كيف سأل سيناتورات الجزائر خلال دورات مجلس الأمة؟ وإلى أي مدى كانت أسئلتهم قريبة من المواطن أو مهتمة بشؤونه؟ نحاول عبر هذا العرض والقراءة، أن نقترب من أسئلتهم ونستقرئها، ولهذا الغرض سنكتفي بعدد معين من الأعضاء وبأسئلة محددة نقيس مدى تطابقها مع الواقع واقترابها منه، ونأخذ هذه الأسئلة من دورات مجلس الأمة. وجه عضو مجلس الأمة المنتخب عن الأرندي "بلعباس بلعباس" عددا معتبرا من الأسئلة خلال دورتين للمجلس، وسأل السيناتور وزير الطاقة والمناجم عن تواجد خزان الوقود في وسط مدينة الجلفة. سؤال السيناتور كان جوهريا حول موضوع لم تتناوله الصحافة بالشكل اللائق. ورغم أن الموطنين عبّروا في الكثير من المرات عن تذمرهم وخوفهم من تواجد الخزان في مكان مأهول، إلا أن شكواهم لم تكن في مستوى الخطر الذي نبه إليه بلعباس، ويحسب السيناتور أنه واكب شأن ولايته في أسئلته، دون إغفال صورته الوطنية كونه عضوا لمجلس الأمة، فسبق له أن سأل وزير النقل عن مشاريع الترامواي والولايات المعنية. وجه السيناتور "عبد الله التومي" سؤالا شفهيا إلى وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات يتعلق بالأخطاء الطبية والتكفل بالمرضى، ولعل هذا الموضوع جدير بالمناقشة والتقنين إلا أن الكثير من وسائل الإعلام تعاطت معه بإجحاف. ورغم أن القضية تحتاج إلى حوار نخبة ومتخصصين، إلا أن التومي اهتدى إلى سؤال جوهري من خلال طرحه على الوزير، وسأل العضو في مجلس الأمة والمنتحب عن "الأرندي" في ولاية برج بوعريريج وزير التضامن الوطني والأسرة والجالية الوطنية بالخارج عن مدى تحقيق مشروع الجزائرالبيضاء. المعين ضمن الثلث الرئاسي "مولاي مبارك بن سي حمو"، طرح سؤالا كان وما يزال إشكالية بالنسبة للطلاب الجزائريين، سواء المعنيين مباشرة أو الطلبة الذين يتطلعون إلى مواصلة دراستهم في مصر وباقي الدول العربية، بعد أن واجهتهم صعوبات تتعلق بمحدودية مناصب الماجستير. سؤال موالاي مبارك الموجه إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي، عن إلغاء معادلة الشهادات الممنوحة من قبل معهد البحوث والدراسات العربية بمصر، إشار إلى المشكل الذي واجه الكثير من الطلبة الذين توجهوا إلى المعهد المذكور وحصلوا على شهادات لم يتم الاعتراف بها. سأل العضو المعين ضمن الثلث الرئاسي "فريد هباز"، في خلال الدورة الخريفية 2008،عن البناء فوق أنابيب المحروقات، ووجه سؤاله إلى وزير العلاقات مع البرلمان، نيابة عن رئيس الحكومة. ويعتبر السؤال جوهريا ويكتسي أهمية كبيرة، لتهديده حياة المواطن وعدم مراعاته التخطيط على مدى طويل، ولأن عواقب هذه المشكلة لا يمكن التنبؤ بها، فإن سؤال هباز كان في الصميم. فريد هباز كان محليا في سؤاله عن مدارس تعليم السياقة في ولاية الجلفة، رغم أنه ينتمي إلى ولاية الوادي، هباز في سؤاله ذاك ذكر الكثيرين أن النيابة وعضوية مجلس الأمة لا تقتضي الاهتمام بشؤون جهوية فقط، إذ يمكن للسيناتور أن ينبه إلى مشاكل وحلول تتعلق بمناطق أخرى من الوطن. تلك أسئلة لبعض أعضاء مجلس الأمة أو للذين كان لهم نصيب أكبر في طرح الأسئلة، رفقة عدد آخر من أعضاء مجلس الشيوخ، والذي يظهر أن الذين أكثروا من الاسئلة كانوا مهمومين أكثر من غيرهم بقضايا المجتمع، من السياسية، إلى الاجتماعية إلى الرياضية، وكانوا يمثلون صوتا للشعب. في ذات الوقت، تخلف الكثير من الأعضاء عن مواكبة مشاكل وظروف المواطن، الذي يشكل السبب الحقيقي في تواجدهم في دفء مقعد "السينا"، بل إن منهم من يرفض التساؤل والسؤال، ومنهم من يفضل الغياب،تلك فسيفساء "مجلس الشيوخ" الذي شكل إنشاؤه فرحا للفاعلين السياسيين الذين وصفوه وقتها ب "المؤسسة التي تستكمل البناء المؤسساتي في الجزائر". خلال سبر للآراء قامت به "الأمة العربية" مع مجموعة من المواطنين بشكل عشوائي، وصلنا إلى نتيجة واحدة بشأن العلاقة بين المواطن ومجلس الأمة، النتيجة تؤكد أن المواطن لا يشعر أن أعضاء مجلس الأمة، ممثلون له بنفس القدر مع نواب المجلس الشعبي الوطني. في إجابته عن سؤالنا، إن كان يعرف مجلس الأمة أو أعضاء منه، قال سمير، 32 سنة بائع بمحل للمواد الغذائية بالعاصمة، إنه لا يعرف كيف يتم اختيار أعضاء مجلس الأمة، وإنه يعرف أن رئيسه بومعزة مريض، ولا يزاول مهامه. سمير أكد أنه يعرف مكان مبنى مجلس الأمة، لكنه عجز عن إعطائنا أي اسم لعضو فيه، ويواصل سمير بصدد الأعضاء أنه لم ينتخب على مجلس الأمة، لهذا لا يعرف من هم أعضاء أو مرشحو المجلس؟ وعندما قلنا له بأن مجلس الأمة لا يحتاج إلى اقتراع مباشر من طرف المواطن، ضحك واعتبر أننا جاهلون وطالبنا بالتعمق في الأمر والبحث فيه. مراد كهل رفض أن يصرح بسنه، كان يجلس على عتبة البريد المركزي ولم يفهم سؤالنا، قبل أن يضطرب ويوجهنا بإشارة إلى مجلس الأمة. وبعد أن التمسنا منه العفو واعتذرنا أصغى، ولكنه لم يكن على استعداد ليبدي أي موقف واضح أو رأي صريح، واكتفى بترديد عبارات انزعاج من قبيل "سقسوهم هما، أنا خاطيني، راهم يهدروا عليهم في التلفزيون". اعتبرت "وسيلة"، صيدلية بالعاصمة أن مجلس الأمة، هو نظير مجلس الشيوخ والعموم وغيرها من المسميات الغربية، وأن مهمته هي توجيه السياسة ومراقبة المسؤولين، وعن أعضائه اعتذرت "وسيلة" لأنها لا تعرف أحدا مؤكدة أنها تعرف رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الأمة بالوجه، ولكنها لا تحفظ اسميهما. محمد الشاب ذو 21 سنة جامعي وناشط في تنظيم طلابي، أبدى هو الآخر جهله بسبب تقسيم البرلمان إلى مجلسين، وعوض أن يجيبنا وجدناه يسألنا، سألناه عن أعضاء مجلس الأمة الذين يعرفهم، أكد أنه يعرف السيناتور "صالح جوامع" وهو ابن ولايته. سألنا محمد الذي يعتبر مشروع مناضل سياسي عن رئيس مجلس الأمة، فلم يتمكن من معرفته، اقترحنا اسم "بشير بومعزة"، فاعتبر أن الاسم أفلت منه وأنه كان يعرف أن بومعزة هو الرئيس؟ الحاج علي 63 سنة، متقاعد بدا أكثر اطلاعا على شؤون البرلمان الجزائري، عندما استقبل سؤالنا بجواب واضح "إنه يعرف السينا جيدا ويعرف عددا من أعضائه سواء المعينين من طرف رئيس الجمهورية أو المنتخبين". الحاج علي ذكر بعض الأسماء وأسهب في الحديث عن تاريخها بينها "زهور ونيسي وعبد القادر بن صالح وعبد الرزاق بوحارة وزهية بن عروس والطاهر زبيري". كان الحاج علي يتذكرهم واحدا تلو الآخر، ويضيف أظن أن "أحمد محساس وسعدي ياسف أيضا في السينا"، ولعله وجد راحة وهو يتحدث عن السياسة، فقد بدا مهووسا بالتاريخ وهو يعدد لكل شخص ذكره، المهام التي قام بها، سألنا الحاج علي عن دور مجلس الأمة، فلم يفكر للحظة وهو يقرر أنه مجلس معني ب "مراقبة القوانين والمشاريع بعد المجلس الشعبي الوطني"، عرفنا أن الحاج علي سبق له أن عمل كأستاذ للغة الفرنسية منتصف السبعينيات، وكا مناضلا "أفلانيا" قبل أن يعتزل النضال. ولكن الذاكرة ما تزال تنضح بالسياسة، كان الرجل أهم من التقيناهم وأكد أن جيل الشباب ينأى بنفسه عن السياسة. يعود تأسس مجلس الأمة إلى التعديل الدستوري لسنة 1996، والذي تنص المادة 98 منه على أنّه "يُمارس السلطة التشريعية". برلمان يتكون من غرفتين، هما المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، وهكذا يقوم النظام البرلماني على ثنائية الغرف. ويتكون مجلس الأمة من 144 عضوا، يتم انتخاب ثلثي أعضائه عن طريق الاقتراع العام غير المباشر والسري، من طرف أعضاء المجالس الشعبية البلدية والمجلس الشعبي الولائي بعدد عضوين عن كل ولاية، أي بمجموع 96 عضوا، ويترشح للمنصب أعضاء المجالس المحلية، ويُعيّن رئيس الجمهورية الثلث الآخر أي 48 عضوا. ويشترط في عضوية مجلس الأمة بلوغ سن الأربعين، وقد حُدِّدت عهدة عضو مجلس الأمة بست سنوات، ويتم تجديد نصف عدد أعضاء المجلس كل ثلاث سنوات، وتُسمى هذه العملية بالتجديد الجزئي. يرأس مجلس الأمة "عبد القادر بن صالح" منذ جويلية 2002، حيث تم انتخابه بالإجماع وقد أعيد انتخابه لمرتين متتاليتين، في 09 جانفي 2004، ثم في 11 جانفي 2007 ليصبح الرئيس الثالث لمجلس الأمة، والأول الذي ينتخب لثلاث مرات متتالية، بالإجماع بعد "بشير بومعزة" و"شريف مساعدية". ولديه خمسة نواب هم على التوالي "زهرة بيطاط" و"عبد الرزاق بوحارة" معينان في مجلس الأمة ضمن الثلث الرئاسي، و"محمد مدني حواد مويسه" و"رشيد عساس" من جبهة التحرير الوطني و"بوعلام درامشيني" ممثلا للتجمع الوطني الديمقراطي. ويتكون مجلس الأمة من تسع لجان هي: لجنة الشؤون القانونية والإدارية وحقوق الإنسان، لجنة الدفاع الوطني ولجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي والجالية الجزائرية في الخارج، ولجنة الفلاحة والتنمية الريفية، ولجنة الشؤون الاقتصادية والمالية، ولجنة التربية والتكوين والتعليم العالي والبحث العلمي والشؤون الدينية، ولجنة التجهيز والتنمية المحلية ولجنة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والتضامن الوطني ولجنة الثقافة والإعلام والشبيبة والسياحة. يقترب من السنة الثانية بعد الثمانين بهدوء وحكمة، ياسف سعدي رجل قادم إلى ذاكرة الجزائريين من الشاشة، الجميع يتذكره في فيلم "معركة الجزائر"، قبل سنتين من اليوم أطلق السيناتور ياسف سعدي حملة دعائية للنسخة الأصلية لفيلم معركة الجزائر وبدا في تلك السن حيويا ومثيرا للإعجاب، يحافظ على تقاسيم الرجولة والوسامة في سنه المتأخرة. ياسف سعدي أحد الرموز بالنسبة للأجيال التي تبعت الاستقلال، ولد في20 جانفي 1928 في حي القصبة بالعاصمة، وتلقى تعليمه الأول في نفس الحي إلى غاية 08 نوفمبر 1942، حيث احتلت مدرسته من قبل أفراد من الجيش الأمريكي والانجليزي، بدأ تعاطي السياسة باكرا حيث شارك في مظاهرات نظمها حزب الشعب الجزائري، في الفاتح ماي 1945 ثم في مظاهرات الثامن ماي من نفس السنة. انخرط ياسف سعدي في الحركة السياسية إلى جانب حركة انتصار الحريات الديمقراطية، التي شارك في حملتها الانتخابية في العاصمة والمدية، ياسف سعدي سيكون على موعد مع فرنسا ليخبرها من الداخل ويشهد مدى نفاقها والفرق بين ما ينعم به الفرنسيون، من حرية وحياة، وما يعانيه الجزائريون من استعمار تجهيلي وتفقيري. بعد سنتين من الإقامة والعمل في فرنسا، يدخل إلى الجزائر ليكلف بأكثر من مهمة منتصف الخمسينيات، بينها مهمة الاتصال بممثل بن بلة في سويسرا، وهي المهمة التي زجت به في السجن لأشهر، عاد مجددا إلى الجزائر وحضّر لانطلاق "معركة الجزائر" سنة 1956، عمل كقائد للمنطقة المستقلة للجزائر العاصمة، جند عددا من الفدائيات والفدائيين وكانت العمليات النوعية التي خطط لها وأشرف على تنفيذها منعرجا في المقاومة العاصمية، بينها عملية "قنابل الجميلات" التي ساهمت فيها زهرة ظريف، زميلته في مجلس الأمة اليوم. اتخذ ياسف سعدي من القصبة معقلا له ولرفاقه، وشهدت "معركة الجزائر" التي أحزنت الجزائريين في الصور السينمائية، كما فعلت في الحقيقة لدى استشهاد حسيبة بن بوعلي وعلي" لابوانت" والطفل عمار ياسف. في 23 سبتمبر 1957 ألقي القبض على ياسف سعدي، واقتيد إلى طاولة التعذيب لأشهر طويلة، قبل أن يفرج عنه بعد وقف إطلاق النار، لم يتوقف عن المعركة وقدمها سينمائيا مطلع الاستقلال عبر الفيلم الأشهر "معركة الجزائر" الذي أدى فيه دوره للمرة الثانية، وقدر له أن يكون بطلا ل "معركة الجزائر" في نسختها الفنية بعد الحقيقية. أصبح ياسف سعدي عضوا في مجلس الأمة ضمن المعينين من طرف الرئيس. تقف على تاريخ حافل من الحب، ويجمع أكثر الجزائريين أنها امرأة "حرة" أو كما تصر الأغلبية على وصفها، زهور ونيسي سيدة في الثالثة والسبعين ببريق في عينيها يحيلك على الفرح، ولدت في 1936، امرأة استثنائية لجزائر استثنائية، انخرطت ابنة قسنطينة في النضال والعمل السياسي ولم تغفل الشق الابداعي فيها، فاحتفظت بالريادة في الكتابة الروائية، عبر نصها الأول "يوميات مدرسة حرة"، ذلك النص المفتوح الذي فرغت منه منتصف السبعينيات. في مطلع الثمانينيات كانت زهور ونيسي، امرأة قيادية في الحركة النسوية عبر انخراطها في الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات، وكانت تدير مجلة "الجزائرية" التي تصدر عن الاتحاد، ولكنها كانت إلى جانب كل ذلك قادمة من حقيقتها كامرأة ثائرة، تحل لقب مجاهدة مشهود لها وكامرأة ثائرة في الكتابة ومؤسسة لوضع أنثوي مميز. وقتها كان قد تأتى لزهور المبدعة أدبيا ووجوديا، أن تتقلد مناصب من قبيل عضوية المجلس الشعبي الوطني من سنة 1977، وإلى غاية اليوم الذي استدعاها فيه الرئيس الشاذلي بن جديد ليعرض عليها حقيبة وزارية ستكون الأولى في تاريخ الجزائر، ولعلها ارتبكت وترددت قبل أن تشهد بأنها استمتعت كثيرا بفترة تسييرها لشؤون وزارة الشؤون الاجتماعية في سنة 1982. لم تكن وزارة الشؤون الاجتاعية إلا فاتحة، فبعدها ستتحوّل في سنة 1984 إلى وزيرة للحماية الاجتماعية في حكومة عبد الحميد براهيمي، فوزيرة للتربية بعد تعديل وزاري. كتبت ونيسي عددا من الكتب، بينها الروايات والمجموعات القصصية، وتم اختيارها ضمن قوائم لأهم كاتبات العالم العربي أكثر من مرة، وهي حاصلة على عدة أوسمة وتتويجات في الجزائر وخارجها، منها وسام الاستحقاق الوطني ووسام المقاوم، ولديها في المكتبات عناوين تشكل وعي القارئ بامرأة حظيت بالأسبقية، في عدة مجالات من السياسة إلى الجهاد إلى الكتابة إلى الإعلام، منها المجموعات القصصية "الرصيف النائم" 1967، "على الشاطئ الآخر" 1974، "عجائز القمر" 1996، "روسيكادا" 1999، وعددا من الرويات أولها "يوميات مدرسة حرة" 1978، "لونجا والغول" 1996، وآخرها "جسر للبوح وآخر للحين". تجلس زهور ونيسي إلى مقعد في "السينا" منذ تأسيسه في سنة 1997، وتمارس نضالها كجزائرية مؤمنة بالوطن إلى جانب إيمانها بالحب والحياة، زهور ونيسي هي وجه جميل يمنح مجلس الأمة والجزائر عبقا وفرحا وحياة، هي وجه ليس بوسع المرء إلا أن يحبه. عندما سمحت دليلة حليلو لدموعها أن تُذرف في مجلس الأمة، كانت المسرحية فيها تعاتب السيناتور. كانت أجواء "حافلة تسير" المسرحية الرائعة التي أدتها إلى جانب "عز الدين مجوبي"، تستعيد أحلامها بمسرح جزائري قوي وتتملى واقعها وهي سيدة ترسم السياسات وتقرر بشأن القوانين، لقد أصبحت الممثلة المسرحية والفنانة الشعبية سيناتورا بفضل اختيار بوتفليقة، ولكن بفضل ما قدمته طوال مسيرتها، وهو المكان الذي طالما نظرت إليه على أنه المقرر بشأنها كمسرحية، ولكنها لم تكن تملك مفاتيح من ذهب. كانت تلك الدموع عبارة عن موقف فنانة صادقة، لم تتمكن من كبت شعور عنيف في مكان يحتاج إلى التصلب أحيانا. احتفظ الجزائريون بصورة لدليلة حليلو، كلها مشاعر عبر ظهورها في التلفزيون والسينما، والمسرح بوجه أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه صادق إلى أبعد الحدود، تنتمي حليلو إلى أسرة فنية، فشقيقتها فطيمة هي الأخرى فنانة مسرحية وتلفزيونية، لهذا فهي تخبر الفن وتعيشه في الركح وخارجه. عندما اعتلت سدة "السينا" قدمت مونولوغا وصف بالرائع، "جميلة" كان مونولوغا مرفوعا لأرواح الفنانين الجزائريين من فنانة سيناتور. ففي آخر تدخلاتها في مجلس الأمة، بدت حليلو غاضبة جدا من زملائها الذين أهملوا الثقافة وشؤونها أثناء مناقشتهم لمختلف البرامج، وصبت جام غضبها عليهم، مؤكدة أن همها الأول هو الثقافة. لدى حصولها على المنصب تحوّلت حليلو إلى مصدر لغيرة الكثير من زملائها، الذين يتحدثون في الكواليس عن تخلفها عن الفن، لكنهم يلتقونها بكل فرح؟ ليس غريبا أن تلتقي دليلة حليلو وهي تتجول في صالون للكتاب أو معرض للوحات التشكيلية، فهي تمتلك حسا فنيا عاليا، ومن خلال اختياراتها تبدو قارئة نهمة، ممثلة ومسرحية في مجلس الشيوخ هي امراة أخرى تملك السبق.