( بوحارة كان داعية ل: "التغيير" والانفتاح على "الحداثة" ) رافع عبد الرزاق بوحارة بقوة في رسالة مطولة جدا خاطب فيها الجزائريين و الجزائريات عن الهوية الجزائرية و الوحدة الوطنية كلحظة استثنائية من التاريخ و نتاج تلاحم أحداث وطنية و دولية و عمل منسق قام به رجال القضية الوطنية الذين كانوا على انسجام تام مع الجزائر العميقة، حلمهم الوحيد هو تشييد دولة ديمقراطية اجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية ويرى عبد الرزاق بوحارة أن تحقيق هذا الحلم لابد من أن يشارك فيه كل الجزائريين و الجزائريات و استخلاص دروس الأحداث المأساوية التي عاشوها خلال التسعينات، و كان عبد الرزاق بوحارة يشير إلى أن مناصري الإسلام السياسي حاولوا تقديم بديل عن التيار الوطني، و تم مع مرور الوقت تشويه صورة الوطنية، مما أدى إلى سوء فهم ، إن لم يكن سوء تفاهم بين الضمير الوطني التحرري الجامع و بين الحكم الوطني الساعي أولا و قبل كل شيء إلى بسط سلطة الدولة، و إنجاز أهداف مشروعه الثوري، و ترتب عن تلك القطيعة نتائج وخيمة عصفت بالمجتمع الجزائري، و لكن سرعان ما أدت الى استعادة الوعي بأهمية التيار الوطني كعامل انسجام و توازن و تقدم للجزائر. ولطالما ركز عبد الرزاق بوحارة في محاضراته و مداخلاته على "الهوية"، و أن النقاش فيها يمثل عامل تثمين و تعزيز لمقومات الشخصية الجزائرية و هذا يدعو إلى التعرف على تاريخ الجزائر و تثمينه من خلال مسعى يتمثل قبل كل شيء في دراسة الحقل الوطني المفتوح من جديد و أبعاده التاريخية و السوسيولوجية قبل القيام بتثمينها بالروافد الأساسية للحضارات الأجنبية، و ضمت رسالة المجاهد عبد الرزاق بوحارة الحديث عن "الحداثة" و هي في رأيه رائد من رواد الحضارة ينبغي الانفتاح عليها، لكن في حدود ما يحترم متطلبا مزدوجا من الأصالة، كما ضمت رسالته الحديث عن اللغة العربية، و دافع عنها بقوة باعتبارها الموجه الرئيسي للحضارة الإسلامية و هي عنصر أساسي للهوية الثقافية للشعب الجزائري. كما أعطى العمق الأمازيغي الذائب في رافد هاته الحضارة مميزات لا تنمحي على الجزائريين و الجزائريات، و لذلك فإن الجزائريين و الجزائريات و المناضلين في جبهة التحرير الوطني و سائر ألأحزاب السياسية و المثقفين واعون بالدور النموذجي الذي يمكن أن يلعبوه، لأن ثورة نوفمبر علمتهم أن الشعوب هي بالأساس ديمقراطية و ليست نظرية نهاية التاريخ إلا خدعة من أناس أرادوا استغلال ثروات الشعوب، و أن التحولات في العالم رافقتها فكرة تقول باستحالة تصفية الاستعمار، موضحا في رسالته أن أصحاب هذه الفكرة يرون بأن " التغيير " مستحيل، لكن الجزائريين و بخاصة المناضلين في جبهة التحرير الوطني يؤمنون بأن التغيير ممكن، و أنه يوجد كبديل للنظام الدولي الجائر التي تريد قوى السلاح و المال فرضه على الشعوب، و دعا بوحارة في رسالته الجزائريين و الجزائريات على ضرورة تعزيز الجبهة الداخلية و ترقية الشرعية الديمقراطية و شرعية الكفاءة لأنهما تسمحان بتحصين الأمة، وجه عبد الرزاق بوحارة هذه الرسالةفي الجامعة الصيفية لحزب جبهة التحرير الوطني المنعقدة في 2005 ببومرداس، و كأن الرجل تنبأ بما سيحدث، فكا خطابه موجه للجزائريين و الجزائريات جميعا و للشعوب العربية كافة . جثمان الراحل عبد الرزاق بوحارة يوارى التراب بمقبرة العالية شيع بعد ظهر الإثنين بمقبرة العاليةبالجزائر العاصمة جثمان الفقيد عبد الرزاق بوحارة عضو اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني وعضو مجلس الأمة الذي وافته المنية أول أمس عن عمر يناهز 79 سنة.