الأراضي الفلاحية ستبقى ملكا للدولة وتحويل الانتفاع الدائم إلى امتياز شدّد وزير الفلاحة والتنمية الريفية رشيد بن عيسى على أن مشروع القانون المحدد لشروط وكيفيات استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الخاصة للدولة لا يعني أبدا التنازل عن الأراضي بل حوّل حق الانتفاع الدائم منها إلى حق الامتياز، واعتبره خطوة نحو عصرنة القطاع وإيجاد الحلول الأنجع للمشاكل التي يتخبط فيها. ودافع الوزير عن المشروع خلال عرضه أمس على النواب بالمجلس الشعبي الوطني وقال انه يرتكز على خمسة مبادئ أساسية هي إبقاء الأراضي الفلاحية ملكا للدولة، تكريس نظام الامتياز كنمط حصري لاستغلال الأراضي التابعة للأملاك الخاصة للدولة، منح حق الامتياز لمدة 40 سنة قابلة للتجديد مقابل دفع إتاوة، إنهاء مبدأ العمل الجماعي المفروض واستبداله بتدابير تحفيزية للعمل المتكامل ما بين المستثمرات بصفة إرادية، أما المبدأ الأخير فهو تثبيت كل المستفيدين الذين يمارسون نشاطاتهم في المستثمرات طبقا للقانون، وبالمقابل عدم تثبيت الحالات غير القانونية وإقصاؤها من الاستفادة مما ورد في أحكام هذا المشروع.وأضاف قائلا أن المشروع يرمي إلى تحرير المبادرات وفتح المجال أمام استثمار اكبر في القطاع في إطار الشفافية والمسؤولية. وواصل بن عيسى يقول أن المشروع المبني على 15 محورا ينص بصورة أساسية على تحويل حق الانتفاع الدائم إلى حق امتياز كما ورد في المادة الخامسة وهي الركيزة القانونية التي بني عليها المشروع لأن الإطار القانوني السابق لم يعد يتمشى والرؤية الاقتصادية الجديدة للدولة، كما أوضح أن مجال تطبيق هذا المشروع يخص فقط الأراضي الفلاحية المستغلة في إطار قانون سنة 1987 الخاص بالمستثمرات الفلاحية.وحرص الوزير في ذات السياق على التنبيه إلى أن القانون الجديد لن يطبق سوى على الفلاحين أو الأشخاص الذين استغلوا الأراضي الفلاحية المعنية بصفة قانونية، مشيرا إلى أن كل من دخل واستغل هذه الأراضي خارج القانون لن يثبت ولن يستفيد من تدابير القانون الجديد، ويبلغ عدد الذين سوف يستثنون من المشروع 11الف و900 فلاح من مجموع 218 ألف فلاح على المستوى الوطني، حيث سيؤجل البث في ملفاتهم العالقة على مستوى الجهات القضائية إلى غاية صدور الحكم النهائي، كما سيتم إقصاء الأشخاص الذين كانت لهم تصرفات غير مشرفة خلال فترة الثورة التحريرية وبالمقابل تمنح الأولوية لفئة المجاهدين وأبناء الشهداء للاستفادة من عقود الامتياز، وكذا للحائزين على قدرات علمية وتقنية في المجال الفلاحي.ويمنح المشروع الجديد مدة 18 شهرا للفلاحين لإجراء عمليات تحويل حق الانتفاع الدائم إلى حق الامتياز لدى الديوان الوطني للأراضي الفلاحية.أما مجمل تدخلات النواب فقد انصبت حول محاور اعتبروها مهمة وأساسية منها على وجه الخصوص قصر المدة الممنوحة للفلاحين(18 شهرا) لتسوية وضعية الأراضي التي يستغلونها وتحويل حق الانتفاع الدائم إلى حق الامتياز، وطالبوا بتمديد المدة بالنظر للبيروقراطية الموجودة على مستوى مديريات مسح الأراضي، كما تساءل البعض عن سر استثناء حوالي 300 ألف هكتار المستغلة في إطار المزارع النموذجية، وتخوف نواب آخرون من البنوك الأجنبية بالنسبة لحالات الرهن لأنه في حال عدم قدرة الفلاحين على تسديد الديون فإن هذه البنوك ستستولي على الأراضي.كما طالب بعض النواب خلال المناقشة أيضا بتوضيح هل يقصد المشروع في المادة التي تتحدث عن منح الامتياز لشخص طبيعي ذو جنسية جزائرية عن طبيعة الجنسية هل الأصلية منها، أم المكتسبة أم تعني مزدوجي الجنسية أيضا، و تحفظ البعض الآخر من جانبهم عن مسألة توريث الأراضي للأبناء بعد وفاة الأولياء، لأن الورثة لن يكونوا بالضرورة فلاحين، وكذا عن التوريث بالنسبة للذين فشلوا في استغلال الأراضي، كما اقترح نواب عدم إعطاء صلاحية سحب الأراضي من الفلاحين الذين يسيئون استغلالها للإدارة واختصارها في الجهات القضائية فقط.وقد شهدت الجلسة العلنية التي خصصها المجلس الشعبي الوطني أمس لمناقشة مشروع القانون هذا تدخل 85 نائبا على أن يعرض للتصويت في الأيام المقبلة.