خلافا للصورة النمطية التي ظلت عالقة لسنوات طويلة في الجزائر، برع العنصر النسوي هناك في سوق العمل خلال الفترة القليلة الماضية، واستنادا إلى إفادات توافرت ل “السلام”، حضرت المرأة الجزائرية على نحو خاص في مجال الأنشطة المصغّرة وضمن ما يُعرف بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أين باتت بنات حواء تشكّلن أزيد من نصف النسيج المؤسساتي المحلي. ويقول “مراد أوباد” المتحدث باسم الوكالة الوطنية لتسيير القروض المصغرة، أنّ آلاف النساء استطعنّ بفضل عزيمتهن واصرارهن وجديتهن أن يجتزن بنجاح المراحل العديدة التي تقتضيها عملية انشاء مؤسسات وتجسيد مشاريعهنّ ضمن إحدى آليات التشغيل، ما مكّن “تسعديت”، “يمينة”، “نهاد”، وغيرهنّ من التموقع كمستثمرات ماهرات، وهو ما تؤكده فلّة التي تدير ورشة كبرى للخياطة: “تسلحنا بالإرادة والتفاني سمح للكثير من العاطلات والماكثات في البيوت من افتكاك مكانة في عالم الشغل وتحقيق الاكتفاء الذاتي”. من جهتها، تشكّل كل من سامية (44 عاما) وخديجة (57 عاما) نموذجا لمؤسسة صغيرة تبنت صنع العجائن الغذائية التقليدية، وسرعان ما أدرك المشروع نجاحاته وهو لم يكد يجاوز عامه الثاني، وتختص سامية وخديجة بتحضير صنوفا من الكسكسي والرشتة، إضافة إلى حلويات تقليدية أخرى تحظى برواج كبير في الأسواق المحلية، وهو ما دفع منظمة الزراعة العالمية (الفاو) لمنح السيدتين ميدالية فضية قبل أشهر. وتلاحظ “عائشة فكيس” أنّ قطاع الصناعة التقليدية يمكن أن يغدو مجالا أكثر خصوبة بحكم المواهب العديدة لدى الجزائريات في مجال الخياطة، الطرز وصناعة الحلوى التقليدية، وتقول فكيس الناشطة ضمن جمعية “بهاء” للحرف والفنون بأنّ سلطات بلادها مدعوة لترقية الصناعة التقليدية وتشجيع الحرف الموروثة أبا عن جد، كصنع الستائر الفاخرة ولوازم الحمام والأثاث التقليدي، فضلا عن القطع الخزفية والزجاجية والمجوهرات المتلألئة بالأحجار الكريمة. كما تؤيد “وردية سوكري” ما ذهبت إليه عائشة فكيس بقولها أنّ الصناعات التقليدية المتكيّفة مع الحياة العصرية تساهم في توفير مناصب الشغل، ويخلق ديناميكية اقتصادية وسياحية مثل ما هو ذائع الصيت في الجنوب كصناعة الفخار وحياكة وترصيع الزرابي وما إلى ذلك. وأظهر تحقيق حديث أنّ إجمالي النساء غير النشيطات في الجزائر، واللواتي يتراوح سنهن ما بين 15 إلى 59 عاما، يقدّر ب6.5 ملايين إمرأة (المجتمع المحلي قوامه 36 مليون نسمة)، وبين الفئة المذكورة، 51.1 بالمائة منهنّ يتواجدنّ في الوسط الحضري، و48.9 % في الوسط الريفي، وتمثل النساء المتزوجات 60.6% من هذا الوعاء، بينما 36.3 % منهن عازبات و3.1 % مطلقات وأرامل، علما أنّ 37.1% من هؤلاء النساء غير متعلمات، بينما 26 بالمائة لديهن مستوى إبتدائي و14.3 % مستوى إكمالي أو أكثر.