لإنجاز الأمور على أحسن وجه، يحتاج المرء لأشخاص فعالين وأكفاء. ولعل أنتوني بافو يصنف بجدارة ضمن هؤلاء فتاريخ هذا النجم الذي يبلغ من العمر 44 سنة يعج بالإنجازات الهامة. أما تجربته وشخصيته الملتزمة، بالإضافة إلى كلماته وكفاءته في التسيير الرياضي كلها صفات تجعل منه خير سفير لكرة القدم الإفريقية. ولأنه نجل دبلوماسي غاني، فقد ترعرع بافو بالقرب من بون، عاصمة ألمانياالغربية سابقاً وصنع لنفسه اسماً رناناً داخل البوندسليغا خلال ثمانينيات القرن الماضي، مما أهله لأن يحظى بشعبية واسعة داخل ناديي كولون وفورتونا دوسلدورف. وقد شارك بافو في 16 مباراة دولية رفقة منتخب بلاده الوطني، قبل أن يعتزل اللعب ليبدأ بعد ذلك مسيرة ناجحة في التلفزيون الألماني من خلال عدد من البرامج الرياضية. أما اليوم، فيشغل بافو منصب مستشار الشؤون الدولية في اتحاد كرة القدم الغاني، كما يشغل عدداً من المناصب في الإتحاد الأفريقي والاتحاد الدولي، بالإضافة إلى منصب الأمين العام لاتحاد كرة القدم الاحترافية الغاني وتربطه علاقات وثيقة برابطة لاعبي كرة القدم المحترفين . ويتطلع بافو إلى تنظيم نهائيات كأس العالم جنوب إفريقيا 2010 بفخر واعتزاز كبيرين. وعشية مطلع هذا العام الجدد والهام الذي ستتوجه فيه كل الأنظار صوب القارة السمراء، خص بافو موقع FIFA.com بمقابلة تحدث فيها عن بعض أفكاره المهمة والشخصية. توني، إنك في موقف حرج اليوم. ففي نهائيات كأس العالم جنوب إفريقيا FIFA 2010 سيلعب فريقاك: غانا، حيث تمتد فيها جذورك، وألمانيا مسقط رأسك، في مجموعة واحدة هي المجموعة الرابعة. ماذا كانت ردة فعلك الأولى خلال سحب القرعة النهائية في كايب تاون؟ لقد كان الأمر مسلياً! فقد كنت أتابع الحفل على بعد بضعة مقاعد من الوفد الألماني وكنا قد ألقينا التحية وتبادلنا أطراف الحديث قبل انطلاق حفل سحب القرعة. وبعد أن رأينا نتيجة القرعة قلت لنفسي: "يا لها من صدفة!" إنها قرعة رائعة، لكن نتيجتها صعبة جداً في ذات الوقت. غير أنني أعترف بأن قلبي يساند غانا مائة في المائة، رغم أن الصلات التي تربطني بألمانيا حيث تقطن أمي وأختي (ليز بافو، الممثلة المشهورة) لا تزال وثيقة جداً. ما رأيك في المجموعة الرابعة؟ وكيف ترى المباراة التي ستجمع بين فريقيك غانا وألمانيا؟ بطبيعة الحال ألمانيا مرشحة بقوة للفوز بالمباراة، ولكني متأكد أن بعض التوتر سينتاب الألمان حيال مواجهة غانا. فنحن من أفضل الفرق الأفريقية ونقترب شيئاً فشيئاً من أن نصبح من بين أفضل المنتخبات العالمية. لقد خلقنا ضجة كبيرة في نهائيات كأس العالم الأخيرة ومنذ ذلك الحين اكتسب لاعبونا تجربة أكبر. أعتقد أن هذه المجموعة ستكون اختباراً حقيقياً لمنتخبنا الغاني وأنا على يقين أننا سنجعل إفريقيا تفخر بنا. هل تعتقد أن أول كأس عالم تنظم في على أرض إفريقية ستكون بمثابة مباراة محلية بالنسبة للمنتخب الغاني؟ نعم، أعتقد أن الأمر سيكون كذلك، رغم أن كأس العالم ستجرى في ظروف مناخية مختلفة عن تلك التي اعتدنا عليها في غرب إفريقيا. ولكن المشجعين في جنوب إفريقيا يساندوننا بطبيعة الحل- لا شك في ذلك! هل تتوقع أن يفوز منتخب إفريقي بكأس العالم ؟ لن تكون مهمة المنتخبات الأوروبية والأمريكية الجنوبية سهلة في تجاوز ممثلي القارة السمراء الستة. أعتقد أنه من المهم جداً أن يتأهل أكبر عدد ممكن من المنتخبات الأفريقية إلى الدور الثاني، وبعد ذلك سيتأهل واحد من هذه المنتخبات – سواء تعلق الأمر بكوت ديفوار أو غانا أو أي منتخب آخر - إلى نصف النهائي وسيحصل على الدعم الكامل من الجماهير المحلية ومنذ تلك اللحظة، يصبح كل شيء ممكناً. هل يمكنك القول أنك، كأفريقي، فخور أن نهائيات كأس العالم ستنظم أخيراً في القارة السمراء، وذلك في غضون ستة أشهر؟ أجل، فأنا فخور جداً بذلك! فعندما أنظر إلى التقدم الذي تم إحرازه والسلاسة التي تم بها تنظيم حدث مثل حفل سحب القرعة النهائية في كايب تاون تجدني أذرف الدموع لذلك. لقد تعلمنا الكثير ونحن الآن نولي اهتماماً خاصاً للتفاصيل الصغيرة. الجميع يعمل بجد وأمور مثل احترام المواعيد والانضباط أصبحت ذات أولوية قصوى بالنسبة لنا. وهذا ما يجب أن تكون عليه الأمور سواء في كرة القدم أو خارجها إن كنا نريد أن نلحق بالركب العالمي، ثم البقاء ضمن الأوائل. وأكثر من أي شيء آخر، أريد أن أخص بالشكر رئيس السيد جوزيف بلاتر. فجنوب إفريقيا كانت تعاني من وساوس الشك بشكل دائم ولا أحد كان يثق في قدرة القارة السمراء على تنظيم بطولات كبيرة من حجم كأس العالم. ولكن السيد بلاتر آمن دائما بنا ولن أنسى أبداً تصريحه الذي قال فيه: "الخطة (أ) هي جنوب إفريقيا، الخطة (ب) هي جنوب أفريقيا و الخطة (د) هي كذلك جنوب أفريقيا. لقد أظهر أنه يؤمن بقدراتنا نحن الأفارقة. وأنا سعيد وممتن أيضاً لرئيس الاتحاد الإفريقي CAF السيد عيسى حياتو، الذي عمل بجد باسم الكرة الأفريقية لمدة 25 سنة. ستكون 2010 سنة أفريقية بامتياز في مجال كرة القدم، لكن 2009 كانت هي كذلك سنة مهمة بالنسبة للقارة. ما هي انطباعاتك بخصوص هذه السنة؟ لقد احتضنت القارة السمراء ثلاث بطولات وهي كأس القارات وكأس العالم تحت 20 سنة وكأس العالم تحت 17 سنة. فتهانينا لجنوب إفريقيا ومصر ونيجيريا التي احتضنت هذه المنافسات. إن تنظيم بطولات من هذا الحجم من شأنه أن يساعد قارتنا على المضي قدماً. إن الاهتمام الإعلامي الذي حظيت به القارة السمراء أمر مدهش ولا يصدق، وذلك عائد بطبيعة الحال لنهائيات كأس العالم ولكن أيضاً بسبب كأس الأمم الأفريقية CAF التي ستنطلق قريباً. إنه أمر مدهش حقاً ولقد كنت سعيداً جداً عندما فازت غانا بكأس العالم تحت 20 سنة، لأن ذلك يعد تتويجاً لإفريقيا كذلك. ستنطلق نهائيات كأس الأمم الإفريقية 2010 CAF في أنغولا في العاشر من جانفي. هل تعتقد أن غانا ستفوز باللقب؟ التتويج باللقب هو بطبيعة الحال الهدف الرئيس للمنتخب. فقد سبق لغانا أن فازت بهذه الكأس أربع مرات ولهذا فهي دائماً مرشحة للمنافسة على البطولة. وتعود آخر مرة بلغنا فيها النهائي إلى سنة 1992 عندما خسرنا بالركلات الترجيحية في نهائي مثير أمام منتخب كوت ديفوار. أتذكر ذلك كما لو حدث البارحة – ومع ذلك كنت ألعب (يضحك) وأمزح وكنا نناضل من أجل اللاعبين، ولذلك يضم المنتخب الآن ستة عناصر من منتخب تحت 20 سنة. لن تكون المهمة سهلة، وسيكون الأمر مثيراً أن نشاهد كيف سيتمكن هؤلاء اللاعبون الشباب من أداء مهمتهم على أحسن وجه. أنا متأكد أنك مازلت تحتفظ بذكريات طيبة عن سنة 1983 عندما كنت أول لاعب من أصول أفريقية يلعب في الدوري الألماني الممتاز لكرة القدم. بعد 27 سنة من ذلك ستنظم أول كأس عالم على أرض أفريقية. ما هو إحساسك إزاء ذلك؟ لأكون أميناً وصادقاً، سيتطلب ذلك بذل جهود جبارة. ففي تلك الحقبة من الزمن، عندما كان الناس يتحدثون عن أشياء مثل العنصرية، كانوا يسعون إلى تحسين الأوضاع وبعث الأمل في إمكانية تغير الأمور في المستقبل. لقد قطعنا اليوم أشواطاً طويلة. عادة ما كنت أجد نفسي في مواقف حرجة كلاعب ولكني كنت أملك مقومات جسدية وكنت أتقن اللغة الألمانية. العديد من الناس لم يصدقوا كيف أن لاعباً أسمر البشرة يستطيع أن يتكلم الألمانية أفضل من الكثير من اللاعبين الألمان ومع ذلك فقد ترعرعت هنا في ألمانيا واستطعت تحقيق الكثير بفضل التعليم وكنت كثيراً ما ألجأ إلى الدعابة والسخرية لإثارة انتباه الناس. ومع مرور السنين وبفضل العديد من المشاريع – كان البعض منها تحت إشراف – استطعنا أن نغير الأشياء. لقد أصبح العالم يقبل بالتعددية الثقافية ونحن اليوم على الطريق الصحيح وأنا فخور لأنني ساهمت في ذلك. ما هي أهم الأحداث التي طبعت حياتك الشخصية في 2009؟ من وجهة نظر رياضية، كان الحماس الكبير الذي أظهره المشجعون في كأس القارات وفوز غانا بكأس العالم تحت 20 سنة، بالإضافة إلى التجربة التي اكتسبتها كعضو في بعثة في كأس العالم تحت 17 سنة. حقيقة لقد تعلمت الشيء الكثير. لقد كان هناك حدث مهم آخر بالنسبة لي وهو احتفال والدتي بعيد ميلادها الثمانين. ما هي أمنياتك لسنة 2010؟ ما أتمناه هو أن يتمتع أبنائي الثلاثة شاكيل وبوكيم وكييشيرا وزوجتي كلسومي بالصحة والعافية. وأتمنى كذلك أن يفوز منتخب إفريقي بكأس العالم جنوب إفريقيا 2010 .