تعتبر القارة الإفريقية مصنفة في دائرة الاهتمام الاستراتيجية الإسرائيلية، باعتبارها موقعا هاما واستراتيجيا، فضلا عن كونها تشكل عمقا عربيا، حيث بدأت الحكومة الإسرائيلية المتطرفة تزحف تدريجيا وبقوة إلى القارة السمراء من أجل عقد العديد من صفقات الأسلحة التي تستخدم في الحروب الأهلية، تحت مظلة التعاون الأمني والفني مع بعض دولها، وكذا الروابط الاقتصادية والتجارية. فأول أمس كان إعلان إفيغدور ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي المتطرف، عن عزمه للقيام بجولة في القارة الإفريقية خلال الشهر المقبل، تشمل عدة دول من بينها، إثيوبيا، أنغولا،نيجيريا، أوغندا وكينيا، حيث تأتي هذه الزيارة وسط تقارير تشير إلى إقدام جهاز المخابرات الخارجي الإسرائيلي (الموساد) على إقامة قاعدة أمنية قوية في إفريقيا، إذ أن عددا من ضباط المخابرات بدأوا عملهم في الأجهزة الاستخبارية في إفريقيا، وهو الأمر الذي يرى فيه المحللون السياسيون أن القصد من هذه القواعد الأمنية، هو الوقوف على عمليات عقد صفقات الأسلحة لهذه الدول. وتأتي هذه العملية في ظل كون تجارة السلاح أحد المركبات الأساسية للاقتصاد الإسرائيلي، لا سيما وأن تقريرا كان قد صدر عن منظمة العفو الدولية (أمنستي) أكد على الدور الكبير لإسرائيل في تجارة الأسلحة وتغذية الحروب عبر العالم، وهو ما أشارت إليه بعض وسائل الإعلام الأجنبية بشأن دور إسرائيل في انقلاب حصل في أوغندا. ويرى المراقبون أن السياسة الخارجية لإسرائيل، تستغل علاقاتها لتقوم بتزويد المساعدات العسكرية والتقنية لهذه الدول الإفريقية، حيث سبق لها و أن قامت بإرسال مرشدين ومستشارين عسكريين إسرائيليين، فضلا عن استيعابها لطلاب أفارقة على المستوى السري، وعلى نطاق أضيق، قامت ببيع السلاح وإرسال مستشارين عسكريين إلى هاته الدول. ومن الحقائق المريعة وبغض النظر عن بضعة مشاريع ذات طابع مدني، في مجال الزراعة والاتصال والبنى التحتية والمجوهرات التي تقوم بها إسرائيل في إفريقيا، فإن معظم نشطاتها في دول القارة تتصل بتجارة السلاح، حيث تظهر الأجهزة الأمنية والاستخبارية بصورة تاجر السلاح الإسرائيلي الذي يحاول إقناع أكبر عدد من الزعماء الأفارقة بشراء الأسلحة، ومن ثمة تغذيتها في الحروب الأهلية. وما يحدث في بعض الدول الإفريقية من صراع وتوتر، دليل على التوغل الإسرائيلي في عمق القارة السمراء، من خلال عقد صفقات بيع أسلحة إسرائيلية إلى دول إفريقيا، إذ تم مؤخرا وهذا حسب ما نشره تقرير منظمة العفو الدولية "أمنستي" بيع أسلحة من قبل الصناعات الأمنية الإسرائيلية وتحت غطاء وزارة الأمن، خاصة في الحروب الأهلية في أنغولا، ليبريا وساحل العاج، فضلا عن تدعيمها لأنظمة دكتاتورية مثل غينيا الاستوائية وجمهوريتي الكونغو، إلى جانب عقد تم إبرامه مؤخرا بين شركة إسرائيلية وبين وزارة الأمن في نيجيريا لإنتاج وتزويد سفينتي دوريتين، حيث حصلت نيجيريا على السفينة الأولى، أما الثانية فسوف تحصل عليها قريبا، بالإضافة إلى تدريب طواقم نيجيرية في إسرائيل، وكذا تقديم مرشدين إسرائيليين للطواقم في نيجيريا، وهو ما يبين جليا ضلوع إسرائيل في الصراع الدائر بين الحكومة النيجرية والمسلحين والذي ينذر بحرب أهلية، حيث سيتم استخدام هذه السفن والعتاد الاستخباري من قبل قوات الأمن النيجرية ضد المسلحين النيجريين في دلتا النيجر.