نظمت الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل نهاية الأسبوع الفارط ملتقى حول استغلال الأطفال في التسول بالمركز الثقافي "عز الدين مجوبي"، وذلك بمشاركة ممثلين من الوزارة المنتدبة المكلفة بالأسرة وقضايا المرأة، اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، إضافة إلى أخصائيين نفسانيين، وقد تم خلالها عرض دراسات تحليلية حول ظاهرة استغلال الأطفال في التسول، محاولين من خلال النقاش المطروح الخروج بجملة من التوصيات. تسوّل الأطفال، هي ظاهرة يرصدها المواطن البسيط والمسؤول، إلا أنها تشهد تزايدا مستمرا وهو ما دفع بشبكة "ندى" المختصة في الدفاع عن حقوق الطفل إلى محاولة تحريك الضمائر بعد أن وقفت على هذا الواقع من خلال دراسة شملت 15 ولاية تم خلالها التركيز على أهم الأسباب، والملاحظ حسب الدراسات المعروضة أن أغلب الأطفال الذين يتم استغلالهم في التسوّل هم أبناء أمهات عازبات ومطلقات يجهلن مختلف الإجراءات القانونية ما جعل شبكة "ندى" تأخذ على عاتقها مرافقة هؤلاء كشف "عبد الرحمان عرعار" رئيس شبكة "ندى" خلال تدخله عن غياب إطار قانوني يمنع استغلال الأطفال في عملية التسوّل، حيث لا يمكن تحريك الدعوى العمومية من أجل التحقيق في وضعية الطفل المتسوّل، كما أكد رئيس الشبكة أنه لا توجد احصائيات رسمية حول ظاهرة تسول الأطفال، محذرا من اتساع رقعة الفئات الهشة في المجتمع ومشيرا في نفس السياق إلى وجود جهل كبير بقضايا الطفولة في المجتمع، هذا وقدم "عبد الرحمن عرعار" اقتراحا بضرورة أن تكون لهؤلاء الأمهات وأبنائهم الأولوية في الحصول على سكن، وكذا ضرورة إيجاد مراكز خاصة تتولى عملية التكفل بهم حتى بعد بلوغهم 18 سنة، كما دعا إلى ضرورة تغيير هذه السياسة التي قال أنها تفرض على تلك المراكز التكفل بالأطفال إلى سن محدد، ثم يخرج إلى الشارع ليواجه مصيرا مجهولا، منوها بدور المجتمع المدني في التقليل من هذه الظواهر من خلال العمل الميداني. وعن دور الوزارة المنتدبة المكلفة بقضايا الأسرة في الحّد من ظاهرة تسول الأطفال، تقول "حسيبة حواسين" ممثلة الوزيرة المنتدبة المكلفة بالأسرة وقضايا المرأة، أن الوزارة سطّرت مخططا منذ 2008 وإلى غاية 2015 للتكفل بالأطفال باعتبارهم الأولى بالعناية أكثر من الفئات الأخرى، كما أفادت المتحدثة أن الدولة بذلت مجهودات في هذا المجال بدليل أن الميزانية المخصصة للتربية مثلا تعتبر من أكبر الميزانيات إضافة إلى المرافقة الصحية وتحسين ظروف معيشة الأسر، حيث تشير الإحصائيات أن الأسر التي تعاني من الفقر المدقع تشكل ما نسبته 0.6 بالمئة، هذا وانتقدت "حسيبة حواسين" بعض الدراسات المنجزة حول واقع الأطفال بكونها تناولت مواضيع الطفولة بشكل عرضي، وحسب الإحصائيات المتوفرة لدى الوزارة المنتدبة فإنه تم تسجيل 18387 طفل متشرد منهم أطفال يتسولون رفقة آبائهم. ضرورة سن نص قانوني للحد من انتشار الظاهرة كما أكدت أن تسول الأطفال تحوّل من حالة عرضية إلى ظاهرة، ودعت من أجل الحد منها إلى ضرورة ايجاد إطار قانوني للتكفل بهذه الفئة من خلال تحديد مستوى التدخل والأطراف المتدخلة، تضيف: "إن قانون العقوبات يتكلم عن الظاهرة بشكل عام ولا توجد أي مادة قانونية تخص تسوّل الأطفال"، وبناء عليه فإنه في حال صدور قانون مكمل من شأنه أن يسد ثغرة قانونية، وأشارت المتحدثة أيضا إلى ضرورة اتخاذ الاجراءات الردعية ضد الأسر التي تستعمل أطفالها في عملية التسوّل ليبقى الجانب التحسيسي والتوعوي في هذا الإطار مهم جدا. هذا وخرج الملتقى بجملة من التوصيات أهمها أن تكون حقوق الطفل من بين الأولويات في مختلف السياسات المسطرة، إضافة إلى ضرورة وجود وكلاء جمهورية خاصين بقضايا الطفولة مع سن قانون يمنع التسوّل بالأطفال، وكذا تخصيص مراكز للتكفل بهم حتى بعد بلوغهم سن الرشد.