شكل ملف البيئة موضوع مناقشة أعضاء المجلس الشعبي الولائي لولاية سكيكدة خلال دورته الأخيرة، إذ لأول مرة يحظى الملف بهذا التشريح الدقيق والمناقشة الجادة، والغريب في الأمر أن القضية أثيرت في نهاية العهدة الانتخابية التي لم يتبق عليها سوى أسابيع قليلة، رغم أن قضايا التلوث البيئي بالولاية شكلت هاجسا أرقّ الجميع، على اعتبار الولاية قطبا صناعيا مهما تحتل الصدارة به المنطقة البتروكيميائية التي تتربع على مساحة قدرها 1200 هكتار، تضم وحدات إنتاجية وتحويلية لمواد النفط وتضم أيضا أكبر مصفاة لتكرير البترول إفريقيا، أما من الناحية التجارية فتمتلك سكيكدة ميناء تجاريا يعتبر الثاني على المستوى الوطني، وهو ما يزيد من حدة التلوث الذي يؤدي بدوره إلى انتشار الأمراض كالأمراض التنفسية من ربو وحساسية وكذا أمراض القلب والسرطانات. بينت الإحصائيات الأخيرة للسنة الفارطة أن كمية النفايات الخطيرة المفرزة تمثلت في 464400 لتر من الزيوت المستعملة، 145013 طن من النفايات الهامدة و8.078 طن من النفايات الخاصة، فيما وصلت كمية النفايات الخاصة المتمثلة في الأدوية الصيدلانية المنتهية الصلاحية إلى 38111.600 طن، أكدت المصالح المعنية أنه تم التخلص منها في أفران شركة حجر السود عن طريق الحرق. وعن النفايات الإستشفائية فقدرت ب41 نوع من النفايات المعدية و631 من النفايات الطبية، هذا ويوجد 123 محول كهربائي منهم 3 قيد التشغيل يحتوي على زيوت ذات المتعدد الكلوروبيفينيل PCB و226 مكثف كهربائي و6235 لتر من الزيوت الحاوية لمادة ال PCB. وبما أن ولاية سكيكدة يقدر عدد المؤسسات المصنفة بها 2550 مؤسسة وأغلبها أنشئت قبل صدور القوانين البيئية دون حتى دراسة مدى تأثيرها على البيئة، فإنه يتعين شن مراقبة مستمرة وجادة، خاصة فيما تعلق بالمبيدات المنتهية الصلاحية والتي تقارب كميتها 83 طن و49 م³، الأجهزة المحتوية على زيوت الآسكار ال 103 أطنان. وقد استفادت ولاية سكيكدة من عدة مشاريع تهدف إلى وضع حد أو على الأقل التقليل من حدة التلوث وإزالته كالمشروع المدمج الخاص بإنجاز وحدات جديدة لإنتاج الغاز المميع الذي من شأنه رفع قدرات الإنتاج والقضاء على الكميات الإضافية للغازات المنبعثة في نفس الوقت، بحيث لا تستعمل مياه البحر للتبريد وإنما يستعمل غاز البروبان، وهذا في حد ذاته تقليل من تلوث البحر الذي يتأثر أيضا بالحرارة العالية لمياه التبريد. وفي إطار تجديد مركب تكرير البترول الموكلة مهمة إنجازه للشركة الكورية فقد تم برمجة محطة معالجة المياه الصناعية الملوثة تقدر سعتها 350 م³، في الساعة وتجديد المحطة القديمة التي تقدر سعتها ب 100 م³ في الساعة، إذ تعمل المحطتان وفق المقاييس المعمول بها، بحيث لا تتعدى مياه الصرف الصناعية القيم التي حددها المرسوم الذي يضبط القيم القصوى للمصبات الصناعية السائلة، مع الأخذ بعين الاعتبار التلوث الجوي الناجم عن نشاط المركب. كما توجد مشاريع أخرى وهي متابعة تجهيز مركب إنتاج الإسمنت حجر السود بالمصافي، وهذا على مستوى ورشات العمل وأيضا التخلص من 23.46 طن من المحولات الكهربائية التي تحوي زيوت الآسكارال بمراكز معتمدة ببلجيكا، مشروع التخلص من مادة Mercaptan الخاص بشركة كهرباء سكيكدة، حيث يتم تحويل هذه المادة إلى مركز معتمد في فرنسا، مشروع إزالة التلوث الذي تسبب فيه مركب الزئبق بعزابة والمنجمين التابعين له، والذي تم غلقه منذ سنوات لتبقى عملية إعداد الاستشارة لاختيار مؤسسة مختصة وهذا بعد انتهاء الدراسة. وتمّ التكفل بملف الأدوية النباتية المنتهية الصلاحية والمخزنة بمزرعة شوادر من قبل المصالح المركزية، وقد رسيت المناقصة على المؤسسة الفرنسية Trédi France، أما مشروع التخلص من الأدوية الصيدلانية المنتهية الصلاحية والمقدرة ب 3800 طن التابعة لمؤسسة Digromed و110 طن التابعة لمؤسسة Encopharm المتواجدة على مستوى منطقة الإيداع حمروش حمودي فأسندت لمؤسسة ألمانية. وتعتبر مياه الشرب سواء الجوفية أو السطحية المصادر الأساسية لهذه المادة الحيوية، إلا أن هذه المصادر أصبحت عرضة للتلوث، بحيث تسببت نفايات مصنع بن عمر والمياه القذرة الآتية من مناطق خارج الولاية كبلدية بوعاتي، حمام أولاد علي والركنية في تلويث سد زيت العنبة ونفوق الأسماك المزروعة بحوضه، فيما أصبح كلا من سدي أم الطوب والقنيطرة مصبات لقنوات المياه القذرة لبلديتي أم الطوب وبني ولبان دون إخضاع تلك المياه القذرة لمعالجة أولية ما سيستدعي حسب أعضاء اللجنة معدة التقرير - إنجاز أحواض الترسيب للتجمعات السكانية وصيانتها بصفة دورية، وكذا إنجاز دراسات محطات التصفية لتصفية المياه القذرة بأم الطوب، القل وعزابة، الإسراع في إنجاز قنوات صرف صحي بالمناطق التي تفتقد لقنوات كالعربي بن مهيدي، المراقبة المستمرة لمياه الأودية و الآبار. هذا ويعتبر إجراء عدم استخراج الطمي من الوديان عاملا مهما في حمايتها على اعتبارها واقيا من خطر التلوث، وبما أن العديد من سكان المناطق يشككون في صلاحية مياه الصهاريج، فإنه أكثر من ضروري مراقبة مياه الينابيع الجبلية بإجراء التحاليل البكتيريولوجية مع إعطاء تراخيص لاستغلالها كمنطقة قنواع، بالإضافة إلى ضرورة غلق الآبار غير المطابقة للمقاييس كآبار منطقة الزفزاف وتدعيم المراقبة على نوعية مياه محطة تحلية ماء البحر التي قامت بإنجازها المؤسسة الإسبانية «ديصالادورا» لضمان النوعية الجيدة، وبذلك تفادي إصابات بالقصور الكلوي والفيروس الكبدي وغيرها من الأمراض الأخرى مع تعقيم كل الخزانات المستقبلة للمياه. وأجمع المنتخبون على ضرورة تجديد قنوات الصرف التي تعاني من الانسداد على مستوى شبكة التطهير وتفريغ الفراغات بشكل دوري تجنبا لتسرب المياه القذرة أسفل العمارات وتنظيف البالوعات وتجديد الأغطية تجنبا لانتشار الحشرات خاصة الناموس، بالإضافة إلى تجديد قنوات الصرف التي تعاني من الانسداد على مستوى شبكة التطهير كحي صالح بوالكروة، مرج الذيب، رابح بيطاط وحي 500 مسكن، مع وجوب تجديد شبكات الصرف في الفراغات الصحية بدون بالوعات النوازل، كما دعا أعضاء المجلس إلى تحويل قنوات المياه الصالحة للشرب خارج الفراغات الصحية لمنع تجمع المياه الراكدة الناتجة عن ارتفاع منسوب المياه بالمناطق المنخفضة، كما هو معروف بعدة أحياء بمدينة سكيكدة وأيضا ببلديات عزابة، بني ولبان، أم الطوب، بين الويدان وغيرها. من جهة أخرى، سجل انسداد البالوعات نتيجة رمي الردم من أتربة وإسمنت لوجود ورشات عمل، أما شبكات التطهير فيوجد منها تحت المنازل، ناهيك عن ضيق مجرى تصريف المياه القذرة، فيما توجد بعض الشبكات في حالة عكس الإنحدار، حيث دعا المجلس أيضا إلى ربط جميع مجمعات المياه القذرة بمجمع واحد لحماية المياه الجوفية، الإسراع في إنجاز قنوات الصرف الصحي بعدة بلديات وحماية البلديات التي تعاني من الفيضانات كرمضان جمال، الشرايع وعين قشرة وكذا تهيئة الشعب الموجودة بحي هواري بومدين، صالح بوالكروة «الماتش» 500 مسكن و بوعباز.