معروف أن الجنس اللطيف يمقت كرة القدم ولا يطيقها وأنه مشدود أكثر لكل ما هو رومانسي من مسلسلات وبرامج وأغان، لكن مباراة الجزائر-مصر المؤهلة لكأس العالم شكلت الفرق لدى الجنس اللطيف، إذ ألهبت قلوب النساء والمراهقات وحتى العجائز وشدتهن إلى متابعة المقابلة على مدار 94 دقيقة لتطلقن العنان عند نهايتها وتصدحن بالزغاريد وتملأن بهجة ليلة الجزائر التي لم تكن ليلة عادية كباقي الليالي. "الأمة العربية" رصدت تصرفات الجنس اللطيف وردات الفعل أثناء وبعد المباراة وعاشت معهن فرحة الإنتصار، هذه الفرحة التي أنست بعضهن أنها امرأة. فايزة "40سنة" أم لثلاثة أبناء، تقول أن المنزل انقلب رأسا على عقب أياما قبل المباراة، حيث امتلأت أرجاؤه بالأعلام الوطنية وألصق أولادها صور الفريق الوطني وصور زياني، صايفي وغزال على الجدران ومنعوها من إزالتها، فايزة التي لم تكن تطيق حتى شراء كرة قدم لأبنائها عندما كانوا صغارا تقول أنها وجدت نفسها دون أن تشعر "تدخل القالب" لتصبح من أشد المناصرات، إذ قامت بتعليق علم كبير على الشرفة، ويوم المقابلة ولشدة انشغالها تقول أنها نسيت تحضير وجبة العشاء ففرحة الفوز أنستها كل شيء وكان همها الوحيد هو إطلاق الزغاريد من شرفة المنزل لساعات امتدت إلى منتصف الليل، وعندما عاد زوجها وأبناؤها أحسوا بالجوع عندها فقط تذكرت أنها لم تحضر أي وجبة لكن تقول فايزة "الحمد لله لم يتنرفز زوجي وعذرني واكتفى بوجبة سريعة حضرتها عند الواحدة صباحا". نوال "29 سنة" إطار سامي بإحدى كبرى المؤسسات الاقتصادية، تقول أنها سمعت من أخيها الأصغر رغبة أبناء الحي في متابعة المباراة على شاشة كبيرة أسوة بالأحياء المجاورة وأن أحد الأشخاص طلب مبلغ 20 ألف دج مقابل إنجاز شاشة 2م/1.8م، فما كان منها إلا مساعدة أبناء حيها وإدخال الفرحة على قلوبهم إذ تكفلت بدفع مستحقات إنجاز الشاشة ونصبها وسط الحي، وتمكن كل أفراد الحي من متابعة مقابلة الجزائر-مصر وهو الأمر الذي خلق جوا خاصا لم يعرفه هؤلاء من قبل وراح الجميع يدعو لنوال بالخير واعتبروا المبادرة فأل خير على الخضر وتعهدوا بالحفاظ على الشاشة لمتابعة مقابلات كأس إفريقيا والمونديال العام المقبل بإذن الله. بمجرد إعلان الحكم نهاية المباراة بفوز المنتخب الوطني بفضل هدف "عنتر يحي" الذي أحرزه في شباك المصري عصام الحضري وتأهل الخضر رسميا لمونديال 2010 تقول هند "قامت الدنيا ولم تقعد، وفتحت كل أبواب المنازل وخرج الجميع رجالا، نساء وأطفالا والكل يهتف بحياة الجزائر"، هذه الأجواء كانت فرصة سانحة لهند لتأخذ مفاتيح سيارة والدها دون علمه وتنقل شقيقتها وجاراتها معها ويخرجن للاحتفال وسط العاصمة ولم يعدن إلى البيت إلا في حدود الواحدة والنصف صباحا، الأمر الذي تلقت على إثره هند توبيخا من والدها لكنها كما تقول لم يكن حادا لأن التأخر كان بسبب الإزدحام ومن أجل الجزائر وفقط. فرحة الفوز ونهاية المقابلة ودوي الأغاني الرياضية والأهازيج الشعبية داخل وخارج المنازل أنست "فاطمة الزهراء" نفسها إذ راحت تزغرد طويلا وتهلل فاتحة الباب لتخرج إلى الشارع وهي تقفز بدون أن تشعر إلى أن رأتها والدتها من شرفة المنزل لتنادي عليها قائلة، "أين خمارك يا فاطمة الزهراء؟" لكن لا حياة لمن تنادي، فخرجت على إثرها الأم هي الأخرى بلباس المنزل "جبة" حاملة خمارا بيدها لتشده على رأس ابنتها وتدخلها إلى الداخل وهو ما أثار ضحك الجيران الذين عذروا الفتاة قائلين أنها ليست الوحيدة فكل النسوة خرجن إلى الشرفات وسطوح المنازل دون غطاء على الرأس ومعظمهن محجبات. أيام قبل المباراة اتفقت ثلاث سيدات وهن آمنة، وهيبة ولطيفة على تحضير مجموعة كبيرة من الكعك وشراء المشروبات ليوم المقابلة، وبالفعل كان ذلك يوم المقابلة إذ قمن بتحضير المستلزمات إضافة إلى توفير الماء البارد وتوزيعها وقت المباراة على أبناء الحي الذين تجمعوا في الساحة المركزية لمتابعة لقاء الجزائر-مصر على شاشة كبيرة، وتمكنت المتبرعات الثلاث من إطعام ما يقارب 100 شخص والدافع من وراء هذه المبادرة كما تقول السيدة لطيفة "كنا متأكدين من فوز المنتخب الوطني وبما أن المقابلة جرت عند الساعة السادسة والنصف مساء ونهايتها يصادف موعد العشاء، ومع الفوز فإن جميع الشباب سيقضي الليل خارجا للاحتفال ولن يكون هناك وقت لتناول الوجبة لذا فكرنا في توزيع حلويات ومشروبات لسد رمق هؤلاء المناصرين وكذا احتفالا مسبقا بفوز فريقنا الوطني وتأهله لمونديال 2010".