واحد بوصاية الغرب وآخر تحت مضلة الروس انطلق أمس بالعاصمة الفرنسية باريس اجتماعا جديدا لمؤتمر أصدقاء سوريا، فيما تحتضن جنيف المؤتمر الدولي السوري الذي سيبحث "الطريق الثالث" للقوى السياسية السورية. وشاركت خمسون دولة في الاجتماع المقرر أمس بباريس، وقال سفير الائتلاف الوطني السوري المعارض في فرنسا منذر ماخوس لوكالة الصحافة الفرنسية إنه غير متأكد من تحقيق تقدم لافت في هذا الاجتماع، غير أنه عاد لاحقا ليشير -في حديث للجزيرة- إلى أن هناك "مؤشرات إيجابية" بشأن النتائج المحتملة للاجتماع. وبحسب ماخوس، فإن الهدف من لقاء باريس "هو وضع الأسرة الدولية أمام مسؤولياتها، وتذكير أصدقاء الشعب السوري بأنهم قطعوا تعهدات سياسية ومالية لم تتحقق". وكانت الدول العربية والغربية المشاركة في اجتماع أصدقاء الشعب السوري في 12 ديسمبر بمراكش اعترفت بالائتلاف الوطني السوري "ممثلا شرعيا" للشعب السوري، وقطعت وعودا بقيمة إجمالية تقارب 145 مليون دولار من المساعدات. وفي جنيف، انطلق أمس المؤتمر الدولي السوري بمشاركة هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي التي ترفض تسليح الثوار، وقال القيادي في الهيئة خلف داهود إن منظمات دولية وشخصيات عالمية وعربية ستحضر المؤتمر بصفة مشاركة ومراقبة، إلى جانب شخصيات وطنية سورية مستقلة وممثلين عن 35 حزباً وتنظيماً مدنياً وسياسياً معارضاً. وأشار إلى أن المؤتمر سيُفتتح بكلمة للرئيس التونسي منصف المرزوقي، وسترأس جلساته شخصيات سورية وأجنبية من بينها آن ماري الرئيسة السابقة لمجلس الشيوخ البلجيكي والرئيسة الشرفية للمجلس حالياً. وأوضح داهود أن المؤتمر سيعقد للتعريف بهوية "الطريق الثالث" للقوى السياسية السورية، وسيسلط الأضواء على "المخاطر الكبرى" في سوريا، ومنها "مسألة السلطة الدكتاتورية وإنتاج العنف والحركات الإسلامية المسلحة". وكان متحدث باسم اللجنة المنظمة للمؤتمر كشف أن السلطات السويسرية رفضت منح 66 تأشيرة دخول لمعارضين سوريين من الداخل، واتهم فرنسا بالوقوف وراء ذلك لرغبتها في إفشال المؤتمر بعد دعوة وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إلى عقد اجتماع لأصدقاء الشعب السوري في موعد انعقاد هذا المؤتمر في جنيف. ويذكر أن هيئة التنسيق الوطنية هي الجماعة المعارضة الوحيدة التي لا تزال على استعداد للتفاوض مع الرئيس السوري بشار الأسد، وهي الوحيدة التي تتفق مع روسيا والصين في نظرتهما إلى ضرورة وقف تسليح المعارضة، وفقا لتقرير نشرته مجلة تايم الشهر الماضي. من جانب آخر، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إنه يعمل جاهدا على تقييم مسألة ما إذا كان تدخل الولاياتالمتحدة عسكريا في سوريا سيساعد في حل الأزمة أم أنه سيؤدي إلى تفاقم الأمور. ورد أوباما -في مقابلتين نشرتا أول أمس الأحد- على منتقدين يقولون إن الولاياتالمتحدة لم تتدخل بما يكفي في سوريا، وقال -في مقابلة مع مجلة نيو ريببليك- "في وضع كسوريا، علي أن أسأل: هل يمكن أن نحدِث فرْقا في هذا الوضع". وأضاف "هل يمكن أن يثير (التدخل) أعمال عنف أسوأ أو استخدام أسلحة كيمياوية، ما الذي يوفر أفضل احتمال لنظام مستقر بعد الأسد..، وكيف أقيّم عشرات الآلاف الذين قتلوا في سوريا مقابل عشرات الآلاف الذين يقتلون حاليا في الكونغو". وفي مقابلة مع برنامج "60 دقيقة" في شبكة تلفزيون "سي بي أس"، رد أوباما بغضب عندما طلب منه التعليق على انتقاد بأن الولاياتالمتحدة أحجمت عن المشاركة في قضايا تتعلق بالسياسة الخارجية مثل الأزمة السورية. وقال أوباما إن إدارته شاركت بطائرات حربية في الجهود الدولية لإسقاط العقيد الراحل معمر القذافي في ليبيا، وقادت حملة لحمل الرئيس المصري حسني مبارك على التنحي. ولكنه قال إنه بالنسبة لسوريا فإن إدارته تريد التأكد من أن العمل الأميركي هناك "لن يأتي بنتائج عكسية"، وأضاف "لن يستفيد أحد عندما نتعجل خطواتنا، وعندما نقدم على شيء دون أن ندرس بشكل كامل كل عواقبه". وأشار أوباما إلى أنه يأمل أن يتمكن في نهاية ولايته الرئاسية من النظر إلى الخلف، والقول إنه اتخذ قرارات أكثر صواباً، وأنقذ حياة أشخاص عندما تمكن من ذلك، وأن "أميركا كانت -في عالم صعب وخطير- قوة من أجل الخير".