خلق الله تعالى البشر ليتعاونوا معا، ويساعد أحدهم الآخر، فالإنسان يميل بفطرته السليمة إلى حب الخير وتقديم المساعدة للآخرين، فقد أوجد الله تعالى الرحمة في قلوبهم من أجل أن يشعروا مع بعضهم البعض، فالقوي يساعِد الضعيف، والغني يساعِد الفقير، والقادِر يساعِد المحتاج وهكذا، كما أنهم بسبب فطرتهم يعترفون بهذه الأعمال الإنسانية ويقِرونها، لقد كان الأنبياء هم القدوة الأولى في تنفيذ هذا الأمر، فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان يقدِّم الخير لمن عرف ومن لم يعرِف، ومع أنه نبي العالمين لم تحدثه نفسه بأنه أفضل من غيره، وإنما كان يعيش معهم على ما يعيشون عليه، فقد كان عليه السلام زاهدا في الدنيا من أجل نعيم الآخرة، كما أن الصحابة رضوان الله عنهم كانوا يتسابقون لتقديم الخير، فأبو بكر الصديق رضي الله عنه عندما ولي الخلافة، كان يذهب كل يومٍ إلى بيت عجوزٍ عمياء وينظِف لها بيتها ويصنع لها الطعام، وكان يتسابق في ذلك مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه . لقد حث الدين الإسلامي في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على ضرورة تقديم أعمال الخير المختلفة، فقد أوجب الزكاة في مال الأغنياء للفقراء والمحتاجين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل. عندما لا تكفي هذه الزكاة فيجب التصدق وتقديم المساعدات التي من شأنها أن تسد حاجة المحتاجين والفقراء وغيرها من طرق تقديم المساعدة للآخرين، فلم يقتصر الدين على العبادات من الصوم والصلاة والحج، وإنما اعتبر حسن التعامل مع الآخرين من جوانب الإيمان الصادق، لما له من فوائد تعود على الفرد نفسه وعلى المجتمع الإسلامي ككل، ومن الفوائد التي يقدِّمها عمل الخير والمعروف للمجتمع، ترابط أفراده وزيادة المحبة فيما بينهم، فعندما يقدِم لك الخير شخص وأنت في حاجته، فإن ذلك يزيد من أواصر المحبة والمودة. تساعِد أعمال الخير على تنقية النفس البشرية من الشح والبخل والأنانية وغيرها، وتزيد من حب البذل والعطاء، مما يساهِم في رفع المستوى الحضاري للمجتمع. علاج الكثير من المشاكل الاجتماعية التي تنتج بسبب عدم تقديم أعمال الخير، فمن خلال الصدقة والزكاة يتم التخلص من مشاكِل الفقر والبطالة، مما يؤدي إلى حماية المجتمع من الفساد والمشاكل الأسرية، فعندما ينتشر الفقر وتقل فرص العمل ينتشر معه الفراغ وآفاته، فقد يلجأ العاطل عن العمل لتوفير ما يحتاج من خلال السرقة والغش والاحتيال، كما قد يلجأ إلى تناول المخدرات والمسكرات من أجل الهروب من الواقع، فعندما يتم علاج المشاكل الاجتماعية الداخلية تزيد قوة أفراد المجتمع معا.