لماذا يستغرب العالم كله من تصريحات وزير الشؤون الدينية، حين يجزم أن الجزائر لا يوجد بها فقراء..؟ الوزير كان صادقا جدا ولم يخترع شيئا من خياله، فهو كان يقصد مجتمعا آخر غير المجتمع الذي يعيش فيه السواد الأعظم من الشعب، إنه يقصد شعب موريتي الذي يعتبر الوزير أحد أفراده، إذا لا مجال للاستغراب وللاستنكار، فالوزير قال الحقيقة كل الحقيقة، ثم من قال إننا في حسابات الوزير حتى يتكلم عن فقرنا؟ بل من قال إن الوزير يسمع حتى بوجودنا؟ معاليه يعرف مقر عمله وموريتي مكان إقامته وسفريات أخرى تأخذه بعيدا عن شعب، لازال الوزير لم يسمع به، فلسنا سوى كائنات لا يجب ذكرها أو حتى حساب فقرائها، لأننا لن نخطر على بال الوزير ما دام وزيرا، وكيف يدرك معاليه أن ثمة فقراء وهو لم ينزل إلى حي باب الواد يوما كمواطن بسيط، ولم يطف بأسواقها ويقف على مزابلها ليرى بأم عينه معنى الفقر حين يصير كفرا. لكن الظاهر أن الفقر لم يعد كفرا فحسب، بل جريمة يعاقب عليه الوزير. لدرجة أنه يتجاهل وجوده أصلا، وعلينا أن نميز جيدا بين تصريحات المسؤولين حين يتعلق الأمر بمجتمعهم في موريتي، وتصريحاتهم حين يتعلق بمجتمعنا البائس، فقد صرح وزير التضامن ذات مرة أنه لا يوجد فقراء في الجزائر، ولكنه استمر إلى الآن في توزيع قفة رمضان للمعوزين، وهو بذلك لم يخطئ في تصريحه، لأنه كان يتحدث عن مجتمعه الآخر، وليس مجتمعنا الذي فيه ملايين من البشر ينافسون القطط والكلاب على عظمة وعلى الجيف في المزابل. هذا البريد محمى من المتطفلين , تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته