قرر المسؤولون على مستوى بلدية وهران التقليل من حجم النشاطات والمراسيم الرسمية على مستوى مقر البلدية نتيجة الانهيار الخطير الذي حدث الأسبوع المنصرم بمكتب الأمانة العامة للبلدية، وقد أرجعت أسباب هذا الانهيار إلى قدم البناية وأشغال الحفر الجارية على مستوى شارع معطى محمد الحبيب والمتعلقة بمشروع (الترامواي) وكذا ساحة الأمير عبد القادر (بلاصدارم) سابقا. الجدير بالتنويه أن هناك انهيارات حدثت في الجهة القبلية لدار البلدية، مما أجبر المسؤولين على وضع متاريس وإشارات تحذير لفترة ما، ثم أزيلت مؤخرا خوفا على المارة الذين يعبرون الطريق خصوصا بمحاذاة مكتب مصلحة الحالة المدنية التابعة للقطاع الحضري سيدي البشير، وقد قامت المصالح التقنية منذ ما يربو عن خمس سنوات بدق ناقوس الخطر والتحذير من انهيار جزئي أو كلي وشيك لمقر البلدية التي يعود تاريخ بناؤها إلى العهد الاستعماري، ولكن لم تتخذ أية إجراءات لترميم البناية لتفادي وقوع كارثة حقيقية، رغم أن مسلسل الانهيارات لم يتوقف منذ سنوات عديدة، وما عرفته من أشغال لا يمكن في أي حال من الأحوال إطلاق عليها اسم ترميم بل كانت مجرد محاولات ترقيع ما أفسده الدهر وعوامل الإهمال بفعل الإنسان، ولم تتخذ أية قرارات لحماية مقر بلدية وهران من خطر الانهيار وبذلك ستفقد وهران أحد أهم معالمها التاريخية وأشهرها على الإطلاق بطرازها المعماري الفريد من نوعه، الذي يرجع إلى سنة 1886 تاريخ تدشين المبنى الذي أضحى يستدعي تحركا عاجلا من قبل المسؤولين حتى لا يلقى نفس مصير 2000 بناية هي مصنفة في خانة السكنات المنهارة وغير الصالحة للسكن، ومع ذلك منها من لا يزال قائما ولم يتم إزالته أو تهديمه برغم أن سكانها غادروها منذ سنوات، فيما باتت تشكل حوالي 45.000 بناية في مدينة وهران وتتمركز جلها في وسط المدينة خطرا قائما على سكانها وتهدد بالانهيار في أية لحظة، وهذا كله يرسم مشهدا قاتما عن وضعية النسيج العمراني في مدينة تعتبر ومصنفة كثاني عاصمة للبلاد. وما يحدث حاليا لدار البلدية التي اشتهرت على مدار السنوات وكانت ولا تزال إلى يومنا هذا قبلة للزوار والسياح الذين يحجون للمكان قادمين من كل حدب وصوب، ليأخذوا صورا تذكارية أمامها وذلك بسبب طرازها المعماري الفريد وكذا تمثال الأسدين اللذين يزينان مدخلها الرئيسي، وهما من إنجاز النحات الفرنسي الشهير آن ذاك (أوغست نيكولا كايان)، وهذا الواقع المزري يدعو للأسف والتساؤل في آن واحد، هل قدر لوهران أن تفقد معالمها الأثرية وكنوزها المعمارية تباعا؟ فبعد قصر الثقافة (زدور ابراهيم بلقاسم) الذي تسبب إهماله ومن ثم محاولة ترميمه التي استهلكت تسعة ملايير سنتيم ولم تنطلق بعد منذ 2008، ليبقى مصيره معلقا ومجهولا وهناك خشية في أن يؤول مصير دار البلدية إلى ذات الوضعية المأساوية.