تتنامى مقاهي الأنترنت بشكل مستمر ودائم، فالفرد الجزائري بمختلف فئاته ومستوياته يلجأ إلى هذه الوسيلة من أجل أهداف مختلفة فمنهم من ينكب على الدراسة والبحث ومنهم من يستهويه الإتصال والتعارف، ومنهم من يريد الترفيه عن نفسه بالتسلية واللعب ومنهم من يدفعه فضوله لزيارة المواقع الإباحية فيصبح أسيرا لها وهو موضوع تحقيقنا، أين نسلط الضوء على ظاهرة حساسة ملفتة للانتباه. بعد انتشار مرض الإيدز في الغرب، اعتمد تجار البورنو (مجلة أمريكية) شعارا لجذب الناس يقول: “إختبر الجنس على الأنترنت من دون مخاطر”، فبكبسة زر ينتقل المشاهد من موقع لآخر وفي كل منها ما يفوق خياله وتصوره، لأنّ هذه المساحات الافتراضية تنتهك الأعراض وتكشف المستور من الأشياء، وهي بهذا تكون قد جعلت باب الجنس والشهوة مفتوحا على مصراعيه أمام العالم بأسره... والفرد الجزائري على اختلاف فئاته من المستهلكين لهذه المواد الإباحية التي غرضها إثارة الغرائز وتحريك المكبوتات الكامنة في نفس كل واحد من البشر وهو ما يدفعنا لطرح التساؤلات الآتية: ما هي المضامين الموجودة في هذه المواقع الإباحية، ومن يقف وراء هذه الصناعة الخلاعية؟ ما هي الأسباب التي تدفع الفرد الجزائري لدخول العالم السري للأنترنت؟ وهل يتقبل الشعب الجزائري باعتباره شعبا مسلما وذا عادات وتقاليد صارمة فكرة أن تقتحم هذه الصور المشينة مجتمعه، أم أنه يعمل جاهدا على محاربتها وعلى وقاية أبنائه منها؟ من ترقية الانسان إلى معول لهدم الأخلاق لعل أهم ما يميز عصرنا الحاضر أنه عصر انتشار الوسائل التكنولوجية الحديثة، ولعل الدخول إلى عصر المعلوماتية بجميع التحديات يحتاج إلى جهود لتهيئة النفس والآخرين لمواجهة هذا التحدي الكبير، والقضاء على التخلف وبالتالي كسر الحاجز التكنولوجي الوهمي بين الفرد والكومبيوتر، وبما أن الأنترنت من الوسائل الحديثة فإن هدفها الأول والأخير من المفروض أن يكون ترقية الإنسان وتسهيل حياته ورفعه إلى أعلى مستويات التطور والتقدم، وهذا أمر مسلم به ولا يمكن إنكاره، إذ أنها اقتحمت جميع المجالات وفرضت وجودها في جميع المجتمعات وجعلت العالم مجرد قرية صغيرة على حد قول “ماكلوهان” ولهذا فإنها تساهم بنصيب كبير في تلوين أذواقنا الفنية واختياراتنا الحضارية.. إلخ، وظاهريا تبدو لنا هذه الوسيلة نعمة ووصفة سحرية، لأنها توفر عنا عناء التعب ولكن ما يثير الدهشة والعجب هو إدخال مواقع إباحية تعمل على نشر ثقافة الجنس وتحريضها، ولهذا يتحدث اختصاصيو التربية والنفس اليوم عن احتمال أن تغير هذه المساحات الإفتراضية الجديدة للأسس الأخلاقية تغييرا جذريا بإنتهاكها للأعراض وترويجها للصور الخليعة المحرضة على الدعارة، وليس كل ما يتعلق بالجنس على الانترنت عبارة عن صور لأجساد عارية أو ما شابه ذلك من مجون، بل هناك مواقع الاختصاصيين بالجنس أو النفس والتي تتضمن النصائح لمن يرغب في معالجة نفسه وهناك أيضا أماكن للتعارف يستعملها المنعزلون والمنطوون، وفي هذا الصدد يقول المختص النفساني “أ.عبد الحميد”: “إن المواقع الخاصة بمعالجة المدمنين على العالم السري للانترنت فيها فائدة عظمى، لأن المريض يحس براحة كبرى نظرا لكونه مجهولا بالنسبة للطبيب المعالج، وهو ما يرفع عنه الحرج ويجعله يفصح عن مشكلته بكل عفوية وتلقائية”. صناعة للخلاعة والربح بالملايين لم يكن السيبر جنس كما يسمى متاحا لولا التقدم التقني الهائل الذي عرفه القرن الماضي في نهايته، وعليه باتت صناعة الإباحية مصدر الثراء الأول في العالم، لأنها تدر الربح الأعلى، وحسب ما تشير إليه الاحصائيات فإن معدل دخول المواقع الجنسية على الشبكة يفوق كل تصور إذ يقدر ب 3 أشخاص من كل 4 موصولين بالشبكة. بهذا الشأن، يقول “ح. جمال” صاحب مقهى بالعاصمة: “معظم الذين يقصدون المحل يزورون المواقع الإباحية.. هناك ربما 1٪ فقط ممن يدرسون بجدية”. ويعتبر -لاري فلنت- صاحب مجلة البورنو الأمريكية ملك الصحافة الخلاعية، لأنه حقق نجاحات باهرة وأضاف إلى نجاحاته الصحفية النجاحات التي حققها على مستوى الأنترنت بافتتاحه متجرا للجنس بمساحة ألف متر مربع تحت شعار: “استرح انه مجرد جنس”، ويزور موقعه حوالي 008 شخص يوميا وهناك أيضا الأمريكي سيث وارشفسكي، الذي يلقبونه هو الآخر بملك تجارة الجنس، لأنه يملك وحده أزيد من 24 ألف موقع يزورها أكثر من 23 مليون مشترك عالمي، وهو ما يؤكد بأن السيطرة في هذا المجال أمريكية خالصة، وتتركز صناعة الأفلام الخليعة في لوس أنجلس ويتم تصوير العشرات منها يوميا ثم تدفع إلى الأنترنت، ليتم بثها حسب الطلب بسعر يقارب 25 دولارا أو أكثر وهو خير دليل على أنها تجارة مربحة والعمل فيها جدي لتقديم مضامين أكثر إثارة ومتعة. إن أرباح هذه التجارة تفوق المليار دولار سنويا وهو في ازدياد مستمر مع ارتفاع عدد المشتركين بالإضافة إلى هذا هناك مواقع مجانية تكتسح السوق أهمها يبلغ عدد زبائنه 59.8 مليون زائر، ومن ثمة تم اثبات وجود 45 ألف موقع إباحي ما بين محترف وهاو في العالم هدفها تحقيق الربح السريع والثروة. البداية فضول ثم إدمان أثناء سؤالنا عن الأسباب التي تدفع الأفراد إلى دخول مثل هذه المواقع الخلاعية، أجمع الكثيرون ممن أدلوا برأيهم حول الموضوع بأن الإدمان على هذه المواقع في وسيلة الانترنت يبدأ من مجرد فضول، ثم يتحول إلى عادة وكلما أبحر الفرد في تلك الفضاءات الجنسية كلما ازدادت رغبته في معرفة الجديد، وقلّ احتمال ابتعاده عنها وهذا ما قاله المراهق “س.عيسى”: “الكمبيوتر كان ملاذي الوحيد.. كنت أعشق البحث والعمل بجدية وحين وقعت عيني بالصدفة على موقع يحمل اسم AMOUR أردت أن أعرف ما فيه من باب الفضول، ولكن حين أبحرت فيه لم أستطع الخروج منه وأهملت دروسي وأصبحت عبدا لتلك الصور العارية”. أما المراهقة “ع.شهيرة”، فتقول: «فضول دقيق يورث الندم للأبد، فأنا دخلت لموقع إباحي من أجل التأكد فقط مما سمعته من صديقاتي ولكن للأسف ها أنذا أقضي وقتي أتنقل من موقع لآخر وهو ما غير من طباعي وأخلاقي”. أكذوبة التثقيف الجنسي يزعم الكثيرون بأن لهذه المواقع الإباحية فائدة كبيرة في إثراء الحياة الجنسية وجعل الفرد على معرفة واسعة ودقيقة بتفاصيل علاقته بنصفه الآخر، متجاهلين بأن هذه الصور الخليعة التي يرونها ما هي إلا فساد ومجون وسلاح قذر أشهره في وجهنا أعداء الإسلام الذين يريدون لنا الذل والهوان لنبقى كالبهائم -أعزكم الله- لا نفكر إلا في الأكل والتكاثر ونغفل عن جانب البحث والعلم والمعرفة لنترك لهم الريادة والسيادة والتفوق، يقول السيد “ع. عبد الحكيم: “أنا متزوج وأب لثلاثة أطفال ولكني صرت مدمنا على هذه المواقع ولا أستطيع مفارقتها وأصرف كل أموالي في سبيل إثراء حياتي الجنسية”. هذا يبدو عاديا نوعا ما ولكن ما يثير الغرابة هو شيخ في العقد السابع من عمره وجدناه بالصدفة في احد المقاهي الالكترونية بالعاصمة فقال بلا حياء: “أنا أزور تلك المواقع بكل شغف ولا أحد يستطيع الإنكار بأن قلب الشيخ شاب ولو في السبعين”. وليس الذكر فقط من يمتلكه حب المعرفة الجنسية فالأنثى أيضا أكثر حرصا منه على التحصيل، وعن الموضوع تقول فلة، ذات العشرين ربيعا: “نعم أنا أزور المواقع الإباحية وأفضل الصور التي تجمع بين الجنسين، لأني أحب أن أعرف كل ما يتعلق بالجنس وبالحياة المشتركة بين الرجل والمرأة”. خلافات زوجية بسبب المواقع الإباحية! إن المتنزهين في حقل المواقع الإباحية تقع أعينهم على ما لا يتصوره عقل بشر من صور عارية ومكشوفة تثير الشهوة وتقويها، وليست الأجساد المعروضة على شاشات الانترنت أجسادا عادية، بل هي أجساد دفع أصحابها من كبار النجوم العالميين الملايين من أجل تقويمها وتعديلها وتحسينها لتظهر أكثر جمالا وجاذبية، وعليه فإن المتزوج المطلع على تلك الصور الخليعة يذهب تفكيره مباشرة إلى شريكه ويقارنه بما يرى، وهو ما يشعل نيران الفتنة في الأسرة فتنقلب الحياة الزوجية رأسا على عقب، بحيث يصبح الزوج غير راض عن زوجته، لأنه رأى أجسادا لنساء مغريات أكثر دلالا ورشاقة ونعومة من زوجته، وتصبح الزوجة غير راضية عن زوجها، لأنها رأت أجسادا لرجال وسيمين عضلاتهم بارزة ومعاملتهم هادئة ولطيفة.. الخ. والفرد الجزائري أضحى في مهب الريح بسبب هذه المواقع الخلاعية التي تعصف به وتهدد كيان أسرته، وهو وإن كان غير راض عن نفسه لما يشاهد من محرمات، إلا أنه غير راض أيضا عن الشريك. وللمتزوجين رأي في الموضوع، يقول السيد “س.عبد النور”: “كلما زرت موقعا إباحيا تشاجرت مع زوجتي، لأني أراها ناقصة”. ويقول اليسد “ر. بلال”: “من المخجل أن أعترف بهذا ولكني فقدت الرغبة في زوجتي ولم أعد أحتملها، لأنها نحيلة جدا وغير مثيرة”. هذا عن الرجل، أما المرأة المتزوجة فهي حتى وإن كانت غير راضية عن زوجها إلا أنها لا تبين له ذلك في الكثير من الأحيان، تقول نعيمة: “لقد سحرني جسم توم كروز إلى درجة أني صرت أرى زوجي بلا قيمة ولكن في النهاية لا أستطيع منعه نفسي، لأني حريصة جدا على مستقبل أولادي”. ..وللانتقام وجه آخر على الشبكة تزدحم خطوط الأنترنت بصور العاريات المقتطعة من المجلات الخلاعية وبمواقع يتم الجمع فيها بين الصوت والصورة، ويصبح الأمر أكثر إثارة وحميمية، وعليه فإمكانات التزييف والحذف والإلصاق والتزوير التي تتيحها الشبكة، بالإضافة إلى سهولة البث وقلة التكلفة حولت الأنترنت إلى ميدان لأفكار العابثين والمنحلين أخلاقيا الذين يبحثون عن الانتقام الشخصي بأبشع الطرق، فهناك مواقع عديدة على الشبكة تعمل على نشر هذا المجون مثلا موقع “الحبيبات السابقات” الذي يعتبر فضاء خلاعيا يمرر فيه بعضهم صور حبيباتهم عاريات للانتقام منهن بعد الانفصال أو الخيانة. وهذه الناحية مقلقة للغاية ومؤذية وفيها انتهاك للحرمات وللشرف ومس بالكرامة الانسانية وتزييف للحقائق والمشاهد والصور. يقول نبيل وهو طالب في الثانوية عمره 19 سنة: “لقد خانتني حبيبتي، لذلك كرهت المدرسة وصارت بالنسبة لي سجنا أتذكر فيه طيف فريال.. أنا الآن أزور المواقع الإباحية ليس بحثا عن المتعة وإنما رغبة مني في الانتقام، فلدي صور عديدة لها وبإمكاني قص رأسها فقط ولكن حبها يمنعني”. ولم يتوقف الأمر عند الحبيبة أو العشيقة، بل تعداه ليطال المعلمات وهذا ما ذكرته الآنسة وهيبة: «لقد قرأت في احدى المجلات ان طالبا تركيا في 16 من عمره أنشأ موقعا باسم معلمة اللغة الانجليزية التي يكرهها، حيث روى فيه تفاصيل حياتها الجنسية من نسج خياله بالاضافة إلى جعلها تبدو عارية”... وعليه صار للانتقام وجه آخر أكثر إهانة وتحقيرا وهو أشد إيلاما من طعنة خنجر في الصدر. نسبة الشواذ في ارتفاع مستمر أكد “م.طيبي” مختص في علم الاجتماع ان نسبة الشواذ في الجزائر، عرفت ارتفاعا مذهلا في السنوات الأخيرة مقارنة مع ما كانت عليه من قبل ومعظم هذه الحالات من متتبعي التكنولوجية الرقمية والأنترنت. “تشير الإحصائيات بأن نسبة الشواذ تفوق 0621 حالة شاذة نظرا للتفتح على الجنس الذي تروج له الفضائيات الغربية والانترنت بعالمها السري الخليع”. وهذا الشذوذ تفشى بصورة مقلقة للغاية وصار مصدر إزعاج للكثيرين، حيث تقول الآنسة “ع.عبلة” طالبة جامعية «صديقتي من المولعات بالمواقع الجنسية.. كانت على استقامة وخلق ولكن سرعان ما تغيرت تصرفاتها وأصبحت لا تطاق.. انها تغمرني يوميا بوابل من الغزل وتقبلني وتحاول ملامسة أعضائي.. في البداية أردت الابتعاد عنها ولكن ساءني حالها فأردت مساعدتها ونصحها لتعود كما كانت”. أما السيدة “ب.زهرة” فتقول “مديري في العمل مدمن على الانترنت وهو يتحرش بالموظفين والموظفات، وحين لا يجد استجابة يلجأ إلى الطرد والسب والشتم”. ولا يمارس الشذوذ على الآخرين فقط، بل هناك من يمارسه على نفسه، حيث تقول المراهقة “أ.لامية”: “أنا أمارس العادة السرية منذ 3 سنوات وقد أدمنتها بعد إدماني على الأفلام الخليعة في البارابول وبعد دخولي كذا مرة للمواقع الجنسية في الانترنت”. وقد تجاوز الشذوذ حدود المعقول وأصبح المنحرفون يبحثون عن أي شيء لإخماد نار شهواتهم التي تتحكم فيها أيادي عابثة إلى درجة أن بعضهم أصبح يفكر في تغيير أعضائه بجعلها أنثوية أو ذكرية حسب الطلب، تقول “ع. وريدة ”لدي ابنة مترجلة، لأنها تربت وسط 5 إخوة ذكور.. منذ فترة بدأت تتحدث عن أشياء غريبة فهي تريد إزالة ثدييها والقيام بجراحة تجميلية لتبدو ذكرا حقيقيا وهو ما أصابني بالرعب وحين راقبتها جيدا عرفت بأنها تتلقى هذه الأمور من الانترنت فأبعدت جهاز الكمبيوتر من غرفتها”. هو الفضول إذا والرغبة في إثراء الحياة الجنسية والبحث عن اللذة والمتعة والميل إلى الانتقام بأبشع الصور، ما يدفع الأفراد لتلقي تلك المضامين الإباحية. وإذا أمعنا التفكير في هذه الأسباب وجدناها مجرد مبررات لدخول عالم عواقبه وخيمة، فهو وبلا أدنى شك يحرض الرغبة، ويحرك الشهوة ويجعل ميل الجنسين لبعضهما البعض أكثر اندفاعا من ذي قبل، وهو ما يترتب عنه الوقوع في الحرام والزنا وكثرة الأولاد غير الشرعيين وانعدام الحياء وأخذ صورة خاطئة عن الجنس والغاية منه، وبالتالي ينزل الإنسان إلى مرتبة الحيوان ويسقط من برجه العاجي ليقع في مستنقع الرذيلة. مواقع شاذة بأسماء بريئة! هناك مواقع خاصة بالمنحرفين والشواذ تختبئ تحت أسماء بريئة لا تدل على مضمونها، وهي بمثابة مصيدة حقيقية يقع فيها الكثيرون ممن يقصدون الشبكة، والمستهدف الرئيس هم الأطفال الذين يتم التحرش بهم من طرف مرضى الضمير والأخلاق المنتظمين في مجموعات يتم اللقاء فيما بينهم في شبكات تحمل أسماء مستعارة وطرقا جانبية للمرور عبر الشبكة بحيث يكون الوصول إليهم أشد تعقيدا مما نتصور ومع ذلك يتم الولوج في هذه المواقع عن طريق الخطأ والغفلة ليتفاجأ المتصل بصور إباحية لم تخطر على بال، لأنه في رحلة تجواله بين المواقع قد يصادف موقعا بسيطا ومندسا بين المواقع الكبرى وبمجرد الدخول إليه يدرك على الفور بأن مضمونه أخطر من إسمه، وهذا ما أشارت إليه السيدة “ل.وردة”: “حقا هناك مواقع صغيرة وتافهة لا تدل مطلقا على محتواها فمثلا وخلال بحثي في الأنترنت وجدت موقعا يحمل إسم “بابي” فظننت بأنه موقع خاص بتربية الأطفال وما شابه ذلك ولأني كنت حاملا أنذاك أردت الإطلاع على ما فيه علّني أجد فيه ما يساعدني على رعاية طفلي ويا للهول، لقد رأيت صورا جنسية لأطفال لا يتعدى عمرهم أشهرا وهو ما أصابني بالدهشة وبالغضب”. كيف نحمي أبناءنا من مخاطر الأنترنت؟! أمام هذا الشذوذ المقلق والإنحراف الكبير، يتساءل الآباء عن كيفية حماية أطفالهم من الخطر المتربص بهم، خاصة مع استحالة الرقابة على الأنترنت، إذ يصعب حصر المواقع كلها بما فيها المواقع التي تحمل أسماء بريئة ومستعارة، تقول السيدة نادية “الانترنت وسيلة مهمة للغاية ولا أستطيع منع أبنائي من الاتصال بالشبكة، لأنها تعينهم جدا في أبحاثهم ودراستهم وأنا خائفة جدا من جانبها السلبي”، أما السيد (ل.محمد) فيقول: “لا أسمح مطلقا لإبني بدخول الشبكة، لأني أعلم جيدا حجم مخاطرها، سأبحث له عن كل ما يريد إلى أن يصبح راشدا وإلى ذلك الحين أتمنى أن يكون هناك تحكم في المضامين ومراقبة صارمة”. هي إذا مخاوف لها دافع قوي وقوي جدا، فغياب التشريع المناسب يشكل خطرا على الأجيال القادمة بمن فيهم الأطفال والمراهقين. والباحثون طبعا في معركتهم ضد المجون يبذلون قصارى جهدهم لتحديد البرامج الخاصة بالأطفال وهذا ما فعله باحثو شركة مايكروسفت العالمية الذين أوجدوا برنامجا جديدا يحمل اسم “مايكروسفت فوركيدز”، لا يسمح للأطفال بدخول مواقع أخرى غير محددة لهم وذلك بمتابعتهم أثناء اتصالهم بالشبكة لتحذيرهم من الأمور السيئة حتى لا يقعوا فريسة لعديمي الضمير ممن يحاولون استغلال البراءة. أما المصانع الغربية فقد اهتمت هي الأخرى بالأمر وأنزلت فلاتر “مصافي” تعمل مباشرة فور اتصال مستعمل الانترنت بموقع ممنوع على القاصرين وتحاول بعض المنظمات المرتبطة بالأوساط الإباحية التأكد من أعمار الموصولين بالشبكة للتقليص من الأضرار. وما يمكن قوله بهذا الخصوص أن كل هذه الوسائل محدودة الفعالية وليس أمام الأهل من خيار سوى مراقبة أولادهم ونصحهم وعدم تجاهل أسئلتهم ولو كانت محرجة، لأن تجاهلها يعني ترك غموض بالنسبة لهم، وحين لا يجدون جوابا شافيا يبحثون عن أي سبيل لإرضاء فضولهم. ونحن كما نعلم في بيئتنا نتحفظ كثيرا بخصوص المواضيع الجنسية وقد عودنا أبناءنا “على أصمت، هذا عيب، هذا حرام”، والطفل من هذا المنطلق يتعلم التمرد، لأن كل ممنوع مرغوب وعليه لابد من فتح باب الحوار العائلي واحتضان الطفل واحتوائه وجعله مدركا لكل ما يتعلق بحياته حتى لا يتلقى معلومات خاطئة من مصادر غير موثوقة. هذا عن حماية أبنائنا فماذا عن حماية أنفسنا؟