“السلام” تعود إلى دفاتر التاريخ لتكشف الحقائق إحياء لذكرى عيدي الاستقلال والشباب، ودائما في إطار متابعة جريدة “السلام“، للحوادث التاريخية، فقد تطرقنا هذه المرة وبمعية الباحث في التاريخ محمد بوكرابيلة، إلى الأحداث والشواهد وشهداء منطقة سيدي الجيلالي، خصوصا قرية سيدي المخفي في ولاية تلمسان، والتي لازالت تحتفظ بالشواهد ممثلة في المطامير، التي كان يدفن فيها المجاهدون أحياء وبأعداد كبيرة . الإستعمار الفرنسي الغاشم عبث بمنطقة سيدي المخفي في المكان المسمى (الصفية)، حيث قام بتعذيب الشهيدتين الواد يامنة وشاشة بعد وشاية العملاء للاستعمار بأنهما يدعمن الثورة بالمؤونة وغسل الملابس، وفي يوم حالك تم محاصرة الخيم وقيدتا وكبلتا من وراء الآليات ووجهتا صوب المعتقل وزج بهما في الزنزانة، وبدأ الخبراء الفرنسيون والعملاء والحركى، بتعذيبهن واستعمال شتى أنواع التعذيب، ورغم ذلك لم يتفوهن ولو بكلمة فتم حرقهما بواسطة عمود كهربائي، وكان الاستشهاد من نصيبهما، وبذلك عدت الواد يامنة وبوكرابلية شاشة زوجة بشلاغم الحباري، مثالا في التضحية والبسالة. أهم الشهداء بمعتقل سيدي المخفي استشهد العديد من الجزائريين في معتقل سيدي المخفي نساء ورجال وأطفال ومسنين، تحت وطأة التعذيب والتنكيل، ومن بينهم بشلاغم محمد الحباري وعائلته الكبير بوتليتاش الملقب ب “بوغرارة” بوكرابيلة محمد الصغير، الواد يامنة، بن شادلي، عائلة بن زاير، بوكرابيلة شاشة وعائلة الديش، من بين 75 معتقلا تم القبض عليهم وربطهم أمام المعتقل، وكل يوم يتم القضاء على واحد حتى النهاية وتم ردمهم بالمقبرة كان ذلك سنة 1956 وغيرهم وقد ذكرنا ذلك للحصر لا للقصر. المقابر الجماعية لسيدي المخفي، ونواحيها وهي الأماكن التي ردمت فيها جثث الشهداء من المواطنين العزل، بواسطة الآليات، وفي بعض الأحيان هي مطامير ردمت فيها جثث الشهداء من مختلف فئات المواطنين، تبقى معرضة للتلف ونهش الذئاب والجرذان، وهكذا كان معتقل سيدي المخفي، مقبرة لازالت شاهدة على بطش الاستعمار، وكذا شهود عيان أمثال إبراهيم سليماني، الذي أوضح أن الاستعمار كان يقتل كل يوم والشعب يردم وكان يرحل الخيام وتجميع العائلات وتفتيشهم كل يوم، واعتقال وقتل الكثير منهم. وللعلم يقول المؤرخ محمد بوكرابيلة، إن هذه الأحداث المؤلمة مؤرخة بالصوت والصورة، لمن عايشوا حقبة الإستدمار الفرنسي، كما يضيف محدثنا أن منطقة أولاد نهار، شهدت معارك طاحنة على غرار معركة تنوشفي الأولى والثانية، أين تكبد العدو خسائر جمة، ولازال المجاهد بوعزي الشريف، يتذكر تلك المعارك، وعادة ما يذكر بها تلاميذ وطلبة الجامعة، لأن التاريخ سجل الزمن. كما شهدت المنطقة معارك طاحنة أخرى كمعركة الحيرش ومعركة خليل ودار المحلة وغيرها، هذا وكانت منطقة أولاد نهار، قد فقدت في السنوات الأخيرة، عددا هائلا من المجاهدين على غرار القائد الثوري الحاج صالح نهاري وحنفي التاج وشوقور ميلود وسايل أحمد وأحمد بلال وغيرهم، دون تسجيل شهاداتهم. وعليه يبقى على الجهات المعنية لاسيما مديرية المجاهدين التحرك، لتسجيل شهادات من عايشوا الحقبة الاستعمارية، لتلقين المعاناة لأجيال المستقبل.