العديد من الجرحى وقتيل هي الحصيلة الأولية على المستوى الوطني، منذ افتتاح موسم الاصطياف للسنة الجارية، تسببت فيها زوارق الموت المعروفة ب''الجات سكي''، التي تحوّلت من أداة للاستمتاع إلى وسيلة لإزهاق الأرواح، ناهيك عن السعر الخيالي لكرائها، والذي يتراوح ما بين ال5 آلاف و12 ألف دينار للساعة الواحدة. ''البڤارة''، ''أصحاب الشكارة'' و''الأنانيش''، هي الألقاب الثلاثة التي أجمع كل من تحدثت إليهم ''النهار''، على مستوى شواطئ زرالدة، سيدي فرج وشاطئ النخيل المعروف ب''البالم بيتش''، على أنهم الفئة التي بمقدورها الاستمتاع بهذه الوسائل، في حين ''تطفر في الزوالي''، حيث يكتفي بالمشاهدة وأخذ صور تذكارية معها لا أكثر. وقصد التعمّق أكثر في الموضوع، حاولنا التقرب من صاحب أكبر عدد لوزارق ''الجات سكي'' بشاطئ ''بالم بيتش''، الذي رفض التحدث إلينا حول تفاصيل الكراء، مكتفيا بعبارة أنه يعرضها للكراء، حيث حدّد سعرها ب155 مليون سنتيم. عمال الشاطئ من جهتهم، أكدوا أن سبب نقص إقبال المصطافين على الشاطئ، يعود بالدرجة الأولى إلى تواجد الزوارق على الشواطئ المخصصة للسباحة، حيث يصل عددها أحيانا إلى ال10، علما -على حد تصريحات العمال- أنها غالبا ما تأتي عن طريق البحر قادمة من الشواطئ المجاورة. وأوضح لنا أحد الشباب المتكفل بعملية الكراء، بأن السعر قد يصل إلى 12 ألف دينار للساعة الواحدة، إلا أن الزبون يمكنه استئجارها حسب إمكاناته، أي ربع ساعة ب5000 دج. وعن طبيعة الزبائن، فقد أشار بيده إلى أحد المحلات، وقال أصحاب الشكارة الممول الرئيسي للزبائن، إنهم يستأجرون القارب لعدة ساعات يوميا، حيث قد يحصد صاحب ''الجات سكي''، راتب طبيب مختص في ظرف يوم واحد. وفي الوقت الذي ينفق فيه البورجوازيون مبالغ مالية طائلة تصل إلى 200 مليون سنتيم، لإرضاء أهوائهم واقتناء زوارق الموت، يحلم المئات من الشباب وأرباب العائلات من القاطنين في المناطق الساحلية والمدن المجاورة، في ادخار مبلغ مماثل فشلوا في جمعه، والذي قد يستثمر لتحقيق مشاريع العمر. أب ل3 أطفال يرى في كراء الجات سكي ''هبال'' ''عمي موح''، أب ل3 أطفال، متقاعد، ارتأى أن يقضي يومه رفقة أسرته الصغيرة على شاطئ البحر، الذي يرى فيه متنفسا، إلا أنه تفاجأ بعدد الزوارق المركونة على الشاطئ، وبسؤاله عن مدى إمكانية كرائه أو شرائه لهذه الآلة، أجاب مباشرة ''نرمي 200 مليون في البحر، هذا هبال''، حيث أكد أنه من المستحيل حتى أن يفكر في شرائه أو كرائه، خصوصا أن ساعة تعادل ضعف مرتب تقاعده، في حين أبدى ابنه الأصغر رغبته الجامحة في ركوبه، ولو لربع ساعة، معتبرا إياها مغامرة تستحق التجربة. 200 مليون ''ندير بيها دولة وحدي'' هو رأي ''محمد'' و''حفيظ''، العاملان بشاطئ النخيل كحراس حظيرة ركن السيارات، فقد أكدا أنهما بذلك المبلغ يحقّقان حلم حياتهما، وقد رسما مخطط مشروع في بضع ثواني، والذي تمثل في كراء أكبر مساحة مخصصة لركن السيارات، إلى جانب شراء المزيد من الشمسيات والكراسي، ليصبحا بذلك سلاطين زمانهما. عون حماية ل''النهار'': بدراهم ''الجات سكي'' نتزوج و''نقلش مرتي بكلمات امتزجت بالضحك والسخرية، أكد ''محمد'' العامل كعون حماية بشاطئ سيدي فرج، على أن كراء هذا الزورق يكلّف راتبه كاملا، إلا أنه عازم على تجربته بمجرد انخفاض سعره، باعتبار إمكاناته غير سانحة إلى حد الساعة، كما أوضح قائلا: ''بدراهم ''الجات سكي'' نتزوج ونقلش مرتي''. وباعتبار هذه الظاهرة تتكرر كل صائفة، بحجة أنها تستهوي الشواطئ قلوب المصطافين، بمن فيهم مستخدمي الألعاب المائية كالزلاجات والقوارب ذات المحرك أو الشراعية، والتي قد لا يشعر الفرد بنشوتها سوى بالبحر، إلا أن ذلك غالبا ما يشكل خطرا على المصطافين، بمن فيهم مستعملي هذه الوسائل، إضافة إلى الإزعاج الذي قد ينتاب المصطاف، نظرا للظروف غير المواتية للراحة، والذي يلجأ إلى الشاطئ للبحث عنها هروبا من الضغط أو الحرارة المرتفعة، إلا أن تلك الغاية لا تتحقّق، خصوصا إذا استخدمت الموسيقى الصاخبة، والتي في الكثير من الأحيان تكون خادشة ومزعجة للعائلات خصوصا. المصطافون مستاءون من تهور مستعملي ''الجات'' ولامبالاة المسؤولين وفي ذات السياق، ارتأت ''النهار''، أخذ أراء بعض المصطافين، الذين أعربوا عن انزعاجهم التام بالشاطئ الذي من المفترض أن يكون مكان راحة وهدوء، وهذا نتيجة ذوي المحركات التي أضحت تتطفل على هدوئهم وتركيزهم، في تأمل المنظر الطبيعي، كما ألحوا على ضرورة قيام الهيئات المختصة بواجبها، باتخاذ إجراءات صارمة تدين وتعاقب كل من يخل بنشاط الشاطئ وأمنه، باعتبار القوارب مثلا والدراجات المائية، تهدّد صحة المصطاف بالدرجة الأولى. بينما أكد بعض الشباب، على أن تلك الوسائل تزيد من استمتاعهم بالبحر وزرقته، باعتبارها مثيرة وتستحق التجربة، حيث وجدوا أن تواجدها على مستوى الشاطئ يزيد من جماله ويستقطب زوارا أكثر، خاصة من فئة الشباب هواة المغامرة، بالرغم من إدراكهم التام بوجود قوانين تمنع تواجد هذه الآلات ببعض المناطق، وتحدد أوقات استعمالها، كالقانون رقم 03- 02 المؤرخ في 17 فيفري 2003، والذي يحدّد القواعد العامة للاستخدام واستعمال السياحي للشواطئ، أين تنص مادته رقم 36، على أن استخدام أي زلاجة مائية والمركبات ذات المحرك على مستوى الشواطئ، يكون ممنوعا إذا كان أقل من 100 متر من المنطقة المسموحة للسباحة، ومن يخالف القوانين يتحمّل المسؤولية. وما لاحظناه على غرار السنوات الفارطة، ظاهرة لعب الكرة بمختلف أنواعها ''كرة الطائرة، كرة القدم والمضرب''، والتي تضطر العديد من المقبلين على الشواطئ، إلى مغادرة أماكنهم بحثا عن الهدوء، حتى ولو تطلب منهم قطع مسافات طويلة، نظرا للإزعاج واحتمال وقوع إصابات، ناهيك عن الشجارات التي قد تنتج عن ذلك في العديد من الأحيان، وتتسبب في وقوع حوادث خطيرة، قد تؤدي إلى إزهاق للروح. مأساة على الشواطئ وأغلب الضحايا أطفال لعل أغلب الإصابات التي توصلت ''النهار''، إلى إحصائها، والتي فاقت 7 جرحى، سجّلت على مستوى شواطئ العاصمة ووهران، حيث سجّلت أول حالة وفاة، راحت ضحيتها طفلة تبلغ من العمر 10 سنوات، والتي تنقلت إلى الشاطئ احتفالا بنجاحها، إلا أنها فارقت الحياة على يد متهور قاد ''الجات سكي'' في الموقع المخصص للسباحة، علما أنه أصابها على مستوى الرأس، فأرداها ميتة، وقد أدين ب10 سنوات سجنا، إثر الجريمة التي اقترفها، كما سجّلت إصابة شابين بشواطئ مستغانم. ومن الملاحظ أن جميع الإصابات، تكون على مستوى الرأس، مما يزيد من خطورة الإصابة التي قد تكون مميتة. تسجيل إصابتين في شواطئ العاصمة منذ بداية موسم الاصطياف أكد سفيان بختي، المكلف بالإعلام بالحماية المدنية للعاصمة، في اتصال ب''النهار'' أمس، أن مصالح الحماية المدنية قد سجّلت بتاريخ 17 جوان من السنة الجارية، إصابتين، الأولى كانت ضحيتها شابة أصيبت على مستوى الرأس، وهذا بشاطئ ''الدوفان'' باسطاوالي، في حين سجّلت إصابة شاب على مستوى الرأس بشاطئ ''سابل دور'' بزرالدة. وقد أرجع ذات المتحدث الإصابات بالدرجة الأولى، إلى عدم احترام مستعملي الزوارق ذات المحرك، المناطق المخصصة للسباحة.