اقتحم عشرات المغاربة أول أمس الخميس، مقر السفارة الجزائرية في العاصمة المغربية الرباط، واعتصموا لساعات، مرددين شعارات مناوئة للجزائر دولة وشعبا، ورافعين لافتات تحمل صور الشرطي الصحراوي المتهم من قبل سلطات بلاده بالتجسس لصالح السلطات الأمنية المغربية. واحتشد مقتحمو مقر السفارة الجزائرية الذين كان عددهم يتجاوز 150 شخص، على الساعة العاشرة من صباح يوم الخميس الماضي، أمام الباب الداخلي لمقر السفارة، مطالبين بمقابلة السفير الجزائري لتسليمه ما سموه ب''وثيقة مطالب''، بدون أن يتدخل عناصر الأمن المغربي لتفريق المقتحمين، الذين كانت تقودهم وتؤطرهم جمعيات مرتبطة عضويا بنظام المخزن المغربي، وتدّعي الدفاع عما يسمى ب''مغربية الصحراء''. وقد انطلق المقتحمون الذين ساروا في شوارع العاصمة المغربية في شكل قافلة، تحت أنظار ''البوليس'' ومصالح الأمن المغربية، من مدينة الناظور المغربية، على أن تتجه نحو مدينة السمارة الصحراوية المحتلة. ولدى وصول القافلة إلى مقر السفارة الجزائرية في الرباط، سارع عناصرها إلى اقتحام مقر السفارة، بدون أي تدخل من عناصر الأمن المغربي، فيما اكتفى عناصر الأمن الداخلي للسفارة بتصوير أجواء انتهاك حرمة مقر السفارة، بكاميرات المراقبة الأمنية وآلات التصوير المحمولة، ليعتصم المقتحمون فيما بعد أمام الباب الداخلي للسفارة، رافضين إخلاء المكان ومطالبين بتسليم وثيقة ''مطالب'' للسفير الجزائري. ورغم الإستفزاز المغربي الواضح، إلا أن مسؤولي السفارة الجزائرية فضّلوا التعامل بتعقل وحكمة مع المقتحمين، حيث جرى تكليف موظف بالسفارة الجزائرية بتسلم وثيقة ''مطالب'' المقتحمين المغاربة، لتجنب المزيد من الإستفزازات وتفادي إطالة أمد عملية انتهاك حرمة السفارة. وتشكل عملية اقتحام مبنى السفارة، سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات بين الجزائر والمغرب، رغم أن الجزائر حرصت دائما على التذكير بأن قضية الصحراء الغربية هي شأن صحراوي مغربي، ومطروح على طاولة الأممالمتحدة ضمن ملفات تصفية الإستعمار. ويرتقب أن يتسبب التصعيد المغربي في انتهاك حرمة مبنى الممثلية الدبلوماسية للجزائر بالمغرب، في انزلاق خطير للعلاقات بين البلدين، خصوصا وأن الجزائر حرصت على احترام جارتها المغربية وضمان أمن مقر سفارتها، رغم ما ثبت بالدلائل من تورط لنظام المخزن في محاولات لإشعال الفتنة في الجزائر خلال فترة التسعينات.