يعيش سكان دوار سيدي الشارف الذي يبعد عن مقر ولاية مستغانم ب28 كلم والتابع لبلدية سيرات دائرة بوقيراط وضعية صعبة، حيث يعتبر من اكبر الدواوير علي مستوي الولاية، اذ يعرف تزايدا مستمرا في النمو الديمغرافي، حيث وصل عدد السكان حسب الاحصائيات الى 5 آلاف نسمة في ظل الواقع المر الذي يتخبطون فيه، خاصة خلال فترة تهاطل الأمطار في عز الربيع والتي خلفت سيولا وأوحالا عمت جميع الطرق. في زيارة ميدانية قامت بها جريدة السلام لتقف على حجم المعاناة عن قرب، رافقنا أحد قاطني هذه المنطقة لنصادف مجموعة من المواطنين في انتظارنا وكأن مسؤولا كبيرا حل بالدوار. بعد ما اغلقت كل الأبواب في وجوهم لجأوا الي الصحافة لطرح انشغالاتهم. كانت الساعة تشير الي العاشرة والنصف صباحا عندما وصلنا الى الدوار المذكور، هكذا انطلقت الألسنة لتعبر عما جثم على الصدور بعد صمت غلفها عقودا من الزمن. حلم طريق شرق غرب تحقق ومعاناة سكان الدوار مستمرة لم تراع الشركة الصينية حجم الضرر الذي سوف يلحق بالمنطقة بعد ان استعملت مادة (التيف) في اشغال الطريق السيار شرق غرب وترك الحفر في وضعية كارثية، اذ يقع دوار سيدي الشارف في منطقة منحدرة وذات ارضية مسطحة عرضة للفياضانات في أي لحظة تعلوها جبال استعملتها الشركة لأخذ المادة المذكورة، وبمجرد سقوط كميات معتبرة من الأمطار تتجمع المياه في هذه البرك لتتدفق على سكان هذا الدوار في مشهد مخيف ووسط هلع السكان من الفيضانات. قنوات صرف المياه مشلولة وتسربات بالجملة داخل البيوت قضى سكان دوار سيدي الشارف ليلتهم في العراء نتيجة تساقط الأمطار في الأسبوع المنصرم، هي ليلة بيضاء دون نوم كباقي ليالي الشتاء، سيول غمرت البيوت وتسربات مكونة بركا من المياه في جميع الغرف وقنوات صرف المياه شبه منعدمة ومواطنون استعملوا الوسائل التقليدية لإخراجها، كما تسربت المياه من الجدران والأسقف، هذا راجع الى المنازل العتيقة التي يقطنونها، قلق من التسربات وخوف وهلع من تزايد زخات المطر ومن تفاقم الكارثة الى حدوث فيضانات او انهيارات قد تؤدي بحياتهم، هذا ما أخرج سكان دوار سيدي الشارف وحرمهم من النوم ليمارسوا مهنة التطهير بسبب انسداد البالوعات عن آخرها، وبمجرد تقربنا الى مشاهدة هذه البالوعات التي مر اسبوع كامل عن الكارثة التي حدقت بالمنطقة لاتزال وضعيتها كارثية ورغم تطور وحداثة مقاييس التصميم الا ان البالوعات، لاتزال تردم بالأتربة دون اعادة تأهيل شبكة مياه التوزيع وفتح المجاري المائية، وما زاد من تأزم الوضع انعدام قنوات الصرف الصحي والاعتماد الكلي على الحفر والمطامير مما يدخل الدوار في دوامة الأمراض الناتجة عن تسرب المياه القذرة. طرقات مهترئة... تعبيدها حلم والإنارة العمومية منعدمة لا يبعد دوار سيدي الشارف الا ب8 كليمترات عن مقر بلدية سيرات، ومن المعروف ان هذا الدوار هو محطة ربط ومسلك للوصول الي بلدية المحمدية، هو الطريق رقم 49 الولائي الرابط بين مستغانم والغمري الذي لم يسلم من غضب الطبيعة، اذ تحول الطريق الى برك من الماء مما تسبب في عرقلة حركة المرور وتراكم اكوام من الأوحال صعبت على المواطنين الخروج من منازلهم في ظل غياب التهيئة الخارجية والأرصفة، وفي ظل هذه المعاناة كشف لنا محدثونا من هذا الدوار عن وضعية الإنارة العمومية المنعدمة، خاصة في فصل الشتاء اين يسقط الظلام في وقت باكر ويتعذر علي المسنين حتى الخروج للصلاة في المسجد، ناهيك عن التلاميذ الذين يتقاسمون الخوف في الصباح الباكر قبل التحاقهم بمقاعد الدراسة، خاصة بالمحور الأساسي للطريق رقم 49، ولحد كتابة هذه الأسطر لايزال الطريق الرئيسي متدهورا ويعرف عدة تشققات بسبب السيول التي شهدتها المنطقة الأسبوع المنصرم. مقاول يتطوع لرفع الأوحال والسلطات المحلية غائبة تدخل السيد (ن.ب) والذي يقطن حاليا ببلدية عين تادلس، الا ان شفاعته الى سكان هذه القرية لم تأت عبثا الا بعد معاناة اهله ووالده الذي يفضل بقاءه في الريف، حيث تدخل مقاول خاص لفك العزلة عن الأماكن التي جرفتها السيول مما استحسنه البعض، الا ان المقاول أبى الا ان يفصح لنا عما بداخله، حيث ذكر لنا بالحرف الواحد (فات شتا كامل عليا وانا نعاون فيهم بزاف)، مشيرا الى معاناته في نقل العتاد مما يسبب له توقف المشاريع المخولة له، اذ تم مباشرة بعد توحل الطريق استعمال الجرافة وفتح الانسدادات لتصريف مياه الأمطار المركونة بداخل هذه الأحياء وإزالة الأوحال وصرف المياه. قاعة علاج مغلقة وملحق بلدي مطلب السكان عند دخولنا هذه النقطة كانت الساعة تشير الى 12 تماما، حيث كانت ابواب قاعة العلاج مغلقة مما تركنا نطرح عدة تساؤلات عن كيفية التصرف مع حالات مستعجلة في ظل غياب سيارة اسعاف وكذا ما عرفناه من تصريحات المواطنين ان قاعة العلاج هذه تفتقر للتأطير الطبي بحيث توجد ممرضة واحدة مع مساعدة مما يزيد في تأزم وضع دوار سكان سيدي الشارف ان قاعة العلاج تغلق ابوابها يومي العطل الأسبوعية، كما يعانون من نقل النساء الحوامل بسيارات كلوندستان الى قطاعات جوارية متواجدة بالبلدية قصد التلقيح، خاصة للأطفال الرضع مما يضطر أرباب العائلات الى نقل ابنائهم الى غاية العيادات الصحية، اما اللقاحات العادية فكشف المتحدثون انهم في الكثير من المواعيد يصطدمون بانعدام اللقاحات او نفادها من الصباح الباكر. هذا ويبقى مطلب قرية سيدي الشارف في توفير ملحقة تابعة للبلدية ضروري للتخفيف من معاناة تنقلهم الى البلدية رغم ان النمو الديمغرافي هو في تزايد مستمر، اذ وصل عدد سكانها الى 5 آلاف نسمة، والقطاع الصحي لم يرق لتطلعات السكان. حافلات النقل لا تزور الدوار والزوالي يدفع الفاتورة تساءلنا علي حافلات نقل المسافرين حين التفتنا في الطريق ووجدنا فتيات يقطعن مسافة طويلة فانتظرناهن امام مقر المدرسة، اذ اكتشفنا في الوهلة الأخيرة انهن معلمات يقطن بولاية مستغانم، وبمجرد ان كشفنا عن هويتنا كصحافيين سارعن في عرض عنائهن من مشقة الطريق، اذ يقطعن حوالي 2ك لم وصولا الى الطريق المؤدية الي بلدية بوقيراط في انتظار سيارة أجرة او حافلة نقل قادمة من ولايات مجاورة، حيث اضافت المعلمات انهن رغم مشقة الطريق وعنائهن في السير وامامهن وقت مربوطات به، الا ان وضعية الأوحال تزيد من تأخرهن، حيث يتطلب منهن إحضار احذية بديلة قصد السير بها في هذه المنطقة، كما شاهدنا العديد من الأطفال بأحذية بلاستيكية ما يعرف بالبوط واندفعنا الى اخذ آراء التلاميذ في وضعيتهم وظروفهم المعيشية، اذ لا يتكلم تلميذ دون ان ينطق بليلة العراء التي عاشوها اثر تساقط الأمطار، وحسب اعيان من الدوار فإنهم يدفعون فاتورة التنقل الى البلدية لأصحاب سيارات الأجرة والمعروفين بسيارات الكلوندستان. أمطار تقطع الطريق... لا دراسة ولا صلاة جمعة عزلت الأمطار المتساقطة الأسبوع الفارط سكان اهل سيدي الشارف عن قضاء العديد من حوائجهم لاسيما التلاميذ الذين لم يلتحقوا بمقاعد الدراسة يوم الخميس المنصرم، حيث تسببت الأمطار في قطع الطريق التي غمرتها الأوحال الي حد البيوت، كما كشف لنا المتحدثون انهم منعوا من أداء الصلاة في مسجد الدوار المسمى خالد بن الوليد وتعذر عليهم حتى قضاء حاجاتهم الأساسية والضرورية، واضافوا انهم في ايام الأمطار الغزيرة يعتمدون على طهي رغيف تقليدي والاعتماد علي الحطب وينهمكون في الكثير من المرات في اخراج الماء من البيوت او وضع البلاستيك في اماكن تشققات الجدران، ومعضلة الطريق تبقى تتصدر معناتهم، كما ان المنطقة تفتقر لثانوية مما يؤدي بالتلاميذ للانقطاع عن الدراسة في الوقت الذي يتحصلون فيه على شهادة التعليم الأساسي، خاصة البنا،ت اذ يفارقن الدراسة في وقت مبكر بسبب مشكل التنقل اليومي الى البلدية اضافة الى تكاليف النقل، كما اضاف نساء الدوار اللواتي فتحنا اطراف الحديث معهن لنقاسم وضعيتهن التي اختلفت معانتهن عن الرجال، كونهن واجهن اصعب الفترات، خاصة في تساقط الأمطار الأخيرة، اين لم نجد افرشة واغطية لنفترشها بعد ما لعبت المياه دورها في زيارة كل غرف البيوت، وخلال زيارتنا بعد اسبوع كامل من مرور الحادثة، الا ان السكان لايزالون علي وقع الصدمة، ولاتزال اغطيتهم معلقة فوق الجدار. مرافق ترفيهية منعدمة وشباب يغرق في البطالة لم يشفع الموقع الاستراتيجي الذي تمتاز به المنطقة من استفادتها من مشاريع قد تحد من البطالة، اذ يبقى الاهتمام بقطاع الفلاحة يراوح مكانه رغم الأراضي الخصبة التي تمتاز بها المنطقة، ويبقي الشاب في رحلة مع البحث عن فرص الشغل التي تبقى املهم الوحيد، وشبح قاتل يراودهم، وفي ظل انعدام مرافق ترفيهية للشباب ومنشآت رياضية تستقطب هذا الكم الهائل من الشباب الذي يراهن على فرض ذاته، لكن يرضخ لقوانين تلزمه البقاء في مكانه، حيث رافقنا الشباب في زيارتنا منذ البداية لينعم في الأخير بمعلومة عن كيفية الاستفادة من مؤسسات مصغرة لوكالات دعم التشغيل كالكناك و نساج وانجام، اذ يخلطون بينهم وغير المؤهلين لمواجهة الإدارة خوفا من طول فترة استلام المشاريع، هذا ما لفت انتباهنا، حيث ان الشباب لا زال معزولا عن العالم الخارجي، حيث كشفوا انهم يتوافدون يوميا الى وكالة التشغيل المحلية للظفر بعقود ما قبل التشغيل، الا ان وضعيتهم باءت بالفشل نظرا لانعدام الكفاءة وكذا العدد المتزايد للشباب العاطل..؟ مشوار البحث عن التنمية الريفية متواصل رغم الحصص الاضافية التي استفادت منها الولاية في مطلع السنة الجارية، الا ان سكان دوار سيدي الشارف لايزالون يتخبطون في مشكل السكن، حيث لم يمس التوزيع الا فئة قليلة تعد على الأصابع حسب تعابير سكان المنطقة، كما اشار لنا مصدر من البلدية ان بلدية سيرات استفادت من 70 سكنا ريفيا رغم دواويرها الكبرى مثل اولاد شاكر والمخاطرية وغيرها من الدواوير، حيث مسهم الإقصاء، في انتظار التفاتة السلطات بعد ان اودعوا ملفاتهم منذ سنوات، ومشكل التهئية الحضرية يبقى انشغالهم اليومي، اذ عرف سكان هذا الدوار قفزة نوعية في فتح العديد من محلات أكل خفيفة ومواد غذائية باعتبار الطريق قبلة للزوار القادمين من ولاية معسكر باتجاه ولاية مستغانم. عرائض احتجاجية ومراسلات... لكن دون جدوى مواطنو سيدي الشارف لم يسكتوا يوما عن الخطر الذي يحدق بهم ويهدد حياتهم، حيث ان الاتفاقيات والوعود التي اعدت من اجل تطبيقها على ارض الواقع باتت حبرا على ورق وافرغت من محتواها، وعبارات تتردد لا اكثر، هذا ما صرح به سكان الدوار، اذ التحق بنا احد اطارات البلدية سابقا ومثل الشعب في عهدة مرت، كشف لنا انه في وقته تمت الدراسة فيما يخص قنوات الصرف الصحي ومعالجة وضعية الحفر ومشروع الطريق، الا انه راهن على الحفاظ بخصوصيات هذا الدوار والتي ارجعها اصحاب المنطقة الي امور سياسية، وانهم عرضة لعقاب الانتخابات السابقة. الوضعية هذه طالت، حيث اشاروا انهم منذ 5 سنوات لم يمس هذا الدوار أي مشروع الا غطاء لمحطة نقل لم يستعملها المواطنون، كونها في وضعية معاكسة لاتجاههم، والمؤسف انها في الجهة اليسري. الوضعية التي لا يمكن اخفاءها كشفت العيوب واظهرت المستور للعيان، سياسة البريكولاج التي لايزال ينتهجها البعض، كما طالب السكان بوجود مخطط للإنقاذ من الكوارث الطبيعية في حالة فياضانات وبحضور لجنة ولائية تزور المنطقة، خاصة عند تساقط الأمطار لتقف عن كثب على المعاناة، وفي ظل الواقع المر الذي انتهجته السلطات المحلية في حقنا اضاف المتحدث (نتحسر علي فترة مرت وفرصة الانتخاب التي كانت بأيدينا وضيعناها) ما ادى بنا كإعلاميين الى التحدث عن الانتخابات القادمة وتشجيعهم على المشاركة بقوة لوضع الشخص المناسب في المكان المناسب. مقاطعة الانتخابات حديث سكان الدوار... ومواجهة المسؤولية قرار صعب بمجرد وصولنا الى نقطة الحديث عن الانتخابات، ثار غضب مواطني دوار سيدي الشارف وذكرو ان التهميش واللامبالاة الذي انتهجها المنتخبون المحليون في حقنا منذ 5 سنوات كافية لنتضامن كأسرة واحد لمقاطعة الانتخابات، واضافوا ان سياسة الماكياج او المساحيق التي يضعها المترشحون تنكشف وتتعرى بمجرد هبوب أولى قطرات المطر وإغراق المواطن بالمشاكل الشخصية والأزمات المادية كاف حسب تعابيرهم، اذ اضافوا انهم في الوقت الراهن لا نفكر الا في كيفية الحصول علي قوت يومنا.