التي آلت إليها نسب الطلاق في الآونة الأخيرة بمنطقة وادي ريغ بولاية الوادي، مخاوف كبيرة تستدعي دق ناقوس الخطر من أجل الحفاظ على تماسك الخلية الأساسية المشكلة للمجتمع ومحاربة هذه الظاهرة الدخيلة التي لم تكن موجودة بهذا الشكل الجاري حاليا. حيث أحصت مصالح النيابة لدى محكمة جامعة وعلى امتداد المحاكم الأخرى المهتمة بالفصل في الأحوال الشخصية زهاء 1500حالة طلاق في سنة واحدة 2008، الأمر الذي يشكل تطورا مذهلا وارتفاعا مريبا لأبغض الحلال مقارنة بالسنوات القليلة الماضية. وحسب مصادرنا، فإن مجموع حالات الانفصال وفك الرابطة الزوجية بأحكام ابتدائية نهائية غير قابلة للطعن طبقا لقانون الأسرة تختلف حسب الصيغ المخولة قانونيا لكنها تتفق في قطع الرابطة بشكل أبدي بين الزوجين. وتتصدر طريقة الطلاق بالإرادة المنفردة للزوج المقدمة بمجموع 1000حالة، تليها الطلاق بصيغة التراضي بين الزوجين ب300حالة، فضلا عن 150حالة تطليق بطلب من الزوجة، و10 حالات خلع تطلب فيها الزوجة نفسها من التخلي عن رابطة الزوج مقابل مبلغ مالي تقدمه للزوج طبقا لاتفاق بينهما. وحسب المختصين في أحوال الأسر، فإن ظاهرة الطلاق بالمعدلات الرهيبة التي آلت إليها منطقة وادي ريغ في الفترة الأخيرة تنذر بكارثة خطيرة تهدد بنسف المجتمع برمته، باعتبار أن نسب الطلاق ارتفعت بشكل ملفت للانتباه في الوقت الذي تم فيه تسجيل انخفاض محسوس في معدلات الزواج بحكم تراكم الظروف الاجتماعية القاسية وعلى رأسها البطالة، ناهيك على الشروط التعجيزية ومستلزمات عقد الرابطة الزوجية التي أصبحت في قاموس السواد الأعظم مما أفضى إلى درجة عنوسة في أوساط شريحة النساء لم تكن موجودة في وقت سابق. ورغم اعتماد قضاة الأحوال الشخصية عن طريق جلسات الصلح حمل الزوجين على مراجعة مواقفهما قبل إعلان فك الرابطة الزوجية، إلا أن غالبية القضايا المسجلة في محاكم الأحوال الشخصية تنتهي بالطلاق والتسريح لكن بالإحسان المذكور في القرآن الكريم، باعتبار أن معظم قضايا الطلاق تعقبها جلسات ماراطونية في دواليب المحاكم من أجل المطالبة باستحقاق تعويضات عن الأضرار الناجمة عنه مع المسح الكلي للذكريات الجميلة التي ميزت حياة الزوجين في السابق رغم وجود أولاد يربطون بينهما إلى يوم الدين. والغريب في الأمر، أن هناك بعض الأسر تلجأ إلى فك رابطة الزواج قبل الدخول أصلا، نتيجة سوء تفاهم أو خصام يطرأ بين الزوجين، ويرجع أحد الأئمة هذا الوضع الخطير إلى انسلاخ الغالبية من الأحكام الشرعية والتقاليد المعهودة في الأسرة الريغية الأصيلة، فضلا عن غياب الوازع الديني وظهور عدة ثقافات غير إسلامية، كون أن الهم الوحيد لدى الآباء والأمهات هو كيفية التخلص من البنت بأي طريقة وبغض النظر عما إذا كان الزوج عاملا أو عاطلا أو إذا كان رجلا سويا أو معروفا بأخلاق سيئة، موضحا أن الطلاق سكين مسلط على رقبة المرأة باعتبار أن الزوج هو المطلِّق، إلا أن المشكل القائم هو جهل هذا الأخير لمعنى العصمة وتحمل المسؤولية. وبين هذا وذاك يبقى الطلاق المتفشي بوادي ريغ يدفع فاتورته الباهضة الأطفال الذين يجدون أنفسهم دون رعاية وعرضة للانحراف، وهي نتيجة طبيعية حيث تفيد معظم الاحصائيات الأمنية عن تزايد نسبة تورط الأطفال المتخلى عنهم في عالم الجريمة أكثر من غيرهم بكثير. ولمعالجة هذا الإشكال، تحدث عدد من المختصين ل"النهار" على ضرورة أن يلعب الأئمة دورهم في التربية والتكوين من خلال تخصيص دروس وخطب لمعالجة هذا المشكل بكافة الطرق والحد منها.