استنزاف الأراضي الفلاحية بولاية سعيدة مستمرا، حيث يعمد من يحصلون على كافة التسهيلات خارج الإطار القانوني إلى استغلال إما الفراغات التشريعية المستوحاة من عبقرية استنساخ النصوص الموازية التي تحولت إلى اختصاص جزائري، وإما التواطؤ الذي يوفر من خلاله حماة القانون ما يسمح لشركائهم بالاستيلاء على حقوق الغير، والخطير في الأمر أن من بين الحقوق التي لم تعد تدخل ضمن المقدسات المحمية بحكم الصفة العمومية التي تتميز بها أملاك الدولة بشكل خاص، هو ما تكشفه قضية تحويل 11 هكتارا من الأراضي الفلاحية الخصبة بالمنطقة المسماة عين الترانيس التابعة إداريا لبلدية تيريسين بدائرة أولاد ابراهم بولاية سعيدة من الملكية العامة إلى الملكية الخاصة، بعد أن تمكن أحد المواطنين من ضم المساحة المذكورة إلى مجموع أراضيه مستغلا وجود خطوط تماس جغرافية بين أرضه التي قام سنة 1952 بمبادلتها بأرض ثانية كانت مستغلة من طرف أحد الفرنسيين الكولون، وهو ما تثبته الوثائق الصادرة عن المحافظة العقارية بمعسكر التي كانت تشرف على مقاطعة سعيدة آنذاك، وبالرغم من أن المساحة المذكورة المقدرة ب 11 هكتارا عادت سنة 1962 ملكا عاما بعد مغادرة المحتلين الفرنسيين لبلادنا وبقيت طيلة العقود الأربعة الأخيرة مستغلة من طرف الدولة ممثلة في المجموعات الفلاحية، إلا أن اتخاذ قرار إلحاقها بأراضي المعني في الآونة الأخيرة يطرح عدة تساؤلات بخصوص مدى شرعية الخطوة ذاتها لسيما وأن المقايضة التي تمت سنة 1952 بين المستفيد والمدعو "قنزلفاس" حددت حدود الملكية، والتي قننتها بشكل نهائي غير مقابل للتغيير سنة 1962 التي مكنت الدولة من بسط نفوذها بالكامل على الأراضي المسترجعة من الإدارة الاستعمارية ومن كانوا يستغلونها من الكولون.