يواصل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي محاولاته اليائسة، لإعادة كسب الصراع الإعلامي والسيطرة على الحرب النفسية، من خلال التركيز على تغليط الرأي العام والترويج لأرقام مضخمة عن حصيلة اعتداءاته الإرهابية بعد أن فشل في تحقيق صدى إعلامي، تراجعت مصداقيته حتى على المواقع الجهادية، ممّا انعكس سلبا على مستوى التجنيد في صفوفه، لاسيما بعد تفكيك عدد هام من جماعات الدعم والإسناد. وكانت آخر خرجات اللجنة الإعلامية لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والتي جاءت نوعا ما متأخرة هذه المرة، مبالغا فيها أكثر من الحقيقة، فلم تقم ''مؤسسة الأندلس'' بتبني الاعتداء الإرهابي الذي استهدف نهاية الأسبوع المنصرم مقرا للأمن الحضري ببرج منايل شرق ولاية بومرداس، إلا بعد أربعة أيام كاملة عن تاريخ تنفيذه المصادف ل 16 من الشهر الجاري، وعمدت في بيان نشر أمس، إلى رفع حصيلته، مقدرة حجم الخسائر الملحقة على إثره ب 15 قتيلا وجرح 20 آخرين حسبما نسبته إلى مصادر غير دقيقة، في حين لم يتجاوز عدد الوفيات الحقيقية، قتيلين الأول شرطي والثاني عبارة عن مواطن يشتغل كموظف بالبلدية، حيث مكّن تفطن مصالح الأمن مسبقا لتخطيط الجماعات المسلحة، لتفنيذ اعتداء إرهابي يستهدف أحد المقرات الأمنية بالمنطقة، من تقليل حجم الخسائر، خاصة أن المنفذين كانوا يهدفون من خلال هذه العملية، إلى القضاء على ما يزيد عن 80 شخصا، وهو الفشل الذي سعى التنظيم الإرهابي إلى إخفائه، من خلال تضخيم حصيلة الاعتداء والتركيز على استهداف رجال الأمن الذين يصفهم بالمرتدين و''محاربي الإسلام''، رغم إفتاء كبار رجال الدين وأئمة الأمة الإسلامية بعدم صحة ذلك، متفاديا التطرق إلى الضحايا المدنيين الذين خلفهم على غرار موظف البلدية، رغم تأكيده أنّ العملية جرت بعد تخطيط مدروس وتوقيت محكم، حرصا على دماء المسلمين، وهو ما يتنافى مع تفاصيل الخطة الموضوعة و التي كانت ترمي إلى حصد أكبر عدد من الضحايا على مستوى المستشفى؛ أي المرحلة الثالثة من الاعتداء، وهي المجزرة التي كانت لتحدث لولا إبطال مصالح الأمن مفعول القنبلة التي كانت مخبأة عند مدخل المستشفى، استعدادا لتفجيرها فور إجلاء الجرحى. وكشف التنظيم عن هوية منفذي الاعتداءين، ويتعلق الأمر بالإرهابي المكنى ''حمزة أبو عمر'' الذي انطلق في حدود الساعة 5 و 45 دقيقة من نفس اليوم، بسيارته المعبّأة بالمتفجّرات صوب مركز الأمن، قبل أن يقدم بعدها بحوالي نصف ساعة المدعو ''أبو معاذ شرحبيل'' الذي كان على متن دراجة نارية ملغمة، على تفجير نفسه وسط الإسعافات الأولية، على طريقة الجماعات الإسلامية المسلحة أو ما يعرف ب''الجيا''، التي لجأت في الأيام الأخيرة إلى هذا الأسلوب، في ظل اشتداد الخناق على تحركات عناصرها، بحيث يحاول كعادته تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، تبرير اعتداءاته بزعمه استهداف عملاء الصليب من أبناء فرنسا المرتدين الذين طالت بهم محنة الإسلام واشتد بهم البلاء على الأمة، غير أن ضحاياه في جميع العمليات التي ينفذها، هم من أبناء الأمة المسلمة وأفراد الشعب الجزائري، ممن اختاروا الدفاع عن وطنهم مهما كانت الظروف.