أجمعت وسائل الإعلام العبرية الخميس على أن بنك الأهداف لدى سلاح الجو الإسرائيلي قد انتهى. ولكن بموازاة ذلك، رأى العديد من المحللين أن العملية لم تتمكن من تحقيق هدفها الأساسي وهو وقف إطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية في الجنوب، بل بالعكس، فقد برهنت حماس، كما أكد المعلقون، أنها تمكنت من عبور الصدمة الأولى، وعادت لإطلاق الصواريخ على الجنوب، والأخطر من ذلك انّ صواريخ المقاومة، على حد قول المعلقين، باتت تضرب مدينة بئر السبع، التي تبعد أربعين كيلومترا عن غزة، والتي كانت بمثابة الملجأ الوحيد لسكان البلدات الجنوبية الهاربين من الصواريخ. والصحافة الإسرائيلية التي تمكنت من إسقاط رئيس الوزراء ايهود اولمرت وإلزامه على الاستقالة قادرة على إجبار الحكومة الإسرائيلية بوقف العملية العسكرية، فهي صحافة حرّة وموضوعية عندما يجري الحديث عن امن الدولة العبرية، ولا تتورع في توجيه أصابع الاتهام إلى القادة، الذين يخشون من ان تُكشر عن انيابها ضدهم، خصوصا وانّ الانتخابات العامة في الدولة العبرية باتت على الأبواب. في غضون ذلك، نقل المراسل السياسي لصحيفة "هآرتس" العبرية عن مصادر وصفها بأنها رفيعة المستوى في تل أبيب قولها انّه على الرغم من رفض المبادرة الفرنسية، فانّ إسرائيل تبحث عن قنوات اتصال مع حماس من اجل التوصل لهدنة طويلة الأمد مع الحركة. وتابعت الصحيفة قائلة أن اولمرت أكد خلال الجلسة التي شارك بها جميع رؤساء الأجهزة الأمنية في الدولة العبرية أن العديد من قادة الدول العربية يحثونه على مواصلة العملية العسكرية وضرب حماس، وانّه يتلقى الاتصالات منهم عبر قنوات مختلفة، ونُقل عنه قوله انّه سيوافق على التهدئة في حال نفذت الشروط التالية: وقف قصف إسرائيل بالصواريخ والقذائف، وقف جميع الأعمال الإرهابية مع التشديد على وقف حفر الأنفاق ووضع العبوات الناسفة على الشريط الحدودي بين غزة وإسرائيل، وقف تهريب الأسلحة من محور فيلادلفيا (صلاح الدين) إلى القطاع، تشكيل هيئة دولية مختصة بمراقبة تنفيذ حركة حماس الشروط الثلاثة الأولى. من ناحيته رأى محلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، جاكي حوغي، في مقال نشره الخميس، انّه على الرغم من الصلاة فانّ العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة هي نموذج مصغر عن حرب لبنان الثانية، لافتا الى ان الجيش يستعمل نفس أسلوب القوة المفرطة في الأماكن غير المرغوب فيها، مؤكدا لمن نسي او تناسى أن الهدف من الحملة هو وقف إطلاق الصواريخ باتجاه جنوب الدولة العبرية، ولكن، أضاف المحلل، أن الأمور بدأت تتغير: فبدل وقف الصواريخ، بات الفلسطينيون يطلقون الصواريخ إلى بئر السبع، وأشار إلى انّه اذا لم يحصل أي تغيير خلاق، فانّ حسن نصر الله في خطابه بداية الأسبوع الحالي كان حكيما وصادقا، حيث أن إسرائيل ستصل إلى نفس النتائج كما في حرب لبنان الثانية. وزاد أن القصف الإسرائيلي يستهدف البيوت الخالية لقادة القسام، وهو ما فعله الجيش في الضاحية الجنوبية في بيروت في العام 2006، حيث تمكن حزب الله من الانتعاش والعودة لقصف إسرائيل، وهذا ما يحدث اليوم، إسرائيل تقصف أهدافا خالية من الأهداف، والصواريخ تتساقط على اشكلون واشدود وبئر السبع. وخلص الى القول موجها حديثه الى صنّاع القرار في إسرائيل: توقفوا عن بيعنا الأساطير، توقفوا عن التغرير بنا، فإزالة تهديد القسام لا يتم بهذه الصورة، على حد تعبيره. على صلة بما سلف، قال الجنرال متان فلنائي نائب وزير الأمن الإسرائيلي ان الظروف الدولية والإقليمية السائدة حاليا، وضمن ذلك عدم انعقاد القمة العربية تتيح لإسرائيل استكمال حملتها على حركة حماس في قطاع غزة. وفي مقابلة أجرتها معه القناة الأولى الرسمية في التلفزيون الإسرائيلي قال فلنائي انّه في حكم المؤكد أن العديد من الأطراف العربية تتفهم دوافع إسرائيل لخوض المواجهة ضد حركة حماس، منوها إلى أن التفهم العربي يعتبر احد أهم الظروف التي أتاحت لإسرائيل شن هذه العدوان، وأضاف هناك شعور لدى الكثير من الحكومات العربية بوجود قاسم مشترك بينها وبين إسرائيل في حربها ضد ما اسماه بالإسلام المتطرف. من ناحيته قال وزير القضاء الإسرائيلي الأسبق يوسي بيلين، احد مهندسي اتفاق أوسلو، أن الحرب في غزة لا تقض مضاجع أكثرية القادة العرب كما لم تفعل الحرب في لبنان. وأضاف بيلين انه بمجرد ان تخرج عدسات تصوير التلفاز من المكاتب وتغلق الأبواب في اللقاءات التي تجمع الزعماء العرب ونظرائهم الإسرائيليين، فانّ قادة الدولة العبرية يسمعون أقوالا مدهشة تفرحهم جدا من الزعماء العرب حيث يتبين أن ألد أعداء إسرائيل في الواقع ألد أعداء الزعماء العرب، ودعا بيلين زعماء إسرائيل إلى عدم الالتفات إلى الزعماء العرب الذين يشجعون على تحطيم عظام حركة حماس. من ناحيته قال الجنرال عاموس غلبواع، رئيس وحدة الأبحاث السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أمان انّه حدث تحول استراتيجي في موقف مصر من حركة حماس، لافتا إلى أن مصر تتزعم المعسكر العربي المشايع للغرب، والمعتدل والذي يشعر بأن الإسلام المتطرف يهدده، منوها إلى أن هذا الواقع أفاد إسرائيلي كثيرا في تبرير نزع الشرعية عن حكم حركة حماس.