نعد اليوم، آخر حلقة من العام المنقضي، أحداث كثيرة شهدتها السنة الفائتة، يبقى أبزرها بالنسبة لنا كجزائريين التأهل إلى كأس العالم الذي كان الشجرة التي غطت كل شيء، تأهل أعاش الجزائريين ولا زال يعيشهم إلى اليوم فوق السحاب سيما أنه تحقق على حساب أمة كفرت بمبادئ كرة القدم، وحملتها ما لا تطيق، أمة أرادت أن تجعل من مباراة كروية فرصة لإصلاح مشاكل أبدية، ومع ذلك لم تنفع كل أساليب "آل فرعون" الخسيسة وتأهل رفقاء عنتر يحيى بقذيفة صاروخية سيحفظها تاريخ السياسة أكثر من تاريخ كرة القدم، وبعد أن أخذنا المهم منهم، تركنا للمصريين "الريح" وفن الكلام الذي أبدعوا فيه في السينما والمسرح، مثلما أبدعوا فيه لكن بالمقلوب من على الشاشات الخاصة التي أظهرت كم هو حقير وخسيس ودنيء بعض الجنس من هؤلاء "آل فرعون" الذين عرّتهم مقابلة كروية وكشفت عوراتهم الحقيقية. حرب إعلامية قذرة، و"شر دبر بليل" منذ فوز المنتخب المصري في رواندا شهر رمضان الماضي سواء كان لاعبوه صائمين أو مفطرين، فإن انتعاش حظوظه في التأهل، جعل المصريين يشنون حربا ضروسا على الجزائر شعبا وحكومة، حتى أنهم توعدوا بالحرب يوم 14 نوفمبر بملعبهم الذي سموه ملعب "الرعب"، وسجل التجاوز الإعلامي أقصى مداه بعد أن مدد عبد ربه عمر آمال المصريين بفوز آخر في زامبيا، رافقه انتصار "الخضر" على رواندا بثلاثة أهداف مقابل واحد، جعلت مهمة "آل فرعون" في التأهل تمر عبر الإنتصار بثلاثية نظيفة بملعب القاهرة، وقد توعد شلبي، مصطفي عبده، الغندور وعمرو أديب الجزائريين بكل وصف قبيح قبّح وجوههم السوداء من "الفول" و"الطعمية"، وخرجوا عن جادة الصواب، دونما داع لذلك، حتى أن التلفزيونات صارت "كباريهات تلفزية" و"علب ليل إعلامية"، نصبت استوديوهات للرد على ما يأتي في الصحف الجزائرية وفي المنتديات، وتواصل الشحن باقتراب موعد اللقاء بالأخص من الغندور، الذي وصف الجزائريين بكل شيء أمام صمت مطبق للجهات العليا، ما عدا وزير الخارجية المصري الذي طالب صحافة البلدين بالترفع عن هذه الأمور، وبدى واضحا أن الجزائريين ينتظرهم "شر دبر بليل"، وعاد هؤلاء الزنادقة الذين تحولوا بقدرة قادرة الى "كباتنة" وقادة رأي في الإعلام، يغنون والشعب المصري يرقص ويصدق، وزاد الإحتقان الى درجة أن المصريين نسوا في لحظات أن الأمر يتعلق بمباراة في كرة القدم، فكان تصرف حقير يوم وصول حافلة المنتخب الجزائري إلى القاهرة. استقبال بالحجارة، بإشادة من إعلاميي الدعارة لم ينتظر أحد أن تستقبل حافلة المنتخب الجزائر غداة وصولها إلى مصر بحجارة "الأهرامات"، وأن تتسبب تلك الحجارة في إصابة لاعبين تدمي رؤوسهم، وكان من الممكن أن لا تجري المباراة لولا وساطة حسني مبارك شخصيا الذي تدخل وتوسل بوتفلقية للعب المباراة حتى لا "تروح أم الدنيا في داهية"، وهي الإعتدءات التي تسابقت القنوات التلفزية سيما الفرنسية منها، والعربية الموضوعية منها على نقلها للعالم أجمع خاصة صورة لموشية، وحليش والدم يغطي وجهيهما، حدثت تلك الاعتداءات كنتيجة حتمية للشحن الإعلامي المتواصل الذي أفقد المصريين عقولهم، وجعلهم يتصورون أنهم سيواجهون "يهودا".. الغريب في الأمر، أن ما أقدمت عليه الصحافة المصرية من تبريرات عندما قالت أن لاعبي المنتخب الجزائري هم من كسروا حافلتهم، حتى أنها فبكرت أيضا رواية سائق حافلة آخر عوض السائق الحقيقي الذي اتهم لاعبي الجزائر بالإعتداء عليه، وهو ما ضحك عليه الجميع، من تفاهة المصريين، وعدم قدرتهم حتى على الكذب بطريقة معقولة، لأنهم كانوا يكذبون وكأنهم يحاولون إقناع "عيل" صغار، ولو أن عقول الكثير من المصريين على صغرها صدقت هذه الروايات، وظنت أن ما برع فيه الفنانون المصريون وجزء كبير من الشعب (التمثيل) فن قد يبرع فيه أيضا رفقاء صايفي، لكن هيهات، وقد كانت هذه الحادثة بإشارة من إعلاميي الدعارة المصرية، الذين أخرجوا عوراتهم أمام الناس، فضحك عليهم العقلاء على تفاهتهم التي بلغت حدا لا يوصف. تأهل تاريخي في بلد الكرم السودان ورغم كل هذا الضغط إلا أن المنتخب المصري لم يدرك التعادل في مباراة 14 نوفمبر إلا في الدقيقة الخامسة من الوقت بدل ضائع وبهدف غير صحيح، يحمل خطأين، الأول خروج كرة المحمدي، والثاني تسلل مسجل الهدف عماد متعب، ورغم ذلك قال كثيرون أن الله أراد خيرا عندما تقرر اللجوء الى مباراة فاصلة منعا لإراقة الدماء، لأنه حتى مع فوز المصريين لم يمنعهم من الإعتداءات على كل ما هو جزائري، واعتداءات همجية تبقى وصمة عار في جبين المصريين الذين فعلوا كل شيء، واعتدوا حتى على النسوة، كما أصيب كثيرون ودخلوا المستشفيات منهم حتى من كان يعتقد أنهم توفيوا مثل المناصر حملاوي الهامل، ويجمع كثيرون أنه كان من الصعب هضم الإقصاء بتلك الطريقة قبل دقيقة من نهاية الوقت بدل الضائع لولا تدخل الرئيس بوتفليقة الذي قرر أن يخفض قيمة التذاكر الى الخرطوم إلى مليوني سنتيم، مع تخصيص عدد هائل من الطائرات المدنية والعسكرية لنقل المناصرين، والتكفل بهم، حيث تحرك الآلاف بل الملايين وأرادوا كلهم أن يتنقلوا بدليل أن 1,7 مليون جزائري حاولوا السفر إلى السودان، في وقت لم يحالف الحظ إلا 10 آلاف على أقصى تقدير سجلوا تواجدهم في السودان بلد الكرم والأمان الذي احتضنهم بقوة وبكرم كبير أدهش الجميع، وقد أثبت "الخضر" من هو الأب الشرعي للدنيا، الذي كسر غرور الفراعنة ودفنه في كوكب "المريخ" أمام أنظار الملايين في العالم الذين شاهدوا المقابلة التي تحولت الى قضية "نيف" للجزائريين، والجميع يعرف ماذا تعني هذه الكلمة للجزائريين الذين ثأروا لأنفسهم على كل المستويات، وتأهلوا تاركين الخيبة بل "القنطة" بالتعبير العامي تسكن المصريين حد النخاع وهم الذين تكبدوا أقسى خسارتين لهما أمام الجزائر في ظرف 6 أشهر، و4 أهداف في المجموع، ينسي فيها الواحد الآخر من جماليتها، وعلى الرغم من أن التأهل لعب على أرضية الميدان، إلا أن "الحقارة المصرية" في أبشع صورها تواصلت إعلاميا، ولكن بمشاركة الفنانين الذي أقاموا "أوبيرات بكائية" وصفوا فيها الجزائريين بكل شيء، ورغم كل هذا إلا أن التأهل كان لنا والخيبة مصرية بامتياز، خيبة نتصورها كانت كبيرة جدا من "ولي القوم" الذي كان يريد توريث ابنه الحكم، إلى آخر مواطن مصري. عهدة ثالثة.. إنها سنة بوتفليقة كما عرفت السنة أيضا إجراء الإنتخابات الرئاسية التي كانت مجرد تحصيل حاصل في مواجهة غير متكائفة ل"غول" أمام مجموعة من الأرانب والفئران التي كانت أقصى ما تفكر فيه هو الحصول على عائدات الحملة الإنتخابية، وكما كان منتظرا كان الفوز مدويا وساحقا في ضربة موجعة لكل الأطياف السياسية التي ما زالت تؤمن بوجود تعداد حزبية فعالة بعد أن نصب الشارع الجزائري بوتفليقة رئيسا فوق العادة 90 بالمئة وأعطاه كل الصلاحيات ليواصل الرجل الحكم، في أمل يكون الرئيس الأكثر تعميرا في الرئاسة إذا ما أطال الله عمره لإنهاء عهدته، سنة بوتفليقة كانت سعيدة أيضا رياضيا وحصل الرجل على نقاط إضافية وسط البسطاء وأبناء الشعب في الشارع الذين خرجوا وغنوا في الشوارع وهم يهتفون بحياة الرجل (72 سنة) واعترفوا له بفضله في التأهل بالدعم البشري الذي أرسله الى السودان ووصل حد تجنيد طائرات عسكرية، لينهي بوتفليقة السنة رجلا فوق العادة بعد أن بدأها بالترشح لعهدة ثالثة سرعان ما فاز بها، كما أن رفض الرجل التنازل أو الإعتذار مثلما يأمل المصريون، زاد من شعبيته وهو الذي رفض كل الوساطات الأخرى لإصلاح المشكل الدبلوماسي الكبير والذي حاولت ليبيا أن تتدخل فيه، ولو أن الجزائر لا يقلقها تماما أن تهدأ علاقتها بمصر لأن مصر هي الرابح من تعاملها مع الجزائر. المهرجان الإفريقي.. مهرجان العري والبذخ واحتضنت الجزائر خلال هذه السنة أيضا المهرجان الإفريقي الذي خلف الكثير من ردود الفعل، سيما من قبل حركة النهضة التي قدمت مساءلة كتابية لوزيرة الثقافة اتهمتها خلالها ب"تبذير المال العام والعري"، لأن ما أُنفق على هذا المهرجان رقم خرافي وصل إلى 100 مليون أورو، دون نسيان المشاهد اللا أخلاقية في شوارع العاصمة والرقص الفاضح في الشوارع بملابس لا تستر حتى العورات، وأجمع كثيرون أن المهرجان الذي سمي "ولادة إفريقيا من جديد" لم يحقق أي فائدة للبلاد، عدا التهامه ميزانية ضخمة استفاد منها البعض ممن اقتسموا "الطورطة"، رغم إصرار الوزيرة تومي أنه كان ناجحا وساهم في تعريف الجزائريين بما تخبئه قارتهم، وهو ما لا يقنع أحدا، ما عدا أصحاب "هنا في هنا".