أولياء الأطفال المعاقين حول الإعاقة والتكفل وضرورة التمدرس لهذه الفئة، وذلك عن طريق استغلال واستعمال وسائل الإعلام السمعية والبصرية، إلى جانب بناء مراكز ومؤسسات تربوية متخصصة، ومن الأفضل أن يكون هناك مركز في كل دائرة، مع مراعاة خصوصيات كل إعاقة، وكذا فتح فضاءات لأولياء المعاقين للتعبير عن انشغالاتهم وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم من طرف المختصين. وللتذكير، فإن والي الولاية السيد "إبراهيم مراد" وعد بفتح مدارس خاصة بالمعاقين داخل المدارس العادية بداية من الدخول الاجتماعي القادم 2009 2010، حيث كلف مديرية النشاط الاجتماعي بالعمل بالتنسيق مع مديرية التربية لتحقيق ذلك. وللإشارة، فإن الدراسة كشفت عن تسجيل أعلى نسب من المعاقين بدائرة برج منايل ب 18٪، ثم تليها دائرة خميس الخشنة 16٪، فيما سجلت أصغر نسبة بدائرة الناصرية ب 04٪، وتوزع باقي النسبة على دوائر بودواو ب 13٪ وكذا بومرداس، دلس ب 9٪، الثنية ب 8٪ يسر ب 12٪ وبغلية ب 7٪. كما كشفت عن عدم امتلاك 18٪ من المعاقين لبطاقة الإعاقة، كون 57٪ من الأسر لا تعرف مزايا بطاقة الإعاقة، إلا أنه بعد الشرح الميداني لأهميتها تم تسجيل 97٪ من العائلات التي أبدت نيتها في استخراج البطاقة.