لم تكشف المجزرة التي اقترفتها قوات الاحتلال المغربي ضد مخيم الحرية للنازحين الصحراويين عن كامل أسرارها في ظل التعتيم الإعلامي الذي فرضته الرباط على المدن المحتلة وتضارب المعلومات حول عدد قتلى هذه المجزرة.وأكدت السلطات الصحراوية في آخر حصيلة لهذا الاعتداء الهمجي أمس عن سقوط عشرات القتلى وأكثر من 4500 جريح و2000 معتقل في صفوف الصحراويين المحتجين في وقت كانت معلومات سابقة أشارت إلى مقتل 50 قتيلا. وذكرت وزارة الإعلام الصحراوية أن شهودا عيان أحصوا عديد الجثث ملقاة على الأرض حول مخيم اكديم ايزيك وفي الجزء الشرقي من مدينة العيون التي انتقلت إليها المواجهات العنيفة بين المتظاهرين الصحراويين الغاضبين وقوات الاحتلال المغربية. هذه الأخيرة التي أحكمت قبضتها بالمنطقة بعدما منعت دخول الصحافيين والملاحظين الدوليين إلى العيونالمحتلة كما طردت البرلمانيين الأوروبيين وقطعت الاتصالات حتى يتسنى لها إخفاء حقيقة ما يجري عن أعين العالم الخارجي. ولمواصلة عملياتها القمعية أقدم المغرب مجددا على طرد أربعة أجانب من العيونالمحتلة بسبب دعمهم للقضية الصحراوية ويتعلق الأمر بكل من خافيير صوفينا أرياس وغارثيا دياث سيلفيا وتيريثا ريبوليو ايسابيل من جنسية اسبانية وأنطونيو فيلايكيس من جنسية مكسيكية. وكان هذا الأخير شاهدا على حقيقة مجزرة العيونالمحتلة وقدم شهادات لليومية الاسبانية ''أ. بي. سي'' وأكد أن عشرات المعمرين المغربيين ورجال شرطة بالزي المدني استقروا بمخيم اكديم إزيك ''للاستفزاز وتبرير'' تدخل القوات المسلحة وإضرام النار بالخيم الذي كان يحتضن أزيد من 20 ألف صحراوي. ودق ناقوس الخطر حول ''خطورة الوضع''. وسبق للسلطات المغربية أن طردت صحافيين اسبان وبرلمانيين أوروبيين والذين نددوا بشدة بالقرارات المغربية الصادرة في حقهم وطالبوا الاتحاد الأوروبي بضرورة إعادة النظر في علاقاته مع المغرب. وتعمدت السلطات المغربية إحكام قبضتها لمواصلة حملة اعتقالات واسعة ضد الصحراويين حيث أقدمت على اعتقال ما لا يقل عن 100 صحراوي بتهمة القيام بأعمال تخريبية خلال الهجوم على مخيم الحرية في محاولة مكشوفة لكتم أصوات الصحراويين المنتفضين والمطالبين بحق شعبهم المشروع في تقرير المصير. غير أن السلطات المغربية التي تريد استكمال جريمتها في الخفاء اصطدمت بموجة التنديدات الواسعة التي شملت دولا عظمى والهيئات الرسمية والدولية المعنية بحماية حقوق الإنسان والتي طالبت بفتح تحقيق دولي في مجزرة مخيم الحرية. وأدانت ايرلندا بشدة الاعتداء وجددت مساندتها لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وأكد وزير خارجيتها مايكل مارتن أن بلاده ''تواصل دعم حق تقرير مصير شعب الصحراء الغربية وجهود الأممالمتحدة الرامية لإيجاد حل للنزاع على أساس مبدأ تقرير المصير''. وشهدت العاصمة مدريد أول أمس مظاهرة حاشدة شارك فيها آلاف الأشخاص المنددين بالقمع المغربي الممارس ضد الصحراويين وضد استمرار الاحتلال المغربي للصحراء الغربية. وخلال هذا التجمع الواسع قام المتظاهرون بحرق أعلام المغرب مرددين شعارات ''المغرب مذنب واسبانيا مسؤولة'' و''الصحراء حرة الآن!'' و''اخرج يا المغرب 35 سنة من الاحتلال كفى''. كما استوقفوا الحكومة الاسبانية المتهمة ''بالنظر إلى الجانب الآخر'' و''عدم إدانة الجرائم التي يرتكبها المغرب''. كما نظم عدد من المتظاهرين اعتصاما بالعاصمة لندن أمام مقر سفارة المغرب احتجاجا على الاعتداء الدموي ورفع المتظاهرون العلم الصحراوي ولافتات كما أطلقوا شعارات ''الصحراء حرة'' و''يحيا البوليزاريو'' و''ارقد بسلام أيها الشهيد، النصر للشعب''. وتنوعت أساليب التنديد من جهة إلى أخرى حيث أطلقت جمعيات تضامنية مع الشعب الصحراوي و60 منظمة أعضاء في اللجنة الدولية للمنتدى الاجتماعي العالمي مذكرة من أجل فتح تحقيق دولي حول الأحداث الدامية التي تشهدها مدينة العيونالمحتلة منذ 8 نوفمبر الجاري. وطالب الموقعون على هذه اللائحة الموجهة إلى الحكومتين المغربية والفرنسية والاتحاد الأوروبي ومنظمة الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي وبعثة الأممالمتحدة من أجل تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية ''مينورسو'' والاتحاد الإفريقي أن يعكف هذا التحقيق على التحري بشأن ''مصير الأشخاص المفقودين وظروف وفاة الأشخاص الذين تم العثور عليهم'' إثر الهجوم المغربي. من جانبها أدانت المنظمة غير الحكومية ''مراسلون بلا حدود'' بشدة المغرب لمنعه الصحفيين الأجانب من الحصول على المعلومات وتعنته الذي يدفع ثمنه المراسلون الأجانب الراغبين في التنقل إلى مدينة العيونالمحتلة. وفي بيان تحت عنوان ''كفى للترحيل القسري ولسحب الاعتمادات من الصحفيين الأجانب'' ذكرت منظمة ''مراسلون بلا حدود'' أنه منذ الاعتداء الذي شنته قوات الاحتلال المغربي يوم الإثنين الماضي بالصحراء الغربية ''لا زالت السلطات المغربية تمنع الصحفيين من الحصول على المعلومات'' بمدينة العيون. ودعت المنظمة السلطات المغربية إلى ''وقف الرقابة على الأحداث الجارية'' بالعيون معتبرة أن ''المملكة يجب أن تتحمل مسؤولياتها وتترك الصحفيين يقومون بعملهم.