لسنا بدعاً من الأمم والشعوب إذا أكدنا الحقيقة التي أشرت إليها في العديد من المناسبات بأن رأسمالنا الثابت الذي نحرص عليه ونذود عنه ونكافح ، هو الإنسان، لا الثروة المادية ،وإن كانت البنى التحتية والمنجزات والمكتسبات هامة، وكما يعرف الجميع أن هذه الأمور لها من الأهمية بقدرها الذي لا نقبل التهاون فيه، إلا أنها تهون وتذوب أمام قيمة المكون الأساسي للمجتمع، وهو المخزون البشري ا لذي حرر البلاد ويبنيه اليوم .. ! ومن هنا فإنه لا ينبغي أن نهاب تصادم الأفكار مهما عارضت أفكارنا، لأننا نثق بصفاء منطلقاتنا ومبادئنا، وهي في صميم ثقافتنا مغروسة ومتجذرة على أساس ثابت يعلم أهمية الإنسان ويؤمن بوقوفه على هرم الأولويات، ويدرك يقيناً أن القيادة السياسية الرشيدة للجزائر حريصة على كل ما من شأنه خدمة المواطن وحمايته، وقبل ذلك حماية نضجه الفكري في بيئة صحية إبداعية تقبل الرأي والرأي الآخر، ما دام في حقل تبادل الأفكار بوعي ومسؤولية، ولم يصل إلى مرحلة إقصاء الآخر وحرمانه من حقه في التفكير وإبداء الرأي..؟ واليوم، في ظل هبوب رياح التغيير عبر «الربيع العربي»، تتطاير الأفكار عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتداعيها المتسارع باستمرار، لدرجة تسابق فيها الأفكار القدرة على قراءتها وتحليلها، وتملأ الفضاء الإلكتروني الفتاوى المبتورة، أو الآراء المقطوعة المبتوتة، المنزوعة من سياقاتها الفكرية والاجتماعية والتاريخية، لتسقط على عقول لا تزال غضة، فتتلقفها أحياناً من دون القدرة على تمحيصها، وتبدأ في نخر البناء الذاتي للشباب، ثم البناء الاجتماعي الأكبر.. ! إنه لا ينبغي بأي شكل من الأشكال الاستهانة بأفكار الشباب وتركها دون اكتراث ومتابعة، فالحرية التي تربينا عليها في ربوع هذا الوطن، هي ممارسة عملية حقيقية، راقية وإنسانية، تحفظ عقول الجميع وكرامة الجميع، كشركاء في بناء الوطن، مخلصين في البحث عن أفضل صورة تظهر نهضته ورقيه..؟ إننا شركاء في بناء الوطن وفي المصير المشترك له ،ومن هنا فواجب الإخلاص له من أولوية الأولويات التي لا ينبغي أن نغفل لحظة عنها مهما كانت الأسباب والمسببات..؟ !