تنفس المدير الفني للمنتخب الجزائري لكرة القدم رابح سعدان الصعداء من الانتقادات التي طالته وفريقه في الاشهر الاخيرة وبالتحديد في الايام الاخيرة عقب الخسارة امام سلوفينيا في الجولة الاولى من منافسات المجموعة الثالثة في الدور الاول لنهائيات كأس العالم لكرة القدم في جنوب افريقيا. وقال سعدان بابتسامة عريضة عقب التعادل الثمين الذي انتزعه فريقه من انكلترا امس الجمعة في كايب تاون "هذا افضل رد على المنتقدين وكل من شكك في قدرة وامكانيات هذا المنتخب. لطالما انتقدت وارتفعت الاصوات مطالبة بالاقالة ماذا عساكم ان تقولوا بعد اليوم". وقدم المنتخب الجزائري احد افضل عروضه حتى الان ونجح في الصمود امام نجوم المنتخب الانكليزي واين روني وستيفن جيرارد وفرانك لامبارد واميل هيسكي وغيرهم منتزعا نقطة ثمينة هي الاولى له في مشاركته في جنوب افريقيا بعد غياب دام 24 عاما. وليست المرة الاولى التي يواجه فيها سعدان هذه الانتقادات، فعلى غرار مشاركته في كأس الامم الافريقية مطلع العام الحالي عندما واجه سعدان سيلا من الانتقادات عقب الخسارة المدوية امام مالاوي صفر-3 في الجولة الاولى لكنه رد بقوة ايضا بقيادة محاربي الصحراء الى الدور نصف النهائي بازاحة ساحل العاج ونجومها ديدييه دروغبا وسالومون كالو ويحيى توريه. وعادت وسائل الاعلام المحلية وبعض المراقبين والمدراء الفنيين السابقين الى توجيه اصابع الاتهام الى سعدان بعد الخسارة امام سلوفينيا معيبين عليه اعتماده على اسلوب دفاعي والدليل فشل الجزائر في هز الشباك منذ ثلاثيتها في مرمى ساحل العاج في دور الاربعة من العرس القاري لان الهدف الذي سجل في مرمى الامارات وديا مطلع الشهر الحالي كان من ركلة جزاء. واوضح سعدان الملقب ب"الشيخ": "لدينا منتخب شاب لا يملك الخبرة اللازمة في مثل هذه البطولات الكبيرة كما اننا لم نلعب بتشكيلتنا الاساسية طيلة فترة الاعداد للمونديال بسبب الاصابات التي لحقت اللاعبين حتى ايام قليلة من بدء العرس العالمي"، مضيفا "بالنظر الى المباراتين امام سلوفينيا وانكلترا قدمنا عروضا رائعة لم نكن سيئين على الاطلاق، كنا الافضل، لم يحالفنا الحظ في المباراة الاولى لاننا كنا الاقرب الى الفوز، لكننا انتزعنا ما نستحقه في الثانية وكان بامكاننا الفوز علما باننا لعبنا امام منتخب كبير مرشح للقب وبنجومه المرعبين وبقيادة مدرب محنك". وقال سعدان "اجمالا لا اكثرت بالانتقادات لانني واثق من العمل الذي اقوم به ومن ثقة الاتحاد الجزائري وكفاءات اللاعبين، لكن هذه الامور تؤثر كثيرا على اللاعبين وتشتت تركيزهم وهو ما يزيد في صعوبة مهمتنا لاننا عوض التركيز على الامور الفنية والخطط التكتيكية للمباريات، نواجه معنويات مهزوزة للاعبين المحبطين ونبذل جهدا اضافيا من اجل اعدادهم نفسيا". واردف سعدان بابتسامته المعهودة "رب ضارة نافعة، فهذه الانتقادات تصب احيانا في صالحنا على غرار ما حصل امام انكلترا، لان رد اللاعبين كان قويا وكانوا اكثر اصرارا وعزيمة على تحقيق نتيجة ايجابية يؤكدون بها سمعتهم التي اكتسبوها في التصفيات والعرس القاري". واعرب سعدان عن امله في "مواصلة المشوار في المونديال والتحسن التصاعدي في المستوى لكنه ابدى تخوفه من عدم الاستقرار في النتائج، وقال "المهم امام انكلترا اننا نجحنا في استعادة الثقة والتوازن بعد الخسارة امام سلوفينيا. عودتنا كانت مشرفة وامام منتخب كبير مثل انكلترا"، مضيفا "مباراتنا المقبلة لن تكون سهلة لكن المعنويات العالية بعد نتيجة اليوم قد تساعدنا على تحقيق الفوز وتشريف كرة القدم الجزائرية. أتمنى ذلك فعلا لان مشكلة فريقنا هي الاستقرار في النتائج، اذا حافظنا على مسيرتنا التصاعدية في النتائج فاننا سنحقق ما نطمح اليه". واضاف "سر نجاح منتخبات مثل المانيا وانكلترا والبرازيل هو الاستقرار في النتائج وهذا ما احاول تلقينه للاعبين واعتقد انهم استوعبوا الدرس اقله اليوم". واوضح سعدان انه لا يعرف حتى الان القوانين التي يتبعها الاتحاد الدولي للفصل بين منتخبين متساويين في رصيد النقاط، وقال "لا اعرف ما اذا كنا سنتاهل وما هي قوانين الفيفا، سأتنفس الصعداء شيئا ما لتحليل ذلك مع الجهاز الفني، لكن عموما مادامت امامنا مباراة فذلك يعني بان الحظوظ قائمة وسندافع عنها حتى الثانية الاخيرة". وتحتاج الجزائر الى الفوز على الولاياتالمتحدة وخسارة سلوفينيا امام انكلترا لتتساوى رصيدا مع سلوفينيا. لكن في حال كان الفصل بينها وبين سلوفينيا المواجهات المباشرة فان ممثلي العرب في المونديال سيخرجوا خاليي الوفاض، وفي حال فارق الاهداف فان الجزائر ستكون مطالبة بالفوز بفارق هدفين او هدف مع خسارة سلوفينيا بنتيجة معاكسة اي بفارق هدف او هدفين على التوالي. عموما، مرة اخرى اثبت سعدان أنه "رجل المهمات الصعبة" بكل ما في الكلمة من معنى، ويعتبر التعادل انجازا لان اشد المتفائلين لم يكن ينتظر ان يصمد "ثعالب الصحراء" امام الانكليز. يذكر انها المرة الخامسة التي يشرف فيها سعدان على تدريب منتخب بلاده بعد 1982 عندما كان مساعدا لمحي الدين خالف ثم اعوام 1986 و1999 و2004. ويلجأ الاتحاد الجزائري دائما الى سعدان لقيادة المنتخب في أصعب الفترات وتحديدا بعد فشل المدربين الأجانب في مهامهم على رأس الادارة الفنية "للخضر". ويعتبر سعدان أفضل مدرب عربي وهو اول مدرب عربي وافريقي يقود منتخب بلاده في 3 نسخ من نهائيات كأس العالم، علما بانه كان صانع تأهل منتخب الشباب الى مونديال 1979 في الارجنتين وقاده الى الدور ربع النهائي قبل ان يخسر أمام الأرجنتين المضيفة وأسطورتها دييغو أرماندو مارادونا. ولفت سعدان الأنظار مع الجزائر في مونديال 1982 في اسبانيا عندما تغلب الخضر على المانياالغربية 2-1 وتشيلي 3-2 وخسر أمام النمسا صفر-2، ولولا المؤامرة الشهيرة للأخيرة مع ألمانيا لكان أول منتخب عربي وافريقي يبلغ الدور الثاني. استلم سعدان مهامه كمدرب عام 1985 وقاد الجزائر الى مونديال 1986 في المكسيك وقدم فريقه مستوى جيدا لا يقل عن المستوى المشرف الذي قدمه عام 1982 حيث تعادل مع إيرلندا وخسر أمام البرازيل بصعوبة صفر-1 لكنه انهار أمام اسبانيا. وعاد سعدان للإشراف على الجزائر عام 1999 لكن لفترة قصيرة لخلافات مع المسؤولين، قبل ان يعول عليه مرة أخرى في جويلية 2003 ونجح في قيادة الجزائر الى أمم أفريقيا في تونس حيث بلغ ربع النهائي. ولجأ الاتحاد الجزائري للمرة الخامسة الى سعدان في تشرين الاول/اكتوبر 2007 خلفا للفرنسي جان ميشال كافالي الذي كان يتولى هذه المهمة منذ ايار/مايو عام 2006 واقيل من منصبه بعد فشله في قيادة الجزائر الى نهائيات كأس الامم الافريقية في غانا 2008، فكان المدرب المحلي عند حسن ظن المسؤولين وحقق اهدافهم حتى المستحيل منها وهو التأهل الى المونديال بعدما كانت مصر مرشحة بقوة لخطف البطاقة بالنظر الى عروضها الرائعة في الاعوام الاخيرة واسقاطها اعتى المنتخبات الافريقية خصوصا ساحل العاج والكاميرون. وشكل سعدان منتخبا شابا وواعدا يضم عموده الفقري الحالي كريم زياني ونذير بلحاج وعنتر يحيى ومجيد بوقرة وغيرهم. ولقي سعدان نجاحا كبيرا مع الاندية التي اشرف على تدريبها خصوصا الرجاء البيضاوي المغربي عندما قاده لاول القابه المحلية عام 1980، واول القابه القارية عندما توج بلقب مسابقة دوري ابطال افريقيا على حساب مولودية وهرانالجزائري عام 1989، ثم وفاق سطيف الذي قاده الى لقب دوري أبطال العرب الموسم الماضي. ولد سعدان في منزل متواضع مجاور لملعب "سفوحي" بحي السطا في 3 ماي 1946 من عائلة تنحدر من منطقة "العنصر" ولاية جيجل، ونظرا لقربه من الملعب تعلم فنون اللعبة على أرضيته واستطاع التوفيق بين معشوقته "المستديرة" ومساره الدراسي وكان سعدان تلميذا نجيبا وحصل على عرض للانتقال إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية للتأهيل في إحدى المدارس المختصة في إعداد الطيارين، إلا أنه رفض العرض ليبقى في عالم كرة القدم.