باستثناء فوز الأرجنتيني خوان مارتن دل بوترو بلقب بطولة الولاياتالمتحدة المفتوحة للتنس عام 2009، فان ألقاب دورات الغران شيليم منذ عام 2005 حكر على الثلاثي السويسري روجيه فيدرر والاسباني رافاييل نادال والصربي نوفاك ديوكوفيتش.وفي أعقاب فوز ديوكوفيتش المصنف أول عالميا أخيرا بدورة استراليا المفتوحة للمرة الثالثة، الذي جاء على حساب نادال بعد مباراة ماراثونية محتدمة حطمت الأرقام القياسية واستغرقت 5 ساعات و53 دقيقة، توقف مراقبون واختصاصيون في عالم الكرة الصفراء أمام ظواهر تحيط باللعبة عند الرجال، خصوصا أن الأداء المرتفع الذي يأخذ أبعادا غير مألوفة يغلف غالبية المباريات المهمة والمواجهات بين الكبار.عندما فرض فيدرر إيقاعه منذ سنوات، أزاح أسماء متألقة أمثال الروسي مارات سافين والأميركي اندي روديك والاسترالي ليتون هويت والاسباني كارلوس مويا وآخرين الى خلف الستارة.لكن منذ عام 2008، حين لم تسنح للاعب السويسري فرصة الفوز إلا بلقب واحد كبير، قويت هيمنة غريمه نادال خصوصا على الأرضيات الترابية وتحديدا في رولان غاروس.وكثر الحديث عن "ثنائية القطبين"، لكن صعود نجم الاسباني الذي استهل الموسم الماضي طامحا الى "غران شيليم" عقب دورة استراليا بعد تسيده عام 2010 في باريس وويمبلدون ونيويورك، خابت آماله. فإضافة الى إخفاقه في استراليا، ظهر قطب خطر هو ديوكوفيتش (فاز في استراليا) الذي أصبح المرشح الأبرز لل"غران شيليم" في حال فوزه برولان غاروس هذا الموسم.والمعادلة الحالية المتمثلة بالنجوم الثلاثة، حولت القاعدة الثنائية الى ثلاثية على زعامة التنس. وهي ظاهرة لا سابق لها منذ صراع السويدي بيورن بروغ والأميركيين جيمي كونورز وجون ماكنرو (1978 - 1985)، الذي دشن العصر الحديث للعبة، علما أن بروز ماكنرو ترافق وافول نجم بورغ وهو على مشارف الاعتزال.وتلي تلك الحقبة "احتكار" التشيكي-الأميركي ايفان ليندل والسويديين ماتس فيلاندر وستيفان ادبرغ والألماني بوريس بيكر للمرحلة التالية (1985- 1989)، قبل ظهور النجمين الأميركيين بيت سامبراس واندريه اغاسي (1990 - 2002). وحمل سامبراس الرقم القياسي لعدد الألقاب في دورات الغران شيليم إذ حصد 14 لقبا، قبل يتسلم فيدرر زمام المبادرة ويطيح برقمه (16 لقبا).وفي جعبة الثلاثي الحالي، أي فيدرر ونادال وديوكوفيتش، 31 لقبا في الغران شيليم (منها 10 ألقاب لنادال و5 لديوكو). والمميز في عصرهم فرضهم سيطرة تكاد تكون مطلقة وغير مسبوقة. ففي غضون خمس سنوات تمكن كل منهم من حصد 3 ألقاب كبيرة. وسجل فيدرر هذا الانجاز مرتين مكررا ما حققه الاسترالي رود ليفر عام 1969 وسامبراس عامي 1993 و1994.ويتوقع خبراء إن يصبح مجموع ألقاب فيدرر في الغران شيليم 18 لقبا ورصيد نادال 16 لقبا وديوكوفيتش 15 لقبا، وذلك في غضون السنوات الخمس المقبلة، لا سيما أن الاسباني والصربي لا يزالان "واعدين" إذ يبلغ الأول 25 عاما والثاني 24 عاما، وعزيمة السويسري "الثلاثيني" تؤهله للعب دور رئيس في إطار المنافسة وحجز حصة من "قالب" الجوائز والألقاب الكبرى.وبناء عليه، يتوقع الخبراء مثلا أن يحطم نادال رقم بورغ في عدد مرات الفوز برولان غاروس (حصد كل منهما 6 ألقاب).في المقابل، يشدد الاختصاصيون على ضرورة تطوير ديوكوفيتش إرساله وتخلص فيدرر من إرباك تكتيكي يحاصره أحيانا وتعرض له في نهائي دورة فرنسا المفتوحة العام الماضي خلال مواجهته نادال، وفي نصف نهائي فلاشينغ ميدوز خلال مواجهته ديوكوفيتش. كما ينصحون نادال بضرورة تخطي "عقدة ديوكو"، والاسكتلندي اندي موراي (الفائز 4 مرات على ديوكوفيتش و8 مرات على فيدرر خارج نطاق الدورات الأربع الكبرى) بمزيد من التركيز الذهني في الأوقات الحاسمة ليترجم قدراته انتصارات هي في متناوله.وعموما، يجمع الخبراء على القوة "الخارقة" التي تغلف أداء "الثلاثي الكبير" خلال مواجهات أفراده بعضهم مع بعض، ويصفونها بأنها "قوة بدنية استثنائية تحديدا عند المحاربين الاسباني والصربي"، بحسب بول كيتن المسؤول عن الإعداد البدني في الاتحاد الفرنسي للتنس.ويشير كيتن الى أداء يتسم بالرشاقة الفائقة معطوفة على قوة التحمل.وورد في دراسة أحصت سرعة ردات الفعل الناجحة وملائمتها للمجريات الميدانية، أن اللاعبين الثلاثة حملوا مستوى مباريات التنس "الى مراحل متقدمة جدا من حيث العروض والقوة المتنوعة، فأضحى الاستثناء قاعدة من خلال التنويع في الإيقاع والقدرة على الابتكار السريع في اللحظات الحاسمة، حيث يستمتع المتفرجون والمشاهدون بتسديدات غير متوقعة وبحرفية بالغة تحبس الأنفاس بعد 30 تبادلا للكرة مثلا، وهم يظنون أن قوى اللاعبين خارت...".وتشبه الدراسة الذي شاركت في إعدادها مراكز إحصاءات ومعاهد تقنية تضم لاعبين سابقين ومعلقين ومحللين فنيين، فيدرر ونادال وديوكوفيتش بثلاثة عدائين أو سباحين يحطمون الأرقام القياسي في كل ظهور لهم.ويعتقد بعضهم أن فيدرر صاحب الفضل الأول في "هذه الموجة الايجابية"، إذ "حض منافسيه وتحديدا نادال ثم ديوكوفيتش على التمرس المتقن في أدائهما لمجاراته ثم التفوق عليه"، ما رفع من المستوى وأدى الى عروض نوعية فائقة. الجزائر-النهار اولاين