جاء ذلك في رسالة قرأها محمد علي بوغازي، مستشار رئيس الجمهورية، موجهة إلى المشاركين في ندوة خاصة بذكرى مظاهرات 11 ديسمبر 1960 عقدت بعين تيموشنت، أول من أمس. وأكد الرئيس همة الشباب الجزائري قائلا "مرة أخرى شبابنا الذي رفع الأعلام بالملايين عبر المدن والقرى تيمنا برمزية هذه الراية التي استشهد في سبيلها مليون ونصف المليون من خيرة بنات وأبناء أمتنا، أن يسموا بأنفسهم إلى الأعلى وأن تتعلق هممهم بما هو أعلى في مواجهة التحديات في القضايا الكبرى وفي مسيرة بناء تنمية اقتصادهم ورقي مجتمعهم وحماية قيمهم والترفع عن كل ما لا يتماشى ومجدهم التليد وعزة نفوسهم الأبية". وأضاف رئيس الجمهورية في رسالته الخاصة، أن الشعب الجزائري "فرض على غلاة الاحتلال إرادته في انتزاع حريته واسترجاع سيادته ولم يفل التعنت والإرهاب ودعم الحلف الأطلسي وآلته العسكرية والإعلامية عبر العالم في إرادته واستماتته في ثورته التي بلغ صداها كل أرجاء العالم". وأوضح الرئيس أن الثورة الجزائرية "قطعت بشعبيتها وعدالتها في ساحة الوغى وفي المحافل الدولية، كل السبل على المشككين والواهمين، فغدا بذلك القاصي والداني على يقين لا يأتيه الباطل من بين يده ولا من خلفه من أن النصر للشعب الجزائري آت لا محالة". وذكر رئيس الجمهورية بأن من "ميزات شعبنا الثابتة" في التاريخ "التفافه قلبا وقالبا حول قضاياه المصيرية والتحامه كرجل واحد بإرادة صلبة من أجل الدفاع عن وحدته الشعبية والترابية والمنافحة عن قيمه ورموزه وتشبثه بمثله السامية". وأكد في هذا السياق، أنه بذلك "لا يخشى في الحق لومة لائم ولا يلين ولا يضعف أمام التحديات والمصاعب"، وهي شمائل وفضائل "توارثها جيلا بعد جيل وكانت دائما حصنه الحصين في مقاومته للغزاة والمحتلين عبر التاريخ". وبعد أن أوضح الرئيس بوتفليقة أن الشعب الجزائري الذي هب في مثل هذا اليوم منذ 49 عاما في وجه المحتل الجاثم على قلب الوطن منذ أكثر من قرن ونيف، والذي عمل كل ما في وسعه ليمحو من ذاكرة التاريخ حقيقة أمة ضاربة بأصالتها في جذور القدم، أكد إن هذا "اليوم المبارك جاء من أيام الثورة ليرفع تحديا آخر بعد التحدي الفاصل لنوفمبر 1954 وما تلاه من مواقف أربكت المحتل ودولته وفككت نسقه لتهوى عروشه جمهورية بعد أخرى". وأبرز رئيس الجمهورية أن "وحدتنا هي محور المرتكزات الأخرى التي يجب أن نتمثلها دائما للحفاظ على مكاسبنا المعنوية والمادية وللمضي قدما بعقلانية ومسؤولية في مسيرتنا التنموية والحضارية، لاستدراك وتجاوز قرون من التخلف التي فرضها علينا الاحتلال". مضيفا "ليس بعزيز على شعبنا الذي يمتلك مؤهلات حباه الله بها في وطنه الغني بالثروات المختلفة وبطاقة شبانية، برهن بها في الملمات عبر العصور، أنه عصي على الإذلال مجبول على المقاومة وعلى الصمود بكافة مقدراته وسجل علامات فارقة في التاريخ الوطني والإنساني". وفي هذا الشأن، ذكر رئيس الدولة بأن الشعب الجزائري "قدم للبشرية رموزا وإبداعات ومآثر في مجالات العلم والأدب وغيرها من المجالات التي يتنافس فيها المتنافسون"، فالشعب الجزائري كما قال الرئيس "يصنع اليوم من خلال شبابه نهضة الوطن في الجامعات والمعاهد والمدارس والمؤسسات والمصانع، ويبني مفاخر الجزائر في المنابر الدولية من خلال نجاحاته مؤخرا في الاستحقاقات الأدبية والفكرية والرياضية". جدد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، حرص الجزائر على تمسكها الدائم بالمبادئ والقيم التي ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وأوضح رئيس الجمهورية، في رسالة إلى المشاركين في ملتقى نظم بالجزائر العاصمة الخميس الفارط بمناسبة إحياء الذكرى ال 61 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان قرأه نيابة عنه الأمين العام لرئاسة الجمهورية حبة العقبي، أن الدولة الجزائرية "أدرجت مبتغى تعزيز مكاسب الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية الذي زكاه الشعب في سبتمبر 2005 كمحور أساس فيما يحدوها من عزم على إعادة التقويم الوطني"، وهذا إدراكا منها كما قال بأن ترقية وحماية حقوق الإنسان "لا تتحقق إلا في كنف السلم المدني والاستقرار المؤسساتي وأمن الأشخاص والممتلكات". وذكر في هذا الصدد، بأن الجزائر "طرف في جل الأدوات الدولية لحقوق الإنسان"، مشيرا إلى أنها دأبت منذ أن نالت استقلالها على "تخصيص القسط الأوفر من مواردها لتنميتها الاقتصادية والاجتماعية ولتحسين مستوى معيشة شعبها ورخائه". وأضاف أنه "سواء أتعلق الأمر بالحقوق المدنية والسياسية المعترف بها عالميا أم بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فإن بلادنا التزمت بترقيتها وحمايتها باعتماد جملة من المعايير والتشريعات الدستورية والقانونية والتنظيمية إلى جانب آليات داخلية للتنفيذ والتقويم والطعن تضمن التمتع بجميع هذه الحقوق والحريات". واعتبر رئيس الجمهورية تصديق الجزائر منذ فترة وجيزة على الاتفاقية الدولية من أجل حماية حقوق العمال المغتربين وأعضاء عائلاتهم والاتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الأشخاص المعوقين، إلى جانب رفع التحفظات على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة: "كلها شواهد على إرادتنا في الحفاظ على المستوى العالي لالتزامنا لصالح حقوق الإنسان". ويضيف رئيس الجمهورية أنه على الصعيد الجهوي، حرصت الجزائر على الدوام في إطار الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب كما في إطار الميثاق العربي لحقوق الإنسان على "دور بارز في المجالين الإفريقي والعربي لحماية حقوق الإنسان وترقيتها". وبعد أن أعرب عن "اغتباطه للأشواط الكبيرة التي قطعتها المجموعة الدولية في مجال إحداث وسائل وآليات حماية حقوق الإنسان"، لاحظ الرئيس بوتفليقة أن "شعوبا كثيرة ما تزال اليوم محرومة من حقوقها الأساسية وما تزال تعيش بفعل نظام عالمي جائر على هامش مثل السلم والتقدم والازدهار". ويستطرد رئيس الجمهورية قائلا "إننا بهذا الشأن كلنا على يقين من أن حقوق الإنسان لا يمكن أبدا فصمها عن حقوق الشعوب"، معتبرا أن "التحديات التي تنتظر من المجموعة الدولية رفعها تتصل بتنفيذ حقوق الشعوب بالمفهوم الذي تفرضه الأخلاق ومنها خاصة الحق في السلم والحق في ممارسة حق تقرير المصير بكل سيادة والحق في التنمية والحق في الحياة في مأمن من الخوف والبؤس وفي محيط يحافظ على التوازن البيئي لكوكبنا".