أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس الأحد، أن التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم تتطلب المواكبة "بالحكمة والحنكة"، مشيرا إلى أن الخيارات الإستراتيجية لتفعيل الاقتصاد الوطني هي "مواكبة للوضع الذي يمر به الاقتصاد العالمي". وفي رسالة له بمناسبة إحياء ذكرى عيد النصر المصادف ليوم ال19 مارس من كل سنة قرأها نيابة عنه المستشار برئاسة الجمهورية، محمد علي بوغازي، قال الرئيس بوتفليقة: "بالفعل إن الخيارات الإستراتيجية في تفعيل وتحسين الاقتصاد الوطني وفق السبيل الذي تنتهجه البلاد مواكبة للوضع الراهن الذي يمر به الاقتصاد العالمي وتحقيقا للتنمية الشاملة في كافة الميادين هو خيار يأخذ حقا في الحسبان الوضعية الحقيقية للإمكانيات المتاحة للوطن ويأخذ في الحسبان كذلك كل الحقائق للعالم الذي نعيش فيه". وأضاف رئيس الجمهورية أن الشعب الجزائري "ظل حاملا لرسالة الوفاء والإخلاص للوطن ومدافعا عنها وظل صابرا بالأمس ومكابدا للمحن وتجاوزها بأثمان باهظة، شعبنا الذي استلهم الدروس واستخلص العبر من الوطنية ليحول الجزائر إلى بلد آمن بعون من المولى الكريم الذي ألهمنا سياسة السلم والمصالحة الوطنية التي نراها تتعمق كل يوم في نفوس المواطنين فاندفعوا في جو من الثقة والطمأنينة، يطلقون الورشات الكبرى الاقتصادية والصناعية والفلاحية منها". كما أكد الرئيس بوتفليقة أن الدولة "تمكنت من تجسيد سلطان القانون في الميدان واستقلالية القضاء وتطبيق الإصلاحات التي جاء بها الدستور الذي كرس تحولات عميقة بما يمكن من تحصين الوطن وجعله في أمان ومأمن في الداخل والخارج". كما دعا رئيس الجمهورية الشعب الجزائري "إلى التحلي باليقظة والحفاظ على المكاسب التي حققتها البلاد وضمان استمراريتها بما يجعل المواطن يعيش حرا في إطار الديمقراطية". وأضاف رئيس الدولة أن هذه الديمقراطية "تبنى وتبرز الكفاءات والخبرات التي تعود على الوطن بالفلاح والصلاح، وتمكن بناتنا وأبنائنا من أن يفتخروا بما أنجزوه وما حققوه، في محيط استطاعوا فيه استرجاع والحفاظ على الأمن والسلم"مؤكدا أن استرجاع السلم جاء بفضل تضحيات الشعب الجزائري ووعيه "وفي المقدمة أفراد الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني وقوات الأمن من درك وشرطة الساهرين على أمن البلاد والعباد". وتابع الرئيس بوتفليقة قائلا: "وإنها لمناسبة نجدد لهم فيها جميعا ضباطا وضباط صف وجنودا وعناصر تحية إكبار وتقدير، وإنحاء خاشع على شهداء الواجب الوطني". كما دعا بوتفليقة الجزائريين إلى الاقتداء بأسلافهم في صنع الأحداث والانتصارات لبناء "جزائر قوية اقتصاديا وصلبة أمنيا". وفي هذا الإطار، ذكر الرئيس بوتفليقة بما قاله في إحدى المناسبات من سنة 2009 عندما أكد أن "الواجب اليوم يحتم علينا أن نتجاوز توصيف الأحداث وتصنيفها في التاريخ، كما لو كانت حالا باهتة بلا أبعاد أو أحداث لا تستند إلى علل وأسباب". وأضاف رئيس الدولة أن الشعب الجزائري "استلهم الدروس واستخلص العبر من المأساة الوطنية ليحول الجزائر إلى بلد آمن بعون من المولى الكريم الذي ألهمنا سياسة السلم والمصالحة الوطنية التي نراها تتعمق كل يوم في نفوس المواطنين فاندفعوا في جو من الثقة والطمأنينة يطلقون الورشات الكبرى الاقتصادية والصناعية والفلاحية منها". كما أكد بوتفليقة أن عيد النصر يعد "محطة بارزة" في تاريخ الجزائر و "تتويجا لكفاح مرير" ضد الاستعمار الفرنسي عانى ويلاته الشعب الجزائري وما يزال يعاني من آثاره إلى يومنا هذا". وتابع رئيس الجمهورية قائلا: "إنه يوم أنهى فيه شعبنا البار حقبة طويلة من الاستعمار, ووقف فيه وقفة عز ومجد وانتصار، بعد ثورة نوفمبر المجيدة التي صنعها أبناؤه بما وهبهم الله من إرادة وإيمان لا يصدهما عن بلوغ الغاية الحديد ولا النار، وبما قدموا من تضحيات جسام, ملايين من الشهداء، والمعطوبين ومن الأيامى واليتامى، فضلا عن الخراب والدمار، وما خلف كل ذلك من وضعيات مأساوية مست كل أسرة في كافة أنحاء البلاد". وأكد رئيس الدولة أنه "إذا كان 19 مارس 1962 تاريخ وقف إطلاق النار، جاء بفضل تضحيات الشهداء والمجاهدين، فقد كان أيضا نتيجة مفاوضات شاقة قادها وفد الجزائر المكافحة، الذي استطاع أن يحاور المستعمر بعبقرية وكفاءة, ملؤهما الإخلاص والوفاء للوطن، وعلى الرغم مما كان لدى الخصم من مراجع ومصادر فقد استطاع الوفد الجزائري أن يفتك حق شعبنا كاملا في حريته وسيادته على أرضه دون أن ينقص منها باع أو ذراع". وخلص الرئيس بوتفليقة إلى القول "وبهذه الملحمة، حربا ومفاوضات، أعطى شعبنا وثورته الخالدة الصورة الرائعة لمسيرته التي نفتخر بها اليوم وغدا، ونحيي ذكرى أيامها الخالدات، ونعتبر بمثلها وقيمها ونتسلح بها للمضي قدما نحو الغاية التي نصبو إليها، من العمل والجهد وربح معركة الجهاد الأكبر، معركة البناء والتشييد لنصنع الجزائر التي كانت حلم شهدائنا الأمجاد، والتي لا تزال تحرك وجدان مجاهدينا ومجاهداتنا البواسل الذين نزف لهم جميعا اليوم تحية التقدير والإكبار".