بعدما كانت تونس والمغرب ومصر وجهة السياح الجزائريين أصبح الجزائريون يفضلون قضاء عطلتهم الصيفية خارج أرض الوطن بهدف الاطلاع على حضارات وثقافات الشعوب، فصار الجزائري شغوفا بالتعرف على الأماكن الأثرية وكذا زيارة المناطق السياحية، باعتبار السفر وسيلة جيدة لدى الزائرين للترويح عن أنفسهم وتجديد أفكارهم. كما أنه فرصة ثمينة لتغيير النمط الروتيني السنوي الذي نعتاد عليه واستغلال كل الوقت خلال الزيارة. ومن الدول التي أصبحت تستقطب السائح الجزائري مؤخرا، تركيا ومالطا، بعد تونس والمغرب ومصر، وهو ما أكدته لنا أغلب الوكالات السياحية التي تقربنا منها. مهند ونور .. معالم سياحية جديدة وتحظى تركيا هذه السنة بإقبال كبير من قبل السياح الجزائريين، وخاصة العائلات منهم، بعدما كانت تستقطب فئة التجار فقط، ولعل أهم دافع إلى زيارة هذا البلاد هو ما فعلته تلك المسلسلات التركية، كمسلسل "سنوات الضياع" ومسلسل "نور" والتي تبث على القنوات العربية، حيث أصبح الشباب يفكر في زيارة هذا البلد بأي طريقة للالتقاء ب "مهند" أو"نور" أو"لميس"، فضلا عن إمكانياتها السياحية ومعالمها التاريخية والحضارية الباهرة، التي تجعل من تركيا ملتقى الحضارة العربية الإسلامية والحضارة الغربية يختزل معالمها وثقافاتها في المكان والزمان. فعائلة "محفوظ. ر"، تحزم حقائبها لتحط الرحال بتركيا بطلب من ابنتهم "فريدة"، البالغة من العمر 18 سنة والتي تحصلت على شهادة البكالوريا، فهي من عشاق مسلسل "نور" وألحت على والدها على زيارة تركيا لترى أين يسكن "مهند" و"نور" . وقد جعلت موجة هذه المسلسلات التركية التي روجت الكثير للقدرات السياحية هناك، النساء هن اللواتي يخترن وجهة السفر هذا العام ومنهن" فلة "، التي شجعت جميع أفراد عائلتها على زيارة تركيا وتقول "أنا أقنعت والدي بالسفر إلى هناك". كما استقطبت المناظر الخلابة والطبيعة العذراء والمناطق الساحلية المطلة على البحر الأبيض المتوسط وكذا المناطق الجبلية، حيث تمارس رياضة التزلج على الجليد التي عرضت في هذه المسلسلات، اهتمام العائلات وصرفت النظر عن بلدان أخرى كانت تنوي زيارتها، كما هو حال عائلة "سمير"، التي كان من المقرر أن تزور تونس، ولكنها غيرت في آخر لحظة الوجهة مفضلة تركيا، ليوضح أن هناك تنوع في مظاهر السياحة في تركيا. كما تعرف تركيا إقبالا كبيرا للسياح نظرا لاحتوائها على أشهر المناطق العلاجية كمنطقة سيواس، التي تحتوي على العديد من العيون المائية ذات صفات علاجية نادرة في العالم. كما تحتوي الأحواض المائية على نوع من السمك الصغير، رمادي اللون، يعيش في مياه معدنية حرارتها ثابتة صيفا وشتاء، معدلها يترواح بين 36-37 درجة مائوية، أي مماثلة لحرارة الجسم البشري. وتأكل هذه الأسماك البثور الجلدية وتنظف فقط الجروح حتى يخرج الدماء منها فتتركها فترة ثم تنظفها أخرى في اليوم التالي، ويتم شفاء هذه الأمراض الجلدية خلال أسبوع واحد. وبما أن السياحة تشكل أحد الأعمدة الأساسية في اقتصاد أي بلد وتعتبر المورد الأساسي والمهم لعصب الحياة فيه، اعتمدت تركيا في هذه السنوات الأخيرة خططا جديدة لزيادة عدد السائحين إليها، لتعتبر في هذه السنوات الأخيرة إحدى أهم الوجهات السياحية الإحدى عشرة في العالم، حيث أكدت جميع الوكالات السياحية أن هذا البلد اعتمد عدة تخفيضات لم يسبق له وأن قام بها، كما أنه عمل على انتهاج سياسة المنتجعات السياحية المحافظة، والتي هدفها استقطاب العائلات المسلمة المحافظة، فمثل هذه المنتجعات تتوفر على شواطئ خاصة، بالإضافة إلى الخدمات الأخرى التي تشترك فيها هذه النوعية من الفنادق كالمسابح الخاصة بالنساء والأخرى للرجال. اسطنبول، أنطاليا وبودروم .. مناطق مثيرة من الأماكن التي يفضل السائح الجزائري زيارتها في تركيا، حسب وكالات السياحة التي انتقلنا إليها، هي اسطنبول بالدرجة الأولى ثم أنطاليا وبودروم. فاسطنبول تظل الوجهة الأولى للجزائري باعتبارها لب جنون الشباب الجزائريين عبر المسلسلات التركية المذكورة آنفا. كما أن أراضي هذه المنطقة تجمع بين القارتين الأوروبية والأسيوية. في حين تعتبر انطاليا من أماكن السياحة المفضلة في تركيا، ويصل إليها الكثير من السياح الأجانب ولا سيما من أوروبا. كما تتميز انطاليا بجوها المريح، شمسها الدافئة وشلالات المياه. وحسب إحدى وكالة السفر "باستور"، فإن تسعيرة السفر المنظم إلى اسطنبول لقضاء 8 أيام وسبع ليال في عطلة ثقافية تبلغ 51500 دينار مع 490 أورو بالنسبة للراشدين. أما البالغين ما بين ستنين و12 سنة فتقدر التسعيرة ب 42190 دينار و270 أورو. بينما تصل تسعيرة الرضع إلى 8920 دينار. انخفاض "الليرة" .. نقمة إلى نعمة كما تعتبر التجارة دافعا رئيسيا لأغلب الجزائريين، إذ تسجل مثل هذه الدول إقبالا كبيرا من التجار الجزائريين الذين يقبلون على استيراد منتوجاتها وبيعها في الجزائر، خاصة الملابس والذهب، ويعود سبب الإقبال الكبير على منتوجات تركيا وما يباع في أسواقها، إلى ضعف عملة هذا البلد مقارنة بالدينار الجزائري، مما دفع العديد منها إلى تكثيف الرحلات المتوجهة إلى تركيا خلال كل أيام الأسبوع. وحسبما أفادنا به مؤطرو بعض الوكالات، فإن ذهب تركيا أقل ثمنا من الذهب الجزائري الذي يباع بأسعار خيالية، والذي يعرف إقبالا كبيرا للمشتري الجزائري، ونفس الشأن بالنسبة للملابس، إذ أصبحت تسجل أغلب وكالات السياحة الجزائرية كل سنة ارتفاعا كبيرا في عدد السياح الجزائريين إلى تركيا، خاصة التجار وذلك على مدار السنة.