زياري طرد البعثة الكوبية التي أنقذت 6 آلاف جزائري من بتر الأرجل يعيش مرضى السكري معاناة كبيرة، بالنظر للاستقبال الذي يلقونه على مستوى المستشفيات، حيث يكون مصير أغلبهم الطرد من الاستعجالات الجراحية، أما إن كان من المقربين أو كانت له وساطة في المستشفى، فالحل الوحيد هو قطع أحد أعضائه.ما أكثرها الحالات التي تقصد المستشفيات في حالة متقدمة جدا من التعفن، وهنا يلعب الحظ دورا هاما في مصير المريض، فإما أن يتم استقباله وقطع رجله، للانضمام إلى طابور المعوّقين، أو أن يمنّ عليك أحد الأطباء الذي أقسم قسم أبقراط، على نبذ كل مريض يعاني من رجل السكري المتعفنة، ويحاول علاجه للحيلولة دون اللجوء إلى عملية البتر. ولكثرة الحالات التي تعامل كالحيوانات الموبوءة في المستشفيات، وتعرض البعثة الكوبية التي أنقذت آلاف الحالات من البتر، إلى الطرد من قبل وزير الصحة السابق البروفيسور عبد العزيز زياري، الذي قال إن الجزائر ليست في حاجة إليهم، لأنه لا يشعر بالجمر الذي يحرق أرجل المرضى، يجد هؤلاء أنفسهم ينتظرون انتشار العفن في كل أجسادهم وانتظار الموت في كل لحظة. أخرجت من قاعة العمليات قبل بتر رجلها ومن الحالات التي تم إنقاذها من عملية بتر الرجل السكري، تلك التي تخص «ه.م» في العقد السابع من عمرها، بقيت مدة 15 سنة، من دون علاج داء السكري الذي كانت تعاني منه، والتي تعرضت لتعقيدات خطيرة على مستوى الرجل، استلزمت نقلها العاجل إلى مستشفى البويرة، حيث قرر الطبيب المعاين بتر قدمها كاملة، من أجل إنقاذ حياتها، خاصة وأن التعفن انتشر بشكل كبير جدا، إلا أنه قبل انطلاق العملية، تدخل طبيبها المعالج وقام بإخراجها من القاعة، وواصل علاجها بواسطة المضادات الحيوية، واحتفظت المريضة برجلها. نفذ فيها حكم البتر بعد سنة في المستشفى في المقابل، توجد حالات أخرى لم يسعفها الحظ، من أجل إنقاذها من مشرط الجراح، حيث تعرضت «ز.ك»، البالغة من العمر 40 سنة، لبتر رجلها، بعد قضائها أكثر من سنة بمستشفى برج منايل بولاية بومرداس، إذ تعرضت لصدمة كبيرة جدا في اليوم الموالي من إجرائها للعملية، حيث شرعت في الصراخ والبكاء، مطالبة الطاقم الطبي باسترجاع رجلها من أجل دفنها. سوء المتابعة الطبية وراء تزايد حالات البتر وفي هذا الشأن، أوضح أساتذة الطب المتخصصون في علاج داء السكري وأمراض الغدد، ممن تحدثت إليهم «النهار»، أن المشكل الذي يطرح نفسه بشدة بالنسبة لمرضى السكري، هو سوء المتابعة الطبية للمرضى، إذ يشرف عليها في العديد من المناطق، خاصة الداخلية منها والجنوبية، أطباء عامون لا يتحكمون في تقنيات العلاج ويقومون بتوجيه المريض في حالة متقدمة جدا من التعفن إلى المستشفيات الجامعية، لينتهي به الأمر أعمى أو مبتور الرجل، فضلا عن تعرضه لسكتة قلبية تنهي حياته، إذ يتعرض جزائري من أصل عشرة إلى البتر بسبب المرض. وفي هذا الشأن، أوضح البروفيسور جمال الدين نيبوش، متخصص في علاج أمراض القلب بالمستشفى الجامعي نفيسة حمود، أنه في الكثير من الأحيان، يلقى مريض السكري مصرعه بسكتة قلبية، نتيجة تعرضه لتعفن كامل، يؤدي إلى تسمم في الدم، ينتهي بتوقف قلب المريض، مشيرا إلى أن داء السكري هو واحد من الأسباب المؤدية إلى الإصابة بداء القلب، وقال الدكتور، إن أغلب الحالات تأتي في حالات متقدمة جدا، يصعب إنقاذها، كون التسمم انتشر بشكل واسع في كافة أنحاء الجسم. ولد عباس أوقف بروفيسور عن العمل لتسببه في بتر رجل مريضة والجدير بالذكر، أنّ وزير الصّحة الأسبق جمال ولد عباس، قام بتوقيف رئيس مصلحة العظام بالمستشفى الجامعي بالبليدة، البروفيسور «ح.م» بسبب الإهمال الذي تعرّضت له مريضة كانت مقيمة في المستشفى. وكانت المريضة قد تعرضت لمضاعفات على مستوى ساقها، بسبب تعنت البروفيسور المشرف عليها، حيث كان هذا الأخير يقوم بإرسالها إلى الطبيب الخاص من أجل إجراء فحوص السكانير، على الرغم من أنه كان في إمكانه إخضاعها له في المستشفى، وقد استمرت معاناتها إلى أن تعفنت رجلها، مما استدعى نقلها على جناح السرعة إلى مستشفى الدويرة من قبل عائلتها، أين تم بتر رجلها. زياري طرد الأطباء الكوبيين بحجة عدم الحاجة إليهم! ولعلّ أكثر القرارات الصادمة التي اتخذها وزير الصحة السابق، عبد العزيز زياري، هو التعامل بشكل نهائي مع الأطباء الكوبيين، الذين تم جلبهم إلى الجزائر بموجب اتفاقية دولة بين البلدين، بحجة وجود برامج أكثر أهمية. وقرر وزير الصحة السابق، عدم تجديد العقد مع الأطباء الكوبيين، الذين عملوا في الجزائر على مستوى أربع وحدات بالجزائر، في كل من وحدة السكري بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، لمين دباغين وبني مسوس، ومستشفى وهران، والتي غادرت الجزائر شهر جويلية 2012، من دون رجعة، قبل ستة أشهر من انتهاء عقودهم. وكان من المفروض أن تقوم وزارة الصحة بتجديد عقد العمل مع الكوبيين، بموجب اتفاقية الدولة المبرمة بين الجزائروكوبا، إلا أن شيئا من ذلك لم يتم، مما عرّض مرضى السكري الذين تم إخضاعهم للعلاج إلى قطع أرجلهم مباشرة، لعدم قيام وزارة الصحة بإرسال أطباء من أجل تكوينهم من قبل البعثات الكوبية، على الرغم من أن الاتفاق يتضمن شقا خاصا بتكوين الأطباء الجزائريين، وتبادل الخبرات فيما بينهم، إلا أن الكوبيين لن يعودوا إلى الجزائر، على الرغم من أنهم أنقذوا مئات المرضى الجزائريين من البتر، كما أنهم كانوا يتلقون 22 ألف دينار في الشهر فقط. البعثات الطبية الكوبية أنقذت 6آلاف مريض من البتر وحسب التقرير الخاص بالإتفاقية الجزائرية الكوبية لعلاج السكري، أشرف الكوبيون على علاج أزيد من 280 مريض، تمّ قبولهم في كل من مستشفى لمين دباغين، ومصطفى باشا، وبني مسوس، ومستشفى وهران، بالإضافة إلى تقديم الاستشارة الطبية ل 6 آلاف مريض، كانوا على وشك البتر، إذ اتخذت المصالح الاستشفائية، قرارا بقطع أرجل المرضى، باعتبارها حالات ميؤوس منها.وفي أكتوبر 2012، رفع الأطباء الكوبيون طلبا إلى وزير الصحة السابق عبد العزيز زياري، من أجل تجديد الاتفاقية، إلا أن الطرف الجزائري لم يبد رأيه في المسألة، على الرغم من النتائج الباهرة التي تحققت في الميدان على يد الأطباء الكوبيين. المستشفيات تطرد مرضى رجل السكري وترفض علاجهم وأكدت الدكتورة فوزية سكال، رئيسة مصلحة أمراض السكري بالمستشفى الجامعي لمين دباغين «مايو سابقا»، أنهم كفاعلين في الميدان، كانوا يعانون من مشاكل جمة في التكفل بالحالات المتوافدة عليهم، بسبب عدم وجود تواصل بين الجراحين والممرضين، إذ يتم تحويل المريض من مصلحة إلى أخرى من دون التكفل الفعلي بالمريض، مؤكدة أن التكفل برجل السكري، تتطلب فرقا متعددة التخصصات، من أجل ضمان تكفل أمثل بها. وأضافت الأخصائية، أنّ عدد الإصابات في تطور كبير، إذ لا يكاد يمر يوم إلا وتسجل فيه حالات جديدة، مشيرة إلى أن التقديرات الخاصة بداء السكري في الجزائر، تشير إلى وجود 10 ٪ من الحالات الجديدة. الدواء المضاد لبتر الأرجل بقيمة 15 مليار سنتيم يرمى في قنوات الصرف وكشفت إيبيز بورتواندو، المكلفة بتطبيق برنامج الاتفاقية الكوبية الجزائرية في مجال الصحة على مستوى السفارة الكوبية في الجزائر، أن الأطباء الكوبيين غادروا الجزائر ستة أشهر قبل انتهاء مهامهم، مشيرة إلى أنهم لم يتمكنوا من علاج المرضى الذين كانوا في قائمة الانتظار. وقالت ذات المتحدثة في اتصال ب«النهار» من كوبا، إن دواء الإيبربروت المضاد للبتر، الذي كان يستخدم في علاج رجل السكري، تم رميه في سلة المهملات، حيث تقدر القيمة المالية للدواء بنحو مليون أورو، مشيرة إلى أنه كان في الإمكان إنقاذ حياة آلاف المرضى من المصابين برجل السكري وتعقيداتها. وأضافت أنه على الرغم من كل المفاوضات التي تمت مع الوزارة، إلا أنها لقيت الرفض التام من قبل مديرية المصالح الصحية آنذاك، ضاربة عرض الحائط النتائج التي حققها الأطباء الكوبيون، وتمكنهم من علاج آلاف المرضى وإنقاذهم من البتر الذي أصبح آليا على مستوى المستشفيات في الجزائر، مؤكدة أن جلب الدواء تم بناءً على اتفاقيات دولة بين الجزائروكوبا. a a