يومان بعد زيارة بجاية عاصمة الحماديين، ثاني أكبر مدن منطقة القبائل، فضّل المرشح المستقل، عبد العزيز بوتفليقة، مواصلة الحملة الانتخابية لرئاسيات 2009 بالانتقال غدا الجمعة إلى مدينة تيزي وزو التي يعتبرها دعاة المقاطعة مكسبا. اختيار بوتفليقة مدينة تيزي وزو ضمن برنامج الحملة الانتخابية، لا يحمل بالمقياس السياسي أية دلالة خاصة، كون هذه المدينة هي أولا وقبل كل شيء من المدن الجزائرية ومن حق كل مترشح مخاطبة سكانها وطرح برنامجه الانتخابي. لكن بمقياس المنافسة الإنتخابية، تشكل هذه الزيارة مع بداية الأسبوع الثاني للانتخابات، محطة هامة لحشد الأنصار وحثهم على التوجه إلى صناديق التصويت، سيما أن دعاة المقاطعة في هذه الولاية يعتقدون أنهم يشكلون الأغلبية ويسيطرون على جزء مهم من الشارع ويتصرفون في خيارات الناخبين. كما أن زيارة هذه الولاية التي تريد التنظيمات الإرهابية، خاصة تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال، فرض حصار عليها من خلال التمركز في الجبال المحاذية لتيزي وزو وعزلها عن النشاط الاقتصادي والسياسي، هي بمثابة رسالة تحدي واضحة لهذه التنظيمات أن المعركة مع الإرهاب مستمرة رغم النداءات المتكررة للمصالحة. ومن جهة أخرى، فإن المرشح بوتفليقة لا يريد أن يترك هذه الولاية التي يحظى فيها بدعم قوي وعلني من بعض شخصياتها المؤثرة على غرار محند شريف حناشي، رئيس شبيبة القبائل، ورجل الأعمال، علي حداد، صاحب أكبر مؤسسة أشغال عمومية، والمطرب القبائلي الملتزم آيت منڤلات، على ضفاف أكبر موعد سياسي في البلاد. صحيح أنه من الناحية التقليدية، شكلت ولاية تيزي وزو بمختلف بلدياتها إلى جانب بعض المدن الجزائرية، حالة استثنائية في ظاهرة العزوف الانتخابي، وهو تصرف ليس نتاج عدم مبالاة المواطنين، وإنما خيار حزبي ناضلت من أجله أحزاب منطقة القبائل على غرار الأفافاس والأرسيدي وحركة العروش ؛ غير أن مثل هذا الواقع السياسي والاجتماعي، لا يعني أن اللعبة في المنطقة القبائل مغلقة باتجاه عدم المشاركة مسبقا، وبالتالي الاستسلام لمنطق دعاة رفض المشاركة. وإذا كانت الإنتخابات التشريعية الأخيرة قاطعها حزب آيت أحمد الذي يقوم حاليا بحملة إيجابية لمقاطعة الرئاسيات. وقاطع حزب الأرسيدي من قبل الانتخابات البلدية رغم طابعها الجواري وأهميتها في تسيير الشؤون المحلية للسكان. وهذه المرة، يشترك الأفافاس والأرسيدي في مقاطعة الانتخابات الرئاسية بحجة أن اللعبة السياسية مغلقة، والنتيجة معروفة مسبقا بفوز الرئيس بوتفليقة، فإن التوجه إلى سكان تيزي وزو هو محاولة لاقتراح برامج ومقاربات مختلفة تكون الكلمة الأخيرة فيها لسكان المنطقة. بالنسبة إلى وزير الداخلية، يزيد زرهوني، فإن نسبة المشاركة لا تشكل عقدة أو دليلا على فشل سياسة الحكومة، بل إن الأهم من هذا هو التأكد من أن المواطن في هذه المنطقة وغيرها يتمتع بكامل الحرية للتعبير عن موقفه دون ضغط أو إكراه. أما إذا كان هذا المواطن يفضّل عدم المشاركة كخيار سياسي، فهذا على حد تعبيره حق سياسي لا يجادل فيه أي كان. فهل ينجح بوتفليقة في تحدي أنصار المقاطعة فوق ميدانهم الخاص؟. فيصل بخوش خص باستقبال شعبي حار بوتفليقة يدعو البجاويين إلى فتح صفحة جديدة دعا المترشح الحر، عبد العزيز بوتفليقة، من بجاية الشعب الجزائري للتصويت بقوة في رئاسيات التاسع من أفريل المقبل لخلق الاستقرار السياسي الذي تحتاجه البلاد، خاصة وأن "لديكم العديد من المترشحين ولا بد من اختيار مترشح واحد ومهما يكن اختياركم فالمهم هو ازدهار الجزائر والمنطقة". ورد المترشح على انشغالات سكان ولاية بجاية "بأنكم طرحتم عليّ مشاكلكم، ونقول اليوم أنا ليست لديّ سلطات وأنا مترشح ومحتاج إليكم للتصويت عليّ من خلال مشاركتكم القوية في الانتخابات القادمة". مضيفا أن "جزائر العزة والكرامة تنتظركم خاصة وأنكم تغيبتم عليّ شوية واستنيناكم كثيرا". ولم يتوان عبد العزيز بوتفليقة في التأكيد على أن اللقاء تاريخي في حياة الجزائر المعاصرة خاصة وأنه لم يزرها منذ وصوله سدة الحكم "ولكنني اقتنعت أكثر من أي وقت مضى بأن هذه اللحظة تذكرني بضحايا 2001"، في إشارة إلى ضحايا مسيرة حركة العروش بالعاصمة. وأضاف "وان كانت لي مشاكل معكم فأنا ضيف عند "يما ڤورايا" وضيف عند "لالا فاطمة نسومر" والمجاهدين وكل المواطنين الأحرار". وإذا كنتم أمازيغ، فأنا لاحظت بأن كل الجزائريين أمازيغ، وكأمازيغ نموت على الجزائر، وإذا كنا مسلمين فنموت على الجزائر وإذا كنا عربا فنموت على الجزائر". بوتفليقة الذي تحدث مطولا على حقوق المرأة، خلال التجمع الشعبي الذي نظم بالملعب البلدي للولاية والذي خصص لموضوع حقوق المرأة، قال "لا بد أن نكتب ونفتح صفحة جديدة نتعاهد فيها على الأمن والأمان، لأن الجزائر بحاجة لهذا، ولأن قضية الأمن قضية كل الجزائريين، فنحن نحتاج إلى شيء من حب الوطن وهذا موجود والحمد لله". وكما تحتاج الجزائر إلى الأمن، فإنها تحتاج إلى برنامج تنموي، لكن المترشحين قدموا برامج جديدة، قال المترشح. و"أنا أعرض برنامجي القديم وإذا كنتم ترغبون في أن تزيدوا فيه فصوتوا لي يوم الاقتراع". وكان الرئيس في أول زيارة له إلى ولاية "يما ڤوراية" حظي باستقبال شعبي حار عند مدخل المدينة أين توافدت جموع غفيرة من سكان المنطقة منذ الساعات الأولى من نهار أمس، هاتفين باسم الرئيس.