شيع، الليبيون، صباح أمس، بمدينة بنغازي، 81 شخصا قتلوا برصاص قوات الأمن الحي، في حين واصلت القوات الليبية رمي المتظاهرين بالمدينة بالقذائف المضادة للطيران التي تعرف محليا باسم ''م. ط''، يأتي ذلك وقد اتسعت دائرة الاحتجاج لتشمل مدنا بشرق ليبيا وغربها. ونقلت ''الجزيرة'' عن شاهد عيان، أن شوارع المدينة قد ازدحمت بالمتظاهرين الذين ازداد تمسكهم بمطلبهم بإسقاط النظام، مؤكدا أن عشرات الجثث ما زالت ملقاة في الشوارع، فيما عجز المتظاهرون عن سحبها بسبب وابل الرصاص الكثيف الذي يطلق عليهم. وأكد العديد من الشهود العيان أن أعداد القتلى بمدينة بنغازي وحدها منذ تفجير المظاهرات السلمية تزيد على مائتي قتيل وأن عدد الجرحى بالمدينة يقترب من ألف. وبينما توالت الأنباء عن انضمام العديد من ضباط الجيش في صفوف المواطنين ورفضهم إطلاق النار على المتظاهرين، قال شهود عيان أنهم قد لاحظوا خروج سيارات مدنية من كتيبة الفضيل 'محل إقامة الزعيم الليبي معمر القذافي في بنغازي' في ساعات متأخرة من الليل، لتشرع في رمي المارة بالشوارع الرئيسية بالرصاص الحي، فيما ترددت إشاعات عن وجود عمليات إنزال في مطار بنينا الدولي لمرتزقة أفارقة مسلحين. وقد قرر آلاف الأشخاص المعتصمين أمام محكمة شمال بنغازي مواصلة اعتصامهم إلى أن يتحقق مطلبهم بسقوط النظام، وذلك رغم محاولات تفريقهم وحبسهم ومباغتتهم في ساعات الفجر الأولى. وقال شهود عيان بأنه بسبب حالة الفراغ الأمني الذي تعيشه مدينة بنغازي، فقد تولى عدد من شباب المدينة تسيير حركة المرور، كما قام آخرون بتنظيم لجان وطنية شبابية تتكون من لجان تغذية وطب ونظافة وإعاشة وجمع تبرعات لمساعدة أهالي المدينة على الصمود. علماء ليبيا يدعون الأمن لوقف التقتيل وفي تطور جديد، وجّه خمسون من علماء المسلمين في ليبيا نداء إلى قوات الأمن بوقف عمليات القتل والمذابح التي ترتكب بحق الليبيين. وجاء في البيان الذي شارك فيه أيضا مفكرون وزعماء عشائر ''أن الله ورسوله يحرمان قتل النفس البريئة فلا تقتلوا إخوانكم وأخواتكم وأوقفوا هذه المذبحة الآن''. وكانت بنغازي قد شهدت أول أمس السبت، مجزرة كبيرة عندما أطلقت قوات الأمن الرصاص على موكب جنائزي كان يشيع قتلى سقطوا في مواجهات وقعت الخميس الماضي، مما تسبب في مقتل وجرح المئات. وعادت قوات الأمن لإطلاق الرصاص على المشيعين لدى رجوعهم من المقبرة من أمام مديرية أمن بنغازي. وقال المحامي والناشط الحقوقي الليبي فتحي تربل، إن عدد القتلى الذين سقطوا برصاص قوات الأمن في بنغازي قد يصل إلى 200 قتيل وإن هناك ما بين 800 و900 جريح. كما أكد مصدر طبي أن مستشفيات بنغازي تعج بالمصابين، وأن أكثر الحالات التي تصل المستشفى على حافة الموت، وأغلبها مصاب بالرصاص في الرأس والرقبة والصدر. تكتم إعلامي على المجزرة كما شهدت مدينة مصراتة -وهي ثالث كبريات المدن الليبية وتقع شرق العاصمة طرابلس على شاطئ البحر الأبيض المتوسط- مواجهات عنيفة. وقال أحد السكان إن متظاهرا قتل وأصيب عدد آخر عندما تصدى من سماهم ''بلطجية'' بالسيوف والعصي لمسيرة كانت تطالب بإسقاط النظام، ورشق المتظاهرون المهاجمين بالحجارة، ثم تدخلت قوات الأمن التي ألقت القنابل المسيلة للدموع وأطلقت الرصاص. فيما امتدت المظاهرات أيضا إلى مدن درنة والبيضاء وأجدابيا والقبة وطبرق وتاجورا وشحات. أما العاصمة طرابلس فتشهد استنفارا أمنيا غير مسبوق وانتشارا كثيفا لقوات الأمن، ونقلت وكالة 'أسوشيتد برس'، أن السلطات وزعت على السكان بالعاصمة رسائل هاتفية تحذرهم من التعرض لقوات الأمن وصناعة النفط. وكانت قوات الأمن قد فرقت احتجاجات محدودة خارج العاصمة. ولم تعلن الحكومة أي أعداد بشأن الضحايا، ولم تصدر تعليقا رسميا على أعمال العنف، واكتفت بالتحدث عن الكشف عما وصفته بشبكة أجنبية مندسّة تسعى لضرب استقرار ليبيا عبر القيام بأعمال تخريب ونهب والاعتداء على مراكز الأمن العام والشرطة العسكرية.