أعرب الكاتب الصحراوي أحمد البادي عن حزنه إثر سقوط الطائرة العسكرية في بوفاريك بولاية البليدة. رغم هول الفاجعة اكرم بها من بقعة سقيت بدماء الأحرار و أحفاد الثوار لن يكفي الدمع الرقراق في وصف حرقة قلوب كل الصحراويين . ولن يعيد الآسى السرمدي الراحلين . لكن عزاؤنا أن تكون البقعة التي تناثرت عليها الأجساد الطاهرة النبيلة أضحت مباركة وأنعم بها من بقعة. الآن وعلى آديم أرض سقتها الدماء الطاهرة. يكتب التاريخ صفحة أخرى من حظ الجزائر مع السمو . صفحة تتجدد. هل قدر الدماء الجزائرية دائما أن تتلاقح بالجيران. أعاد التاريخ نفسه وإن بصورة مختلفة . بالأمس الثوري تلاقح الدم الجزائري الطاهر مع إخوتهم في تونس بساقية سيدي يوسف . اليوم وفي بني مراد بالبليدة على سفوح جبال الشريعة التي هزمت غطرسة فرنسا . يتلاقح دم أحفاد الثوار مع دم الأحرار والحرائر الذين خرجوا تلقاء الجزائر بحثا عن الكرامة. حين أخرجوا عنوة من ديارهم لا لشيء، إلا أن قالو نحن صحراويين ولن نكون يوما مغاربة . هكذا وبعد كل هذه السنوات التي احتضنت فيها مستشفيات ومدارس وجامعات ومداشر ودواوير الجزائريين الصحراويين. كان لابد للعيش الكريم أن يتعمق أكثر ليصير اكسير حياة لايندثر. فكان الدم مع الدم والدمع مع الدمع . والجسد واحد يتداعى بالسهر والحمى، رغم هول الفاجعة . أكرم بها من بقعة سقيت بدماء الأحرار وأحفاد الثوار . يحق لنا والحزن يسري في كل شيء داخلنا أن نفرح رغم الألم . فتحت رماد الفاجعة ولدت عنقا الأخوة لتنبعث إلى الأفق البعيد أجيالا وأجيالا كثيرة . رحل الراحلون الأعزاء ولن تكفي دموع الكون في مراثيهم . شهداء كان القدر أقرب إليهم من مقبض الطبيب، لكن يكفيهم أن الرحيل المحتوم كان في أرض طاهرة مروية بعبق الأنفة والكرم والنبل. في مشهد الرحيل المؤلم تحضر أمامنا صور نادرة مفعمة بالفخر. هناك بين الأرض والسماء وسم الدم الطاهر أرض بني مراد بعلامة العهد الذي لايحيد . وسيعرش زنابق خلود أبدي حين تحولت البلدة إلى رمز للتلاقح الدم بالدم إنها مكاتيب الحياة. التي جعلت آديم الأرض شاهدا على خلة الجيران ومتانة أخوة الأحبة . تكتب بلدة بني مراد تاريخا جديدا .بمداد السؤودد .وعنفوان المجد .هناك كان الدم بالدم عنوان تآلف الروح والجسد . رحم الله شهداء حادثة “بوفاريك ” من الشعبين الجزائري والصحراوي . وكلّ شهداء الثورتين والهمنا طريقهم في العهد والوفاء والمجد والخلود للشهداء .