وملزمة حاليا وفق الأحكام الصادرة عن مجلس قضاء عنابة بتسديد 70 مليار سنتيم عبارة عن ديون متراكمة مقابل حق الانتفاع بالاستغلال و يجعلها معرضة إلى سحب عقود الاستفادة مما يضع مصير أكثر من 12 ألف فلاح يشتغلون بهذه المستثمرات أمام الأمر الواقع بين دفع هذه المستحقات الضخمة أو سحب قرارات الاستفادة من حق الاستغلال. هذه الوضعية المأسوية التي أثرت سلبا على الإنتاج الفلاحي الزراعي و الحيواني تعود الى ممارسات تلك المستثمرات التي أنشئت عام 1987 لتفعيل القطاع الفلاحي لتتحول الى محل مزايدة و بزنسة حقيقية بعد أن قام أصحابها بإيجارها إلى أشخاص آخرين اغلبهم لا علاقة له بالفلاحة خاصة في حقول الخضروات و بساتين الحمضيات و سبق للنهار أن توغلت فيها حيث عثرنا على تجار من ولايات مجاورة يقومون بإيجار تلك البساتين من أصحاب المستثمرات و يجنون المحاصيل و غالبا ما يبيعونها لخواص آخرين لتتداول قبل وصولها أسواق البيع على عدة أشخاص بعيدا عن الإحصاء التجاري الرسمي الأمر الذي يفقد الخزينة العمومية أكثر من 15 مليار سنتيم سنويا في شكل ضرائب مشروعة على المداخيل بالإضافة إلى إتلاف تلك الأشجار وإبادة التربة نتيجة غياب أشغال الصيانة و التجديد و قد امتنع بعض ممن التقيانهم عن التصريح بقيمة إرباحهم و حملوا فلاحي المستثمرات مسؤولية إهمالها و الاتكال على أموال الإيجار باعتبار أن الدولة تقوم بمسح ديونهم من حين لآخر بالإضافة إلى مشكلة النزاعات القضائية بينهم في حين لازالت مئات المستثمرات تعاني الدمار حيث قدرت المصالح الفلاحية بالطارف وجود أكثر من 20 ألف هكتار مهملة و لم يبقى من ممتلكاتها إلا بقايا أثار و هياكل منتصبة . و يأتي تحرك مديرية أملاك الدولة بتنفيذ أحكام العدالة بإلزام الفلاحين بدفع ما عليهم من ديون في إطار عملية التطهير الفلاحي من العبث و الإهمال و التلاعب بالعقار العمومي مقابل أرباح وهمية بالنسبة للمستفيدين و خسائر بالملايير تتحملها الخزينة العمومية و ارتفاع ظاهرة النشاط الطفيلي من اجل اقتسام الريع بين البزانسة من دخلاء القطاع الفلاحي المغيب في ولاية الطارف رغم الإمكانات المسخرة و المتوفرة و مع هذا فان دخول أسواق الولاية بالجملة و التجزئة يطرح العديد من التساؤلات من جراء الأسعار الملتهبة للخضر و الفواكه . كما تأتي وضعية برنامج استصلاح الأراضي عن طرق الامتياز لتزيد من تدهور القطاع بولاية الطارف بعد فشلها حيث صرح لنا مدير المصالح الفلاحية بان إدارته قررت إلغاء عدة مشاريع بعد ان أفضت إلى الفشل بسبب عجز أصحابها على التقيد بعقد الامتياز نظرا لضعفهم المالي و نقص تاطيرهم و سيعاد النظر في البرنامج بعد تقييم التجربة و إعادة بناء المشروع بعقلانية لتبقى وضعية الفلاحة الجبلية و الريفية الطابع المميز لسكان المنطقة و التي تنحصر في زراعة تقليدية محدودة لما يعانيه الريف الطارفي رغم وعود الوزير المنتدب المكلف بالتنمية الريفية الذي زار مؤخرا ولاية الطارف و أثنى على إمكاناتها في إنجاح برنامج ترقية الريف دون أن يكتشف معاناة أكثر من 70 بالمائة من سكانه الذين لازالوا يعتمدون على الاحتطاب و نقل المياه بالا حمرة .