كثرت الحفلات الفنية في الآونة الأخيرة بالجزائر، وظهرت معها موجة استقدام الفنانين العرب والعالميين من الغرب، من طرف منظمي الحفلات والوكالات الفنية حيث أصبحت هذه الأخيرة تستقدم مطربين يكثر عليهم الطلب على غرار تامر حسني، أصالة نصري، إليسا، ماجدة الرومي، نبيهة كراولي، لطيفة رأفت وإلين سيغارا وقريبا نانسي عجرم، وكانت ضمن الرزنامة هيفاء وهبي، مع دخول موسم الصيف تكون القاعات الخاصة بالحفلات محجوزة ولفترة طويلة من طرف هؤلاء المنظمين. وبين منظمي الحفلات في القطاع الخاص ومنظمي الحفلات التابعين للقطاع العام، يبقى المواطن الذي ينتظر حضور ومشاهدة مطربه المفضل، يترقب جيبه وقيمة التذكرة التي تكون بأثمان أحيانا مبالغ فيها، وإن كانت زهيدة نوعا ما عندما يعود تنظيم الحفلات إلى مؤسسات الدولة،"النهار" رصدت آراء مختلفة حول الموضوع مع منظمي الحفلات في الجزائر. فضاء واحد وأهداف متباينة تنشط هيئتان عموميتان في هذا المجال، على غرار مؤسسة فنون وثقافة والديوان الوطني للثقافة والإعلام، حيث يتم استقدام الفنانين العرب، باعتماد هذه الأخيرة على تمويل الدولة بهذا الخصوص، إذ أكدت المسؤولة بخلية الإعلام في الديوان الوطني للثقافة والإعلام أن جل الفنانين الذين يزورون الجزائر في إطار إحياء حفلات فنية، لا يعرفون الجزائر بشكل كاف، وحتى في المجال الفني لا يعرفون سوى أغنية الراي بسبب انتشارها عالميا، وجلهم يعرفون فقط الشاب خالد والشاب مامي، والحاج رابح درياسة. وتضيف محدثتنا أنه من خلال الحفلات التي يقيمونها يتعرف بعض المطربين العرب الكبار على الفن المحلي ويبادرون بترديد بعض الأغاني الجزائرية على ركح تيمڤاد في فعاليات مهرجان تيمڤاد الدولي بباتنة، وكذلك في مهرجان جميلة بسطيف، وهناك من المطربين من أعادوا أغاني جزائرية في ألبوماتهم، ومنهم الفنان حسين الجسمي الذي أعاد أغنية من التراث الجزائري "هاك دلالي"، ولا يمكن إغفال صورة الجزائر في عيون هؤلاء الفنانين، التي تبقى محدودة عن الفن الغنائي أو القدرات السياحية الهائلة، وتكاد تقتصر على ثقافة الثورة فقط. أما مؤسسة فنون وثقافة، التي تستقطب فنانين عالميين في طبوع مختلفة، بين الشرقي والغربي، وتمكنت من تنظيم حفلات مع مطربين من الأرجنيتن ومن فرنسا وألمانيا، وحدث لها نفس الشيء مع المطربين، فهم لا يعرفون سوى القليل عن الثقافة الجزائرية، خصوصا في المجال الفني، ومع الاحتكاك مع الجمهور الجزائري يتم التعرف على هذا التنوع المحلي الزاخر. ولا يمكن إغفال ظاهرة جديدة، وهو استقدام الفنانين للحصص الفنية كتلك التي ينظمها التلفزيون الجزائري، فقد تم جلب فنانين لحصص تلفزيونية على غرار حصة "ألحان وشباب"، وحصة "دزاير شو". ولكن ما يعاب على هذه المؤسسات، هو انحرافها عن الخط والهدف الذي تسعى إليه، بحيث ابتعدت عن الترويج بالشكل الكافي للثقافة والسياحة الجزائرية، وخاصة من ناحية التغطيات الإعلامية للبلاد التي ترافق زيارة الفنان الذي يحيي الحفل. الحفلات الفنية تلهب الشباب وتجني أرباحا خيالية بالمقابل، ظهرت مؤسسات فنية خاصة ترعى الحفلات الفنية مثل "كارموبا" و"قمر الجزائر" و"فاقم سات"، وأصبحت منافسا لمؤسسات القطاع العام، واستطاعت أن تجلب فنانين معروفين يكثر عليهم الطلب بشكل كبير جدا. وقد حملنا السؤال عن الهدف من جلب هؤلاء المطربين بأثمان خيالية وهو ما ينعكس سلبا على تحديد ثمن التذكرة، خصوصا إذا علمنا أن معظم الذين يحضرون الحفلات الفنية هم من فئة الشباب والمراهقين، حيث أكد صاحب شركة "قمر الجزائر"، محند خديم، "إن الغاية التي تأسست عليها الشركة لا تقتصر بالضرورة على الربح، وإن كان الجانب التجاري هو جانب من عمل المؤسسة، ولكن بالمقابل فإن سعر التذكرة هو سعر مدروس ويراعى فيه الفئات العمرية التي سوف تحضر الحفل"، وأضاف "نحن نعمل حاليا على مشروع إحياء حفل فني مع المطربة اللبنانية نانسي عجرم في أوت القادم، كما نعمل على الترويج للسياحة الوطنية بجلب معجبين لحضور الحفل من البلدان المجاورة، ولدينا طلبات من طرف شباب يريدون حضور حفل نانسي في الجزائر وهم من تونس والمغرب". كما أكدت، راضية بن شيخ ، المشرفة على معظم الحفلات الفنية في الجزائر "أن منظمي القطاع العام ليسوا كنظرائهم في القطاع الخاص، لأن الحفلات التي تمولها الدولة لا يهمها الربح بشكل كبير، أما القطاع الخاص فيعتمد على الممول بشكل رئيسي وعلى الإشهار طبعا، وكذلك على مبيعات التذاكر"، وكاسترتيجية تصب في هذا الغرض، أشارت بن شيخ إلى أن الخواص لجأوا مؤخرا إلى طرح التذاكر للبيع في نقاط مختلفة قبل بداية الحفل بأسبوع كامل.