لازال سكان بلدية "بن داود"، الواقعة غرب عاصمة الولاية برج بوعريريج، يعانون في صمت مطالبين السلطات المحلية بضرورة التدخل وإيجاد حل لمشاكلهم المتزايدة، جراء انعدام المشاريع التنموية. و تعد هذه البلدية التي يقطنها أزيد من 800 نسمة، من البلديات الجد نائية بالولاية، بسبب غياب كلي للمشاريع التنموية، فلا غاز ولا نقل مدرسي ولا ماء ولا مرافق رياضية، الخدمات الصحية متدنية والسكنات غير لائقة . و خلال لقاء جريدة "الراية" ببعض السكان، كان أول مشكل طرحوه هو انعدام الغاز الطبيعي، الذي يعتبر الشغل الشاغل لهم، موضحين أنهم طرقوا جميع الأبواب من أجل الاستفادة من المشروع، الذي انتظروه منذ أكثر من أربعة عقود، لكن لا حياة لمن تنادي. وأكد السكان أن قارورة غاز البوتان، يصل سعرها إلى 250 دج وتنعدم في فصل الشتاء ويرتفع ثمنها إلى حوالي 500 دج كما أن أسعار المازوت مرتفعة، ولا يستطيع الإنسان ذو الدخل الضعيف شرائها، الأمر الذي يحتم عليهم جلب الحطب، عند نهاية فصل الخريف، من الغابة المجاورة باستعمال وسائل بدائية كالأحمرة. هذا بالنسبة للإنسان البسيط، أما أصحاب الدخل المتوسط فيقومون بشراء الحطب، الذي يصل سعره إلى مليون سنتيم للحمولة الواحدة، الذي يستعمل كوسيلة للتدفئة و لا يكفي إلا لشهر أو شهرين، بسبب البرودة القاسية، التي تشهدها القرية في فصل الشتاء. وما زاد من تذمر هؤلاء السكان هو عدم الإسراع في إنجاز شبكة المياه الصالحة للشرب أين يلجأ السكان إلى شراء صهاريج الماء، التي فاق سعرها ال 1000 دج في حين مازالت عديد العائلات تنتظر إنجاز مشروع التطهير. ولم يخف سكان القرية قلقهم وتخوفهم من ظهور الأمراض و الأوبئة، بسبب غياب شبكة الصرف الصحي حيث أنهم يستعملون الحفر التقليدية ما يشكل خطرا ويهدد صحتهم خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة ناهيك عن الأطفال، الذين يلعبون بجوارها. وهو الوضع الذي استاء منه الأولياء وجعلهم يقدمون عديد الشكاوي للسلطات، قصد التدخل قبل وقوع الكارثة. و يضاف إلى هذا مشكل آخر يتمثل في القمامة التي باتت تحاصر منازل المنطقة لأنه ليس هناك أماكن خاصة لرمي الأوساخ والنفايات المنزلية. ولم تستفد القرية من حاويات خاصة لجمع القمامة، رغم تعليمات والي الولاية السيد "عز الدين مشري"، للتكفل بهذا المطلب على مستوى كل بلديات برج بوعريريج، إلا أن هذه التعليمة لم يتم تطبيقها والضحية الأولى هو المواطن. وفي مجال السكن وبما أن القرية ذات طابع ريفي، فإن أغلب السكان كان مطلبهم الأول هو السكن الريفي خاصة وأن الدولة تسعى، من خلال هذا النمط، إلى تثبيت سكان القرى في الأرياف. حسب شهادات متطابقة لبعض السكان، فإن قريتهم استفادت من حصص ضئيلة جدا، مقارنة بعدد الطلبات المودعة على مستوى دائرة "المنصورة". أما عن النقل المدرسي، فهو غائب، رغم وجود العشرات من التلاميذ، الذين يتنقلون مشيا على الأقدام، لأكثرمن كيلومترين في ظروف صعبة جدا. وهو الوضع الذي أثر على تحصيلهم العلمي.وخلال تواجدنا بالقرية، وجدنا فرع البلدية يقدم خدمات، قال عنها السكان إنها في المستوى كما تعاني هذه القرية أيضا من مشكل الانقطاعات المتكررة للكهرباء ما عرض أجهزتهم إلى التلف، دون تدخل الجهات المعنية لاحتوائه، وهو ما جعلهم يناشدون المسؤولين المعنيين التدخل لإصلاح العطب، في حين تنعدم تماما بالقرية الإنارة الريفية، مؤكدين أنه كل من يدخل القرية لا يرى الإنارة، ما عدا الإنارة التي يشغلها أصحاب المنازل ببيوتهم فقط، حيث تتحول المنطقة الريفية إلى شبه مقبرة للأحياء. ورغم وجود أعمدة كهربائية، إلا أنها دائما مظلمة. قطاع الأشغال العمومية كان له الفضل الكبير في توفير عديد مناصب الشغل، وهذا من خلال مشروع القرن الطريق السيار شرق- غرب، القريب من القرية بحوالي 20 كلم فقط، والذي تكفلت بإنجازه الشركة الصينية، التي وفرت الكثير من مناصب الشغل المؤقتة، للشباب العاطل على مستوى البلدية و مداشرها وكذا البلديات الأخرى ك"المهير"، "الياشير" و"المنصورة"، لكن بانتهاء المشروع أصبح كل الشباب بطالا. وطالب هؤلاء الشباب المسؤولين بالتفكير في إعادة فتح سوق "بن داود"، الذي كان يوفر بعض مناصب شغل لبعضهم. وأكد الشباب الذين التقت بهم جريدة "الراية"، أنهم راسلوا الجهات المعنية، من أجل التكفل بمطلبهم المشروع، لكن ليومنا هذا لا حياة لمن تنادي، فهل ستسعى السلطات المحلية من أجل النهوض بقطاع التنمية، بهذه البلدية الجد نائية، أم أن الوضع سيبقى على حاله، ليبقى المواطن دائما الضحية الأولى.