يواجه سكان بلدية عين بن بيضاء بقالمة، جملة من المشاكل التنموية التي حالت دون تحقيق أهدافها مع مرور السنوات، في الوقت الذي خصصت فيه الدولة برامج تنموية بميزانية ضخمة تهدف إلى تحقيق تنمية متوازنة وتحسين الواقع المعيشي للمواطن، بالرغم من أنها فلاحية من الدرجة الأولى ودخلت في برنامج عملية استصلاح الأراضي، إلا أن ذلك الامتياز لم ير النور بفعل صعوبات يواجهها المستفيدون. كانت هذه البلدية التي تقع بأقصى الشمال الشرقي على مسافة 55 كلم، يفوق عدد سكانها 9492 نسمة، وبوعاء انتخابي يقدر حسب آخر الإحصائيات ب 6270 ناخب بينهم، وتتربع على مساحة إجمالية تقدر ب 19300 هكتار، وهي بلدية ذات طابع فلاحي ولها دخل جد محدود، كما تتوفر على ما يزيد عن 07 مشاتي ومناطق ريفية بعضها لازال مهجورا منذ العشرية السوداء التي هجّرت جبرا الآلاف من سكانها ما تسبب في أزمة سكن حادة، فيما تسبب نزوحهم في ترك فلاحتهم وأرزاقهم ومواشيهم ناهيك عن آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية، التي تحولت إلى مراعي غير مستغلة تماما. استفادت بلدية عين بن بيضاء على غرار المناطق الأخرى مثل بلدية مجاز عمار وعين احساينية وغيرها، من مشروع استصلاح الأراضي الزراعية على غرار مشروع منطقة نوادرية الذي يتربع على أزيد من 500 هكتار، في إطار عقد الامتياز المنصوص عنه في التشريع المعمول به، وقد سخرت هذه المساحة المعتبرة كبساتين للأشجار المثمرة بمختلف أنواعها مثل الزيتون،الكروم، المشمش والعنب، وقد تحصل من خلالها أكثر من 100 مستفيد على قطع أرضية مستصلحة في إطار البرنامج المذكور سالفا، وهو المشروع الذي استنزف أموالا طائلة، بات يعاني من الإهمال لقلة الإمكانيات اللازمة للمستفيدين الذين عبر لنا البعض منهم بأن المنطقة تتميز بتضاريس تتطلب إهتماما خاصا، وأموالا كبيرة من أجل المتابعة المستمرة للأشجار المثمرة التي تم غرسها بعد استصلاحها، ورغم ذلك فإن الجهات المعنية تعتبر أن المشروع ناجح إلى حد بعيد بالنظر إلى طبيعة المنطقة والجهود القائمة رغم قلة الإمكانيات من أجل النهوض به وإنجاحه، هذا المشروع الذي استفادت منه بلدية عين بن بيضاء يتطلب نوعا من الاهتمام فقط من قبل القائمين على مثل هذه المشاريع ورفع مستوى التكفل والدعم الذي ينتظره هؤلاء المستفيدين على حد تعبيرهم، لدفعه وجعله موردا هاما من شأنه توفير دخلا معتبرا لتنمية الاقتصاد المحلي ويساهم إلى حد متوسط في تقليل البطالة. خدمات صحية شبه منعدمة وغياب مصلحة للاستعجالات المتتبع للشأن الصحي ببلدية عين بن بيضاء التي استفادت من مشروع إنجاز مرفق صحي يدخل في إطار الصحة الجوارية، وذلك قبل نحو 15 سنة خلت كلفت الخزينة العمومية الملايير تتماشى بمقاييس ومتطلبات الحياة الصحية، حيث والملاحظ أن مخطط المؤسسة يمكن أن يحوي عديد المصالح على غرار قاعة التوليد، الاستعجالات، الأسنان وغيرها من الخدمات اللازمة والضرورية في حياة المواطن، لكن وإلى حد اليوم المؤسسة تقدم أدنى الخدمات الصحية، والتي هي الأخرى غير موجودة بالقدر المطلوب لغياب أدنى الوسائل في كثير من الأحيان، إذ أنها لاتحتوي على مصلحة الاستعجالات ونقص التجهيزات كأجهزة الأشعة التي تم اقتناؤها منذ سنتين وبقيت دون إستعمالها والانتفاع منها بالرغم من أن حاجة المواطن إليها أكثر من ضرورة، لأن سكان عين بن بيضاء عبروا عن عمق أسفهم واستيائهم من هذه الوضعية التي قالوا عنها أنها غير مقبولة، في الوقت الذي تصرف فيه الدولة بالملايير من أجل تحسين الخدمات الصحية للمواطن، ولكن يبدو أن الأمر يقول سكان عين بن بيضاء مقتصر فقط على سكان المناطق القريبة من المقرات الرئيسية ..هذا ويقطع المواطن بهذه البلدية النائية التي تقع على الطريق الوطني رقم 16 الحيوي الرابط بين ولايتي عنابة وسوق أهراس مسافات من أجل الاستفادة من أدنى الخدمات الصحية، خاصة ليلا سواء التنقل إلى الجهة الجنوبية نحو دائرة بوشقوف 25 كلم أو 15 كلم إلى الجهة الشمالية بلدية الذرعان بولاية الطارف، لتبقى مشكلة الخدمات الصحية بعين بن بيضاء من أكبر المشكلات والاهتمامات التي تتطلب حلولا عاجلة. سكان الأحياء يطالبون بالتهيئة وإنهاء المعاناة ..أما عن وضعية الأحياء بهذه البلدية، فلم تستفد من عمليات التهيئة للأحياء الواقعة في البلدية منذ سنوات الثمانينات، وهو ما أكده السكان بقولهم:«إن أحياءنا غارقة في الأوحال شتاء ومليئة بالحفر صيفا، وأين حضنا من التهيئة..التي تحولت إلى حفر يصعب علينا التنقل بينها”. مضيفين: “لقد سئمنا الحياة في مثل هذه الأحياء” وطالب هؤلاء بتهيئتها وتحسين وضعها المتدهور. وقال السكان أن التهيئة مست بعض الشوارع الرئيسية فقط، مطالبين بتعميم التهيئة على كافة الاحياء. أزمة المياه تبقى قائمة ومشروع المياه العذبة حلم السكان لا زالت مشكلة المياه بعين بن بيضاء هي الأخرى واحدة من أهم الانشغالات اليومية للسكان أين أبدي بعض المواطنين استيائه من الوضعية التي تزداد تأزما خاصة خلال فصل الصيف، حيث أن توزيع المياه يتم كل ثلاثة أيام غير أنها مياه شديدة الملوحة يستعملها السكان للحاجيات اليومية الأخرى كالغسيل، وهو ما أجبرهم على شراء المياه العذبة من الباعة المتجولين عن طريق الصهاريج المتنقلة، والتي هي الأخرى سببت مشكلة للسكان من جانب نوعية المياه غير المراقبة تماما من قبل المكتب البلدي لحفظ الصحة، ناهيك عن الإزعاج الذي تسببه شاحنات بيع المياه للسكان والأمراض التي تسببها نوعية المياه أحيانا ..ورغم استفادة البلدية من مشروع ضخم لجلب المياه العذبة من سد بوهمدان بقالمة مرورا ببوشقوف ووادي فراغة، والذي كلف خزينة الدولة الملايير لصعوبة تضاريس المنطقة ذات الطابع الجبلي والصخري، إلا أن السكان عبروا لنا: “أننا لم نذق طعم المياه العذبة يوما رغم أن المشروع مرت على الانتهاء منه أكثر من 03 سنوات، ليبقى السؤال مطروحا عن جدوى مثل هذه المشاريع الكبرى لتحل الحشرات محل المياه في أنابيب مشروع جلب المياه العذبة لعين بن بيضاء. المعاناة مع الغاز متواصلة جزء آخر من فصول معاناة سكان بلدية عين بن بيضاء مع قارورات غاز البوتان، رغم وجود غاز المدينة ببلدية بوشقوف على بعد 20 كلم جنوبا وبلدية الدرعان 10 كلم شمالا، كما أن أنبوب الغاز المار إلى إيطاليا والذي تجري به الأشغال حاليا والمار عبر بلدية بوشقوف لا يبعد عن مقر بلدية عين بن بيضاء سوى بنحو 16 كلم، فالغاز يقول السكان يحاصرنا من كل مكان ولكننا لم نستفد بعد من غاز المدينة؟ هي أسئلة نريد الإجابة عنها من قبل السلطات المعنية يضيف أحدهم. وحسب بعض المصادر المطلعة على شأن التنمية، إن بلدية عين بن بيضاء برمجت ضمن 16 بلدية عبر تراب ولاية قالمة من أصل 34 بلدية سيتم تزويدها بغاز المدينة، ولكن وحسب ذات المصادر تم إلغاء التزويد بهذه المادة الحيوية السنة الجارية 2012، كما كان مقررا تم إرجاؤها إلى غاية سنة 2013، الأمر الذي زاد من تذمر السكان واستيائهم، معبرين عن أسفهم لهذا التأخر. مشاتي هٌجرت أيام العشرية السوداء وأصحابها يطالبون بالعودة طالب العديد من سكان قرية سيدي جميل، مزرعة مختاري وغيرها من المشاتي السبعة للبلدية بالعودة إليها، بعدما عرفت هجرة كبيرة خلال العشرية السوداء، والتي يراها السكان منبع هام لتحريك التنمية، بالنظر إلى طبيعتها الفلاحية والكثير من أراضيها غير المستغلة، غير أن المستغل منها لا ترق استغلاليته إلى المستوى المطلوب لارتفاع التكاليف، على غرار قرية سيدي جميل التي تعتبر واحدة من أكبر المشاتي التابعة لبلدية عين بن بيضاء، وتتربع على أكثر من 1000 هكتار من الأراضي منها الزراعية والرعوية، وتساهم في توفير ثروة حيوانية كبيرة، كما أنها منطقة محمية من قبل محافظة الغابات بالنظر كذلك إلى طابعها الغابي وسمعتها التاريخية جانب آخر لأهميتها، أين كانت شاهدة على أكبر المعارك بالمنطقة ضد المستعمر الفرنسي، وأنجبت الكثير من الأبطال الذين دافعوا عن هذا الوطن الأبي إبان الثورة الكبرى أمثال مهدي شعابنة، وآخرون..وسلسلة جبال هوارة أيضا واحدة من المناطق التاريخية التي يسجلها التاريخ بأحرف من ذهب لدورها الكبير، فسكان هذه المنطقة ومشاتي عين بن بيضاء المهجورة يطالبون السلطات المعنية بمشاريع قارة من شأنها أن تضمن عودتهم لخدمة أراضيهم والاستثمار فيها وفي غاباتها، من خلال العودة إلى تربية الحيوانات وغيرها من النشاطات التي عرفت بها المنطقة منذ عقود. كما أن سكان قرية سيدي جميل رفعوا طلبهم الخاص بالطريق الرابط بين بلدية عين بن بيضاء وولاية قالمة، والذي يوجد في وضعية غير ملائمة تماما ولم تتم تهيئته منذ الثمانينات، وهو طريق حيوي خاصة مع مشروع الطريق السيّار، إذ يمكن لهذا الطريق الممتد على مسافة تزيد عن 35 كلم أن يحل مشكل كبير لحركة المرور في الوقت الراهن من قالمة إلى الطريق الوطني رقم 16 الرابط بين ولاتي عنابة وسوق أهراس ..فسكان مشاتي البلدية لايزالون يأملون في إعمار وتعمير مناطقهم، التي تربوا فيها وخسروا فيها الكثير من الممتلكات عندما هجّروا سنوات التسعينيات بسبب مشاكل الأزمة الأمنية التي عصفت بالبلاد، خاصة منطقة سيدي جميل. والحديث عن هذه المناطق يقودنا كذلك إلى الحديث عن مزرعة مختاري عبد المجيد التي هجرها سكانها هي الأخرى وتبعد عن مقر بلدية عين بن بيضاء ب 04 كلم فقط وذات موقع جد استراتيجي، وتتوفر على آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية الخصبة، أغلبها ذات تربة سوداء كما تبعد عن المحول الرئيسي للطريق السيّار شرق –غرب سوى ب 400 متر، فكل هذه الإمكانيات الهائلة تتطلب استغلالا أمثل من أجل وضعها في حيزها المطلوب.