فجر، أمس، مديرو «سوناطراك» السابقين عدّة مفاجآت في محاكمة فضيحة «سونطراك 1»، حيث وإن اعتبر المدير التنفيذي للمالية أنّ أموال «سوناطراك» خاصة وليست أموال الشعب، فإنّ المديرة المركزية المكلفة بالتدقيق كشفت أنّ مئات الصفقات تمت بطريقة مشبوهة وتمّ منحها بالتراضي وعبر استشارات محدودة، رغم عدم وجود أيّ نص قانوني يبرّر ذلك. لكن المفاجأة الأكبر كانت تصريح نائب الرئيس المدير العام المكلف بنشاط المصَب، الذي قال إنّ الرئيس المدير العام الأسبق لسوناطراك، محمد مزيان، أمرهم بإدراج اسم «فونكوارك» الألمانية في تقسيم حصص صفقة المراقبة البصرية الإلكترونية عن طريق قصاصة ورقية ختم عليها بختمه وبطاقة زيارة تحمل اسم صديق نجله وهو رئيس مجلس إدارة المجمّع الألماني الجزائري «كونتال فونكوارك» . المدير التنفيذي للمالية السابق: سوناطراك لم تكن تخضع لمراقبة مجلس المحاسبة قال المدير التنفيذي للمالية السابق بسوناطراك، رزايقية علي، أمس خلال الاستماع إلى شهادته من قبل محكمة جنايات العاصمة، إنّ أموال سوناطراك هي «أموال خاصة» وليست أموال الشعب، أي «ليست أموال الدولة» على حد تعبيره، وإن «كانت الحكومة هي من موّلت إنشاء سوناطراك في 1963 كباقي المؤسسات العمومية. وكشف المدير التنفيذي للمالية أنّ سوناطراك لم تكن تخضع لرقابة مجلس المحاسبة، وبالتالي فإن كل العمليات المالية والصفقات التي أعلنت عنها سوناطراك لم تكن لمجلس المحاسبة صلاحيات للتدقيق في مدى قانونيتها أو مخالفتها للتشريع أو قانون الصفقات العمومية أو تبديد المال العمومي، وهذه المخالفات هي كلّها اليوم محل تهم لعدة إطارات بسوناطراك، وعلى رأسها المدير العام، محمد مزيان، في محاكمة فضيحة سوناطراك 1، في ثلاث صفقات صرفت عليها ميزانية ضخمة تعدت 13 ألف مليار سنتيم. وحسب الشاهد، رزايقية علي، فإنّ الأموال التي تتحصل عليها سوناطراك هي مال خاص وليست أموال الدولة، مشيرا إلى أنّه رغم ذلك فإنّ «85 من المائة من أرباح المجمّع تحول إلى الخزينة كضرائب»، موضحا أنّه «ليس هناك علاقة بين مدخول سوناطراك وقانون المالية، والعلاقة الوحيدة التي تربط سوناطراك بالدولة هي كون وزير الطاقة عضوا في الجمعية العامة التي تقسم الأرباح». فغولي عبد الحفيظ: مزيان طلب إدراج اسم فونكوارك الألمانية في الصفقة عبر قصاصة ورقية فجّر، أمس، نائب الرئيس المدير العام المكلف بنشاط المصب وعضو المجلس التنفيذي السابق بسوناطراك، فغولي عبد الحفيظ، قنبلة في آخر أيام الاستماع إلى الشهود في محاكمة فضيحة سوناطراك1، حيث كشف الشاهد أنّ الرئيس المدير العام الأسبق لسوناطراك، محمد مزيان، بعث له ظرفا كان مرفوقا بقصاصة ورقية مختوم عليها بختمه وتحمل معلومات حول آل اسماعيل واسم الشركة الألمانية «فونكوارك» وبطاقة زيارة باسم صديق وصاحب شركة «كونتال» التي يعتبر نجله شريك بها، والرئيس المدير العام لمجمع «كونتال فونكوارك» الجزائري الألماني، آل اسماعيل جعفر محمد رضا، حيث طلب إدراج اسم الشركة الألمانية «فونكوارك» في الاستشارة المحدودة في صفقة المراقبة البصرية الإلكترونية، وهي الصفقة التي منحت بالتراضي لثلاث شركات مشاركة منها «فونكوارك» بعد انسحاب الشركة الرابعة «سيمانس» التي رفضت تقسيم الصفقة على أربع حصص. وأشار الشاهد إلى أنّه لم يتصل بمزيان بل أنّ الأخير هو من اتّصل به ليقترح اسم الشركة الألمانية، موضحا أنّهم متعودون على تلقي قصاصات ورقية تحمل تعليمات الرئيس المدير العام للمجمع، وقال: «لم أشك أبدا أنّ الأمر غير عادي لما راسلني المدير العام محمد مزيان بقصاصة ورقية بخصوص الشركة الألمانية»، علما أنّ «فونكوارك» تحصلت على عقود تأمين بحاسي مسعود رغم أنّها كانت الأكبر عرضا في كل المنشآت مقارنة بباقي الشركات المشاركة في الصفقة، حيث طبّق بند الأقل عرضا على كل الشركات واستثنيت منه الشركة الألمانية. من جهة أخرى، أرجع الشاهد فغولي عبد الحفيظ اختلاف مسار العقود بين نشاط المصب ونشاط المنبع في صفقة المراقبة البصرية الإلكترونية رغم أن المبرر واحد وهو الاستعجال الذي رخّص بموجبه الوزير والمدير العام لسوناطراك اللجوء إلى استشارة محدودة في مخالفة للتشريع، إلى طبيعة الوحدات ودرجة حاجتها لنظام المراقبة، حيث أثار القاضي مسألة تلقي نشاط المنبع ونشاط المصب نفس المراسلة من وزير الطاقة والمناجم الأسبق، شكيب خليل، التي تطلب الاستعجال في إبرام عقود المراقبة البصرية والإلكترونية لتأمين المنشآت البترولية، إلا أن نشاط المصب أعلن عن مناقصة وطنية ودولية مفتوحة، فيما لجأت نشاط المنبع إلى استشارة محدودة. وقال الشاهد فغولي إنه لم يكن ممكنا في ظرف شهر الإعلان عن مناقصة مفتوحة وإعداد دفتر الشروط وإبرام العقود مثلما أمهلهم الوزير للانتهاء من كل عقود المراقبة البصرية الإلكترونية، مما يفسر - حسبه - الاستعجال وعدم إعلان مناقصة ومنح الصفقة بالتراضي البسيط بنظام تقسيم الحصص على الشركات التي قدمت عروضا لتأمين 123 منشأة تابعة لسوناطراك. صفقات المراقبة البصرية الإلكترونية وجي كا 3 وغرمول لم يتم التّدقيق فيها رغم أنّنا دققنا في 500 عملية في 3 سنوات من جهتها، كشفت مديرة مركزية سابقة مكلفة بالتدقيق بالمجمع، بوغانم نور الهدى، أن صفقات المراقبة البصرية الإلكترونية وأنبوب الغاز «جي كا 3» وترميم مقر سوناطراك بغرمول لم تمر على التّدقيق، مشيرة إلى أنّ ذلك حدث رغم أنّ المديرية قامت بين 2006 و2009 ب500 مهمة تدقيق، منها 25 من المائة خاصة بمجال الصفقات، حيث تساءل القاضي إن كان التدقيق في الصفقات يخضع للانتقاء، خاصة أنّ الأمر يتعلق بثلاث صفقات ضخمة لم يدقّق فيها رغم أنّ الأولى الخاصة بالمراقبة البصرية والإلكترونية كلّفت 1100 مليار سنتيم، والثانية «جي كا 3» كلّفت 4300 مليار سنتيم، وصفقة غرمول التي كلّفت 8000 مليار سنتيم، حيث أوضحت الشاهدة أنّ الملف الوحيد الذي تسلمته في المديرية وهي في طريق مغادرتها لسوناطراك كان في 2010، ويتعلق بالصفقة الأولى، حيث قدّمت المديرية 150 رأي حول الصفقة، وأثارت المحكمة إن كان التدقيق في هذا الكم الهائل من العمليات تزامنا مع ثلاث صفقات ضخمة جرى تجاهلها كان محاولة لصرف النّظر والتغطية عن الثغرات التي عرفتها. وأفادت الشاهدة أنّه تم تسجيل 1843 صفقة مشبوهة منحتها سوناطراك بالتراضي البسيط في الفترة الممتدة من 1 جانفي 2005 إلى 30 جوان 2009، مشيرة إلى أنّ المدّققين كانوا يقدمون حصيلة كل ثلاثة أشهر، وأخرى سنوية للرئيس المدير العام ل«سوناطراك» حول عدد الصفقات التي قدمها فيها موافقته من أجل منحها بالتراضي البسيط من دون إعلان مناقصة مفتوحة، وقالت: « كنا نعلم الرئيس المدير العام في حصيلة ثلاثية وسنوية حول عقود التراضي، والعدد الإجمالي لموافقاته على صفقات التراضي، ومبلغ الصفقات، والنشاطات والهياكل التي قامت بمراسلته للحصول على الموافقة»، مؤكدة أنّها قدمت لمحقق الشرطة القضائية العسكرية بعد فتحها لتحقيق في فضيحة سوناطراك 1، معطيات تشير إلى 1843 صفقة تم عقدها بالتراضي البسيط بالمجمع من 1 جانفي 2005 إلى 30 جوان 2009». سوناطراك مرّرت صفقات عن طريق الاستشارة المحدودة رغم أنّ التعليمة التي تسمح بذلك لم تظهر إلا في 2007 ونفت الشاهدة بوغانم نور الهدى، تلقيهم أي أمر من وزارة الطاقة والمناجم للتدقيق في الصفقات أو العمليات المالية، لكنها أكدت أنّ «سوناطراك» فعلا مرّرت صفقات عن طريق التراضي البسيط في خرق للتعليمة «آر 15»، مشيرة إلى أنّ المجمع منح صفقات عن طريق الاستشارة المحدودة في 2006، كما هو الحال بالنسبة لصفقة المراقبة البصرية والإلكترونية رغم أن التعليمة التي تسمح بذلك لم تظهر إلا في 2007، مبرّرة ذلك بأنّه كان هناك «قرار بالتّرخيص» وكان الأمر «استثنائيا» -حسبها-، وهو ما دفع بالمجمع لاحقا إلى تعديل التعليمة نظرا لما وصفته ب«الحاجة». وقالت الشاهدة، إنّ إبرام العقد بالتراضي البسيط هو من صلاحيات رئيس النشاط شريطة الحصول على الموافقة المسبقة من قبل الرئيس المدير العام ل«سوناطراك»، موضحة أنّهم قبل ظهور التعليمة «آر 15» لم يكونوا خاضعين لإجبارية نشر الإعلان عن الصفقات في نشرية «سوناطراك» «الباوسم». ولفتت الشاهدة باستحالة إلغاء أي مشروع دخل المرحلة الثانية من الدراسة التي تعني جانب العرض التجاري وفقا لما تقره التعليمة «آر 14/ أ 408»، والتي تخول الإلغاء فقط عند العرض التقني في حال ارتأى رب العمل ذلك، موضحة أن التعليمة تم تعديلها عام 2007، حيث تم تخصيص مصلحة لتقييم وتقدير الأسواق وإدخال نظام الاستشارة المحدودة، ليتم تعديلها مجددا عام 2008 ومرة أخرى عام 2010، وذلك بموجب أمر من الوزير الأول أحمد أويحيى لتتكيف وفقا لمرسوم رئاسي مع قانون الصفقات العمومية رقم 10/36. العضوة السابقة بالمجلس التنفيذي ل«سوناطراك»: مزيان كان ديمقراطيا في اتّخاذ القرارات والوزير أمر شخصيا بإلغاء ترقية نجله
وفي سياق متّصل، أشارت العضو بالمجلس التنفيذي سابقا والمكلفة بالموارد البشرية، غنيم مليكة، أنّ القرارات التي كان يتخذها المجلس لم تكن عرضة لضغوط الرئيس المدير العام محمد مزيان في اتخاذ القرارات أو التأثير في ذلك، وقالت إنّ مزيان «كان ديمقراطيا» في اتخاذ القرارات، وأشارت الشاهدة إلى أنّ إنشاء بشير فوزي نجل مزيان لشركة نقل، كانت مخالفة للقانون لأنه كان لايزال موظفا ب«سوناطراك»، مضيفة أن دخوله كشريك في شركة «كونتال» التي فازت بعقود مع «سوناطراك» هو الآخر لم يكن قانوني لأن القانون لا يسمح لابن المدير العام بالمجمع أن يكون شريك في مؤسسة منافسة على عقود بالمجمع». وأشارت الشاهدة إلى أن وزير الطاقة والمناجم السابق شكيب خليل، تدخل شخصيا وأمر بإلغاء ترقية بشير فوزي مزيان نجل الرئيس المدير العام مزيان محمد، ونفت الشاهدة أن يكون سبب إلغاء الترقية عدم الكفاءة، مشيرة إلى أنّها تتعلق بترقيته بسرعة بعد أن كان موظفا عاديا ليتحول إلى إطار سامي من دون أن يتدرج في المسؤوليات، ونفت أن يكون لمزيان محمد يد في ترقية نجله. موضوع : مزيان أمر بإدراج اسم فونكوارك الألمانية في عقود التراضي بقصاصة ورقية 0 من 5.00 | 0 تقييم من المستخدمين و 0 من أراء الزوار 0