إلى روح الصحفي رياض بوفجي.. كلما تتفقد ألبوم الصور وترى صورته، تمتلئ عيونها بالدموع، لم تجد دواء لغيابه، وهو بعيد وقريب عنها في نفس الوقت، استنجدت بكل السلطات، ودقت كل الأبواب، نشرت قصتها علّها تجد من يكسر حاجز الحدود بينهما، ويجمع شملهما ... نهضت باكرا على غير عادتها، فالليل الطويل الذي تقضيه في التفكير، فيما جرى لها، أصبح يرهقها، ولا يساعدها على النهوض في الصباح .. لكن هذا اليوم يجب أن تنهض، لديها موعد مع الطبيبة ... أنهت أشغال البيت وذهبت إلى موعدها ... كل المختصين الذين لجأت إليهم على مدى 9 سنوات لم يساعدوها في تحسن حالتها ولا في نسيان جرحها، هذه الأخصائية، يقال إنها جيدة وسمعتها حسنة، نصحتها بها إحدى السيدات التقتها في الحافلة. استقلت الحافلة، إلى باش جراح، حافلة متسخة وقديمة مثل كل وسائل النقل التي تقطع شهية التنقل والخروج من البيت، خاصة في يوم ماطر مثل ذلك اليوم في ال 13 فيفري ... بعدها أخذت حافلة إلى بئر خادم، وهناك صعدت في الحافلة المتجهة إلى بن عكنون، التي تمر على "سعيد حمدين" مقر العيادة ... لقد تعبت من تغيير الحافلة كل مرة، ولكنها تعودت على ذلك بعد أن اضطرتها الظروف للخروج من البيت والعمل .... فتعودت على مشاكل المواصلات ... وتأقلمت معها .. وصلت إلى عيادة في طابق أرضي من عمارة، مقابلة للمحكمة، حسب العنوان الذي وصفته لها المرأة . تباطأت في خطواتها ... إنها متخوفة من الموعد ... ومترددة، هي هكذا، في كل مرة تتخوف من الموعد الأول، مع الطبيب الجديد... تضطر في كل مرة أن تعيد قصتها، وذكر الحادث المؤلم الذي حياتها. دخلت العيادة، لم تجد أحدا في العيادة، كانت الزبونة الأولى .. وجدت مساعدة الطبيبة، طلبت منها الانتظار قليلا، حتى تستعد هذه الأخيرة لمقابلتها، لأنها وصلت للتو ... بعد انتظارها خمس دقائق، طلبت الطبيبة من المساعدة إدخالها .... كانت امرأة في عمر الأربعين، تبدو رزينة وهادئة جدا، وهدوئها أربك حورية - تفضلي سيدتي، كيف حالك؟ - بخير ... - هل أنت متزوجة؟ بدأت الأسئلة الروتينية ... تقول في نفسها، - نعم متزوجة ولدي 6 أولاد وزوجي لا يعمل - آه... أنت مستعجلة، أم أن لديك خبرة بأسئلة المختصين النفسانيين ... - في الواقع 9 سنوات وأنا مع الأخصائيين النفسانيين، وأعرف جيدا كيف يكون اللقاء الأول. - هل تريدين مني أن لا أسألك؟ - سأترك لك حرية الحديث إذا شئت ...