تكشف وثائق رسمية فرنسية كيف أن المعهد الفرنسي ''إيمار'' يقوم بأنشطة تجسسية مشبوهة في الجزائر، تحت غطاء الإستشراف ودراسة تطورات الاقتصاد والمجتمع الجزائريين، لفائدة جهاز المخابرات الفرنسية. وحسب وثائق رسمية فرنسية، تحوز ''النهار'' نسخا منها،فإن معهد ''إيمار'' الذي يجري من حين لآخر دراسات في الجزائر، بطلب من مؤسسات جزائرية، ينشط تحت إشراف المخابرات الفرنسية، ويتلقى أموالا مرصودة لفائدته، لتغطية جزء من أنشطته التجسسية، التي تشمل دولا عديدة في إفريقيا، خصوصا تلك التي تشكل ''المستعمرات السابقة'' لفرنسا، ومنها الجزائر.ووفق ما تظهره بيانات ومعطيات رسمية، تضمنتها وثائق مرفقة بقانوني المالية للحكومة الفرنسية لعامي 2009 و2010، والمدرجة تحت اسم مشروع ''العمل الخارجي للدولة''، فإن معهد إيمار الفرنسي الذي يدعي الاستقلالية، قد قام خلال العامين المذكورين بتزويد مصالح المخابرات الفرنسية التي تشرف على برنامج ''العمل الخارجي للدولة، الذي ترصد له باريس ميزانية سنوية كل عام، بمعطيات وإحصائيات حول العديد من دول إفريقيا الفرنكوفونية وشمال إفريقيا، منها الجزائر، من ميزانية معتبرة، وجهت له نظير الاستفادة من دراسات وإحصائيات كلف بإعدادها في عدد من الدول من ضمنها الجزائر.وتكشف تلك الوثائق أيضا أن معهد ''إيمار'' الذي يختفي وراء واجهة النشاط الاستشرافي ذو الأغراض الاجتماعية والاقتصادية، يشارك في برنامج تديره الاستخبارات الفرنسية الخارجية ''DGSE'' و3 هيئات أخرى تابعة لمصالح وزارة الدفاع الفرنسية وقيادة هيئة الأركان في فرنسا، من خلال تقديم معطيات حول تغلغل اللغة الفرنسية في أوساط المجتمعات التي يجري بها دراساته، إلى جانب دراسات أخرى حول المصالح الاقتصادية الفرنسية والعراقيل التي تواجهها، إلى جانب قيامه بتزويد البرنامج المذكور ببيانات ونسب حول كل ما له صلة بالنفوذ الفرنسي في دول القارة السمراء.وتعتمد باريس، بشكل كبير، حسب ما تظهره الوثائق، على دراسات معهد ''إيمار'' إلى جانب مؤسسات وهيئات أخرى للدراسات، في إعداد الخطط والاستراتيجيات السياسية والاقتصادية وحتى الدفاعية المتعلقة بالأمن الفرنسي، لاعتمادها في بعض دول إفريقيا، دفاعا عن مصالحها الاستراتيجية هناك، وكل ذلك يتم تحت تأطير وإشراف مصالح الاستخبارات الفرنسية الخارجية ''DGSE'' بالاشتراك مع مصالح مديرية الحماية والأمن بوزارة الدفاع الفرنسية ''DPSD''، ومكتب قيادة هيئة الأركان بالجيش الفرنسي ''EMA''، إلى جانب اللجنة العامة للتسليح ''DGA''.يشار في الأخير إلى أن معهد ''إيمار'' الفرنسي يقوم بعدة أنشطة في الجزائر وبعض الدول الإفريقية، تحت غطاء إنجاز دراسات اقتصادية واجتماعية تهتم بمواضيع ومجالات متنوعة، مثل الإعلام، الاقتصاد، التجارة الخارجية، التعليم، الثقافة، الدفاع والأمن.